واصلت الأجهزة التنفيذية في العاصمة المصرية القاهرة هدم بنايات منطقة ألماظة في حي مصر الجديدة، من أجل تنفيذ مشاريع اقتصادية، وتوسعة المحاور المرورية المؤدية إلى العاصمة الإدارية، في مقابل تعويضات مالية أو وحدات سكنية في مشروع "أهالينا 3" الذي نفذته الحكومة لنقل سكان المناطق العشوائية.
وألماظة لا تصنف منطقة عشوائية، بل أشرفت على تنفيذ عقاراتها شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، إحدى الشركات التابعة للدولة، غير أنها تحولت حالياً إلى بنايات مهدمة بشكل كلي أو جزئي، وأخرى خالية من السكان تنتظر مصيرها، وثالثة هُدم منها طابق أو طابقان تمهيداً لإزالتها ضمن مخطط هدم عقارات الصف الأول بشارع حسين كامل سليم بدعوى توسعته.
ونشر أهالي المنطقة العديد من الفيديوهات عبر منصات التواصل الاجتماعي، يستغيثون فيها من هدم منازلهم المُرخصة والقانونية من أجل استغلال الأرض المُقامة عليها في بناء مجمعات ترفيهية تحوي عشرات المطاعم والكافيهات، وهي ظاهرة باتت منتشرة بشدة في محافظتي القاهرة والجيزة خلال السنوات الأخيرة، وتذهب حصيلة تأجير هذه الأنشطة عادة إلى خزانة الجيش بعيداً عن موازنة الدولة.
وقالت ساكنة من أهالي المنطقة المضارين، في فيديو لها، إنها "ذهبت إلى نيابة ومحكمة مصر الجديدة للإبلاغ عن وقائع الهدم، فقيل لها إن منطقة ألماظة تتبع جهة سيادية"، متسائلة: "طالما أن ألماظة تخص جهة سيادية، فلماذا بُنيت منذ البداية، وطُرحت للمواطنين حتى يسكنوا فيها؟".
وأضافت: "منطقة ألماظة حلت في عيون المستثمرين، الذين يقولون لنا إنهم سيبنون عليها كافيهات وملاعب"، متابعة في حسرة: "هل من المعقول طرد السكان من منازلهم من أجل إقامة كافيهات يجلس فيها البشوات (علية القوم)؟".
هدم بيوت اهالينا في الماظة
— aziz (@officialaziz22) July 20, 2022
حسبي الله ونعم الوكيل#هتتحاسب_يا_سيسي#عزل_السيسي#المعلم_داغر pic.twitter.com/gd0EutnLOV
وقال ساكن آخر مقعد، ومن كبار السن: "المسؤولون يقولون لنا يجب أن ترحلوا من منازلكم، والسؤال إلى أين سنذهب؟ ونحن لم نستلم إخطاراً يفيد بطردنا من منازلنا، وهو إخطار شفهي"، مضيفاً "أرجو من الله تعالى أن يُصلح أحوالنا، ونحن احتكمنا إلى القضاء، وأقمنا دعوى قضائية ضد قرار طردنا".
وكان محامو مكتب "دفاع" لأعمال المحاماة والقانون قد أقاموا دعوى قضائية، موكلين عن بعض أهالي حي ألماظة للطعن في المادة الثانية من قرار حكومي صادر عن رئيس الوزراء برقم 3025 لسنة 2021، ويُتيح الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضي والعقارات الواقعة في نطاق توسعة شارع حسين كامل سليم تمهيداً لنزع ملكيتها.
وطالب الأهالي في الدعوى بإزاحة سور مطار القاهرة الدولي القريب من ألماظة، بقدر المساحة اللازمة لتوسعة الشارع، بدلاً من إزالة 39 مبنى يقطنون فيها، مؤكدين أنهم لا يعارضون أعمال التطوير، لكنهم يطالبون بالبديل المتاح الذي يوازن بين كل المصالح.
كما أرسل السكان استغاثة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل نحو عام، يشكون فيها من قرار نزع ملكيتهم الخاصة بهدف توسيع شارع حسين كامل سليم، بما يمثل ضرراً جسيماً بأمن وملكية أسر وعائلات عاشت لعقود طويلة في المنطقة، و"لطالما كانت مثالاً يحتذى به في رقي عوائلها، ووطنيتهم، ومنازلهم المنظمة ضمن شوارع المنطقة الواسعة"، حسب الاستغاثة.
وأقر مجلس النواب (البرلمان) المصري تعديلاً على قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، بغرض منح رئيس الجمهورية - أو من يفوضه - سلطة تقرير المنفعة العامة، تسريعاً لوتيرة إجراءات نزع الملكية من المواطنين بشكل جبري للانتهاء من مشروعات الطرق والجسور الجاري تنفيذها، ومنح المحافظ المختص سلطة إصدار قرارات الاستيلاء المؤقت على بعض العقارات المملوكة للمواطنين في حالات الضرورة.