استمع إلى الملخص
- يعبر السوريون عن فرحتهم بعودة قريبة من خلال احتفالات بسيطة، ويخططون للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، مع الحفاظ على الروابط القوية مع العراقيين.
- يترك السوريون خلفهم ذكريات وعلاقات صداقة مع العراقيين، ويأملون في عودة تدريجية بدعم دولي، مع تفضيل عودة الرجال أولاً لتهيئة الأوضاع.
ينتظر نحو 400 ألف سوري في العراق فتح الحدود البرية أو السماح لهم بالانتقال جواً إلى بلدهم. وهم يتمسكون بالعودة بعدما انتفى سبب الهجرة والنزوح إثر سقوط نظام بشار الأسد.
وتتركز خريطة النزوح السوري في العراق ضمن مناطق الوسط والشمال، وقد اقتصرت الاحتفالات بسقوط نظام الأسد على أفراد الأسر والمعارف خوفاً وتحسباً من سطوة الفصائل والجماعات المسلحة الحليفة لإيران التي حذرت عبر وسائل الإعلام والمنصات الخاصة بها من تنظيم أي احتفال، لكن إقليم كردستان الذي يضم غالبية السوريين في العراق شهد احتفالات في الشوارع خلال الأيام الأخيرة انضم إليها عراقيون أيضاً.
وحتى الآن لم تقدم السلطات العراقية أي تصوّر في شأن إجراءات عودة السوريين إلى بلدهم، ولا تزال الحدود مغلقة عسكرياً من جهة العراق، كما لا تزال الرحلات الجوية متوقفة، لكن مسؤولاً عراقياً يقول لـ"العربي الجديد" إن "الملف سيُدرج ضمن التنسيق المقبل مع القائمين على سورية الجديدة". ويتوقع عودة 60% من السوريين الموجودين في العراق على الأقل خلال الأشهر الستة الأولى من تاريخ فتح الأجواء أو الحدود بين البلدين.
وعموماً تتواصل منذ أكثر من 10 أيام أفراح النازحين السوريين في العراق بسقوط نظام الأسد من خلال تنظيم احتفالات عفوية تشهد توزيع حلويات وأطعمة على الجيران والمارة، خاصة في إقليم كردستان العراق حيث توجد غالبيتهم بعدما استقبلوا بعفوية لدى اندلاع الحرب في بلدهم، وجرى توفير فرص عمل لهم.
ويُبدي يوسف أبو نادر، وهو رب عائلة سوري نازح في العراق يعمل في محل لبيع المواد المنزلية في أحد الأسواق التجارية بالعاصمة بغداد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، سعادته الكبيرة بسقوط نظام الأسد، ويقول: "جدد الحدث الأمل في عودتنا إلى وطننا قريباً. شعوري بالفرح لا يتوقف، وقد اكتفيت بتوزيع الحلوى على معارفي وزملائي في العمل لأن المليشيات والجماعات تُحاسب على الاحتفال بسقوط الأسد، وتعتبره تأييداً لإرهابيين".
ويقول أشرف حسان، الذي يعمل منذ تسع سنوات في مطعم ببغداد، لـ"العربي الجديد": "تعلمت أكلات عراقية ستكون في مقدمة قائمة طعام مطعمي الذي أنوي افتتاحه حين أعود إلى دمشق. أنتظر منذ سنوات طويلة يوم سقوط نظام الأسد. شعرت بسعادة لا توصف، وقررت مشاركة فرحتي مع زملائي في العمل الذين دعموني دائماً منذ أن وصلت إلى العراق".
يضيف: "كان العراقيون أكثر من مجرد زملاء. شعرت أنهم أفراد من عائلتي. وتؤكد لي هذه اللحظات أن الخير موجود حتى في أحلك الظروف. باتت عودتي مع عائلتي إلى سورية قريبة، وأنا متفائل وأحلم بالعودة إلى منزلي وإعادة إعماره والمساهمة في بناء بلدي من جديد. سأترك العراق وأنا ممتن لكل ما قدمه شعبه لي، وسأنتظر استقبال أصدقائي العراقيين ضيوفا أعزاء في سورية كي أرد الجميل لهم".
ولم تقتصر احتفالات السوريين في العراق على الرجال، بل شملت النساء أيضاً. وشرعت العديد منهن في إعداد الحلويات الشعبية السورية مثل المعمول والبقلاوة والبرازق.
وتقول رقية الطحان (61 عاماً) التي تسكن مع عائلتها في بغداد لـ"العربي الجديد": "صنعت أنواعاً من الحلويات السورية، وأكثرها حلوى الجبن التي يفضلها جيراني العراقيين باعتبارها غير مشهورة في العراق. واكتفيت بتوزيع الحلوى على المعارف فقط كي أتجنب مشاكل الجهات المسلحة".
وتعتبر أن قصة السوريين في العراق ليست فقط عن النزوح والمعاناة، بل هي أيضاً عن التضامن الإنساني والعلاقات التي تنشأ في الظروف الصعبة.
وبينما يستعد السوريون للعودة تدريجياً إلى بلادهم يتركون خلفهم ذكريات جميلة وروابط صداقة عميقة مع العراقيين الذين لم يتوانوا عن تقديم دعم ومساندة. ويقول فاضل الجيزاني، وهو معلم عراقي من بغداد، لـ"العربي الجديد": "مع بدء عودة السوريين إلى وطنهم يبقى الأمل المشترك بين الجميع أن يكون المستقبل مليئاً بالأفراح والإنجازات". ويؤكد الجيزاني أن السوريين تركوا أثراً طيباً خلال السنوات التي عاشوها في العراق، "ويؤلمني كثيراً التفكير بأن عائلة جاري الحاج عاصم سترجع إلى سورية لكنني في الوقت ذاته أشعر بفرح كبير لأنها ستعيش سعيدة داخل وطنها وبين أهلها".
وشهدت الأيام الأخيرة عودة العديد من السوريين المقيمين في تركيا تحديداً إلى وطنهم، لكن الأوضاع هناك لا تزال غير ملائمة لعودة ملايين النازحين من مختلف البلدان، لا سيما الأسر بسبب الدمار الذي حلّ بالمدن.
ويفضل السوريون عودة الرجال والشباب لتهيئة الأوضاع لعائلاتهم، بحسب ما يقول الصحافي والناشط السوري محمد صفاء الدين، لـ"العربي الجديد". يضيف: "يرغب جميع السوريين في العودة للمشاركة في بناء وطنهم وخدمته، لكن الأمر يحتاج إلى وقت ودعم دولي".