أحال البرلمان الدنماركي، مساء أمس الثلاثاء، بأغلبية 139 صوتاً (من أصل 179 برلمانياً)، وزيرة الهجرة السابقة عن يمين الوسط، إنغا ستويبرغ، إلى المحاكمة، وهو أمر نادر الحصول منذ 1910، بسبب "مخالفة الوزيرة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، بعد أن وجّهت موظّفي وزارتها منذ 2016 بفصل الأزواج القادمين كلاجئين إلى الدنمارك، لا سيما السوريين، حال تبيّن أنّ أحدهما كان تحت الثامنة عشرة عند الزواج.
وتسبّبت شكوى تقدّم بها زوجان سوريّان إلى مراقب الدولة، بفتح تحقيق بعد فصلهما أحدهما عن الآخر، وتبيّن أنهما لم يكونا من المجبرين على الزواج، كما برّرت ستويبرغ طيلة السنوات الماضية، في أنّ هدفها كان دائماً منع زيجات القصر أو ما سمّته "زواج الأطفال".
وتواجه ستويبرغ لائحة من الاتهامات في محكمة وطنية خاصة بالوزراء والسياسيين لارتكابهم مخالفات أو إهمال في أداء الواجب.
ولطالما أثارت ستويبرغ، الكثير من الجدل حولها، طيلة السنوات الماضية، بسبب موقفها المتشدد من المهاجرين، وخصوصاً أولئك القادمين من الشرق الأوسط. وكانت تحتفل بقالب حلوى عليه 50 شمعة، كإشارة إلى 50 تشديداً أدخلته على سياسة الهجرة في بلادها. وتخلّى عنها حزبها "فينسترا" الليبرالي، بعد أشهر من وصولها إلى منصب نائبة رئيس الحزب، ليُصار إلى التصويت لإحالتها إلى المحاكمة.
وشهدت الدنمارك في 1993 محاكمة شبيهة لوزير العدل المحافظ آنذاك، إريك نين هانسن، لمخالفته القوانين وإصدار توجيهات سرية (بين 1987 و1988) بمنع لمّ شمل الأزواج من أصول تاميلية (من سريلانكا)، ووُجد هانسن مذنباً وحُكم عليه بالسجن 4 أشهر مع وقف التنفيذ.
وفي 2016، قامت ستويبرغ، بحسب لائحة الاتهامات، بإصدار تعليمات بفصل 23 من الأزواج اللاجئين، ومعظمهم بفارق سن بسيط، دون فحص فردي لكلّ قضية.
ويؤيّد حزبا "الشعب الدنماركي" و"البرجوازية الجديدة" اليمينيان المتشددان، قرار ستويبرغ، فيما بقية الأحزاب تجد أنها تستحق أن تمثل أمام المحكمة.
وشغلت ستويبرغ منصب وزيرة هجرة ودمج، في ظلّ حكومة يمين الوسط برئاسة، لارس لوكا راسموسن، بين 2015 و2019.
واستطاعت بدعم من اليمين الشعبوي المناهض للمهاجرين في البلاد، أن تُدخل 110 تعديلات قانونية متشدّدة بحق المهاجرين واللاجئين، استهدفت السوريين بشكل خاص باعتبار لجوئهم مؤقتاً، ولم تسمح للكثيرين بلمّ شمل أزواجهم قبل مرور سنوات على إقامتهم.
وتقديم "معلومات غير صحيحة أو مضلّلة"، هي إحدى التهم التي ستواجهها ستويبرغ عند استجوابها بعد الصيف المقبل، أمام محكمة مشكّلة من 15 من قضاة المحكمة العليا وعدد من البرلمانيين والمختصّين الدستوريين.
وعقّبت ستويبرغ على قرار البرلمان بالقول: "أغلبية برلمانية كبيرة تجدني مذنبة، ولكنني لم أقم بأي أمر غير قانوني".
وأكّدت في ردّها على البرلمان، اليوم الأربعاء، أنّها قامت بالشيء الصحيح، قائلةً: "نعم تدخلت وأؤكد أنّ ما فعلته هو الشيء الوحيد الصائب، سياسياً وإنسانياً".