الريف الصيني مهدد بطفرة كورونا

19 يناير 2023
قد تواجه الصين في موسم العام القمري الجديد أكبر تحدٍ مرتبط بكورونا (فيرنون يوان/ Getty)
+ الخط -

من المقرر أن تشهد الصين خلال اليومين المقبلين أكبر هجرة بشرية سنوية في العالم، وذلك أثناء الاستعداد لاستقبال رأس السنة الجديدة، حيث يسافر عشرات ملايين العمال والموظفين في شكل تقليدي في أنحاء البلاد للاحتفال مع أهلهم وذويهم. 
ويتوقع خبراء صحيون أن تحدث موجات من العدوى بمجرد بدء الرحلات اليومية. وقد حذرت السلطات الصحية المناطق الريفية من الاستعداد لمواجهة طفرة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا، ودعت إلى إنشاء عيادات خاصة وتعزيز القوى العاملة والإمدادات الطبية قبل بدء العام القمري الجديد، علماً أن موسم السفر الرسمي للعام القمري الجديد يمتد من 20 يناير/ كانوني الثاني الجاري إلى 15 فبراير/ شباط المقبل.

وقبل أن تتخلى الصين عن سياسة صفر كوفيد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لم يُسمح للمستشفيات والعيادات الريفية باستقبال المرضى الذين يعانون من أعراض مرتبطة بالفيروس، في محاولة لمنع انتشار الوباء في الريف بسبب سوء المنظومة الصحية، وعدم كفاية وكفاءة الكوادر الطبية.

وأعلنت الصين أخيراً تسجيل نحو 60 ألف حالة وفاة مرتبطة بفيروس كورونا، بعد تحول مفاجئ في التخلي عن سياسة "صفر كوفيد"، وهي أول حصيلة رسمية يتم نشرها منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ووفقاً للجنة الوطنية للصحة في البلاد، أصيب نحو 18 في المائة من السكان (نحو 248 مليوناً) بفيروس كورونا في أول عشرين يوماً من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بينهم 37 مليوناً في يوم واحد. 
وتشير تقديرات محلية إلى أن 60 في المائة من سكان البلاد سيصابون خلال الفترة المقبلة التي تتزامن مع عطلة عيد الربيع، أو ما يعرف بـ "رأس السنة الصينية"، علماً أن خبراء حذروا من أن البلاد مقبلة على أكبر تحدٍ منذ ظهور فيروس كورونا قبل ثلاث سنوات.
يوضح الطبيب في إحدى العيادات الريفية بمنطقة شانتو (جنوب) الصين، جياو فنغ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الصين تمتلك شبكة رعاية صحية خاصة بالريف تختلف عن نظيرتها في المدن والمناطق الحضرية، وتشمل العيادات القروية والمراكز الصحية والمستشفيات، لكنها جميعها غير مؤهلة للتعامل مع حالات الأوبئة وانتشار الأمراض". يتابع: "يقتصر العلاج في العيادات الصغيرة على الأمراض الشائعة باستخدام الأدوية والعقاقير المتاحة. وفي حال وجود حالات تستدعي المتابعة تُحال إلى المراكز الصحية، أما الحالات الشديدة فتنقل إلى المستشفيات مباشرة. والسلطات تدرك أن الريف غير مهيأ لاستقبال طفرة من الإصابات بفيروس كورونا".
من جهته، يقول وو تشين، العضو في نقابة الأطباء بمقاطعة غوانغ دونغ، لـ"العربي الجديد": "لا شك في وجود خلل في نظام الرعاية الصحية بالصين على صعيد التوزيع غير المتكافئ للإمدادات الطبية بين القرى والمدن. ففي الريف يوجد 0.9 طبيب لكل ألف مريض، بينما في المناطق الحضرية تصل النسبة إلى 4 أطباء لكل ألف مريض. أيضاً هناك نقص حاد في الموارد والمعدات والمرافق الطبية، ما دفع المسؤولين المحليين إلى تخزين الأدوية استعداداً لطفرة متوقعة في إجازة رأس السنة القمرية".

لا توزيع متكافئ للإمدادات الطبية بين القرى والمدن في الصين  (لو زهونغنان/ Getty)
لا توزيع متكافئ للإمدادات الطبية بين القرى والمدن في الصين (لو زهونغنان/ Getty)

حالة استنفار
وعن استعدادات الريف لاحتمال حصول طفرة في انتشار فيروس كورونا، يقول وو تشين إن "اللجنة الوطنية للصحة في البلاد أرسلت مليون طبيب إلى المناطق الريفية منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأعلنت حالة الاستنفار على مستوى الكوادر الصحية". وأضاف: "ما يثير قلق السلطات هو أن نظام الطوارئ في المناطق الريفية ضعيف جداً، وأن التحدي الأكبر يكمن في إذا ما يمكن نقل المرضى ذوي الحالات الحرجة في المناطق الريفية إلى مستشفيات من الدرجة الأولى في الوقت المناسب".
وفي النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أصيب العديد من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ثمانين عاماً بفيروس كورونا، معظمهم في مناطق الريف. ويعتقد محللون أن نحو 9 آلاف شخص في الصين يموتون كل يوم بسبب فيروس كورونا، وقد يصل إجمالي الوفيات إلى 1.7 مليون بحلول إبريل/ نيسان المقبل.

وكانت الحكومة الصينية قد دعت إلى تحسين القدرات الخدماتية للمستشفيات الريفية والمجتمعية مع اقتراب عيد الربيع. وقالت جياو يا خوي، المسؤولة في لجنة الصحة الوطنية الصينية، إن "بكين تعزز القدرة الخدماتية للمؤسسات الطبية على المستوى المجتمعي وفي المناطق الريفية لمواجهة تحديات مكافحة فيروس كورونا، فيما تتخذ المؤسسات الطبية تدابير متعددة حالياً لزيادة قوتها العاملة، وتخزين الأدوية. وتم إنشاء آلية لنقل المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة في المناطق الريفية إلى مؤسسات طبية حضرية في الوقت المناسب".

المساهمون