على الرغم من أن معظم الدراسات العلمية تركز على تأثيرات الشعور بالوحدة على الصحة العقلية، وعادة ما تربط ما بين العيش بشكل وحيد وما بين الإصابة بالاكتئاب، إلا أن دراسة جديدة صادرة عن مجلة القلب الأوروبية، وجدت أن للوحدة تأثيرات خطيرة على الصحة العامة، تتعلق بإمكانية الإصابة بأمراض القلب.
وجد العلماء أن الشعور بالوحدة هو عامل خطير، قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب التاجية - وهي حالة تضيق أو تسد الأوعية الدموية التي تغذي القلب.
نتائج هذه الدراسة جاءت بهدف قياس أهمية العلاقات الاجتماعية الهادفة للبقاء في صحة جيدة. ووفق مؤلف الدراسة البروفيسور لو تشي، من كلية الصحة العامة وطب المناطق الحارة بجامعة تولين في نيو أورلينز، فإن الاتصال الاجتماعي يلعب دوراً هاماً لصحة القلب لدى مرضى السكري تحديداً، ويمنع عنهم إمكانية الإصابة بأمراض القلب المزمنة، ولذا طالب لوتشي، وتحديداً من مرضى السكري بضرورة الانضمام إلى مجموعات تكوين الصداقات مع الأشخاص الذين لديهم اهتمامات مشتركة، نظراً لانعكاس ذلك على صحتهم.
ما هو الشعور بالوحدة؟
وتجعل الوحدة الناس يشعرون بالفراغ والوحدة وأنهم غير مرغوب فيهم. غالبًا ما يتوق الأشخاص الذين يعانون من الوحدة إلى الاتصال البشري، لكن حالتهم الذهنية تجعل من الصعب تكوين روابط مع الآخرين.
أدت المخاوف المتزايدة بشأن مخاطر الوحدة إلى تركيز الجراح العام الأميركي فيفيك مورثي على التأثيرات السلبية، ووفق ما نشره موقع Very well mind الأميركي، فقد تبين بأن هناك خطورة كبيرة من الشعور بالوحدة والوفاة المبكرة، ويمكن أن يؤدي عدم التواصل الاجتماعي إلى زيادة مخاطر القلق والاكتئاب والسكتة الدماغية وأمراض القلب والخرف
18 ألف بالغ و10 سنوات من الدراسة
نظر الباحثون في بيانات من بنك Biobank في المملكة المتحدة - قاعدة بيانات على الإنترنت للسجلات الطبية وسجلات نمط الحياة لأكثر من نصف مليون بريطاني - تضم أكثر من 18 ألف بالغ تتراوح أعمارهم بين 37 و73 عاماً، وتبين بأن هؤلاء الأشخاص يعانون من مرض السكري ولم يكن لديهم أمراض القلب في بداية الدراسة التي استمرت عقدًا من الزمان.
استخدم الباحثون استبيانات لتقييم الشعور بالوحدة وعوامل أخرى قد تؤثر على العلاقات مثل مؤشر كتلة الجسم والنشاط البدني والنظام الغذائي والكحول والتدخين والأدوية وضغط الدم والكوليسترول والتحكم في نسبة السكر في الدم. وعلى مدار أكثر من 10 سنوات، أصيب أكثر من 3000 شخص بأمراض القلب، بما في ذلك أمراض القلب التاجية أو السكتة الدماغية.
وجد الباحثون أن أولئك الذين سجلوا أعلى درجات في الشعور بالوحدة لديهم خطر أكبر بنسبة 26 في المائة للإصابة بأمراض القلب، مقارنة بالأشخاص الذين لديهم مستويات ضعيفة من الشعور بالوحدة، أو بعبارة أدق مقارنة بالأشخاص المحاطين بالعديد من الأصدقاء والأهل.
كما أظهرت الدراسة أن الشعور بالوحدة قد يكون العامل الأساسي أو الأول للإصابة بأمراض القلب، مقارنة مع عوامل التغذية، أو التمارين الرياضية، أو التدخين، وفي المقابل، لم تظهر الدراسة أي تأثيرات مباشرة أو واضحة حول الشعور بالوحدة وتأثيراته بوظائف الكلى والكوليسترول ومؤشر كتلة الجسم.
الوحدة وداء السكري
وكانت دراسة سابقة نشرت في مجلة Medical news today الأميركية قد ربطت ما بين الوحدة وإمكانية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. ونظرت دراسة التي قام بها علماء من جامعة ويسترن النرويج، في كيفية تأثير الوحدة على الإصابة بأمراض السكري، ووفق الدراسة التي استمرت لمدة 20 عاماً، فقد أصيب 1179 أو 4.9 في المائة بداء السكري من النوع الثاني خلال فترة الدراسة. وقد أفاد حوالي 13 في المائة من المشاركين بأنهم عانوا من الشعور بالوحدة.
كان الأفراد الذين شعروا بالوحدة أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة ضعفين مقارنة بأولئك الذين لم يشعروا بالوحدة.
وجاءت تلك الدراسة لفحص تأثير نظرية خط الأساس الاجتماعي، والتي تعتقد النظرية أن العقل البشري يتوقع الوصول إلى العلاقات الاجتماعية التي تخفف من المخاطر وتقلل من مستوى الجهد اللازم لتحقيق الأهداف.