الشمال السوري: إرضاء الناس غاية لا تُدرك

09 مارس 2021
الحاجات كبيرة لا سيما في مخيمات النازحين (رامي السيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تفضي المقولة الشهيرة "إرضاء الناس غاية لا تدرك" إلى واقع معاش في الشمال السوري، حيث يعيش المجتمع حالة من الانقسام حول المنظمات الإنسانية ودورها فيه، في ظلّ حاجات كبيرة جداً، لا سيما في مخيمات النازحين

تُتهم المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري بارتكاب أخطاء، بينما يشير الواقع لحالة من العجز تواجه المنظمات نفسها من ارتهان للتمويل وضعف في الإمكانات في سعيها الدائم لتحقيق الأفضل. ومن النقاط الغائبة عن معظم من يوجهون نقداً أو اتهاماً للمنظمات الإنسانية، أنّ هناك جزءاً منها غير رسمي وآخر يعمل تطوعاً، ويختلف عمل كلّ منظمة عن غيرها، لكنّها تشترك في الأهداف، في الوقت الذي توفر فيه فرص عمل لشريحة من ذوي الكفاءات ممن فضلوا البقاء في المنطقة.

في هذا الإطار، يقول مدير البرامج في "منظمة أبرار" أيمن يحيى، لـ"العربي الجديد"، إنّ هدف المنظمة سدّ الهوّة التي تسببها الصراعات العسكرية، بتقديم الخدمات المحلية، بالإضافة إلى أهمية دورها في التوعية المجتمعية والتنمية، كما أنّها تنشط في المجالات الإغاثية كافة، من طبية، وزراعية، وغذائية، وغيرها، بالإضافة إلى أهمية وجودها بين السكان المحتاجين. يتابع أنّ دعم المنظمات يأتي في ثلاثة أشكال: "البنك الدولي، والجهات الرسمية الحكومية، والهبات والتبرعات الشخصية". ويعتبر الدعم أساس عمل المنظمات وتطورها، إذ قد تؤدي ندرته إلى إغلاقها ووقف نشاطاتها.
يضيف يحيى: "العمل الأساسي للمنظمات هو سدّ الحاجة، وفي حالة الشمال السوري، حيث الحاجة مستمرة، ولا استقرار جغرافياً، فإنّ هذا يؤدي إلى عدم القدرة على تطوير المشاريع المستدامة أو دعم المشاريع الصغيرة". يردف: "استقرار الوضع الأمني في المنطقة، إن تحقق، سيشكل حافزاً للمنظمات لإنشاء المشاريع الصغيرة، والمشاريع المستدامة، التي تساهم في النهوض الاقتصادي والمجتمعي".
وعن الفارق بين المنظمات الرسمية وغير الرسمية، يوضح يحيى أنّ "المنظمات الرسمية تكون الرقابة فيها عموماً مقبولة، ويمكن ضبط سلوكها واتجاهاتها والعمل بشكل مؤسساتي فيها، أما غير الرسمية فعادة ما تكون عبارة عن مجموعة من المتطوعين جمعتهم حالة معينة، وبالتالي قد تفرقهم ظروف جديدة، كما لا يمكن ضبط وتنسيق عملها بسبب عدم وجودها تحت عباءة الرقابة الإدارية والمالية". ومع سؤال يحيى عن طبيعة المشاريع المطلوبة في المرحلة الراهنة، يقول: "توفر المشاريع المستدامة استقراراً وديمومة للمستفيد، وهذا ما تأمل به المنظمات عموماً، لكن بسبب العمليات العسكرية المتكررة وعدم الاستقرار الجغرافي واستمرار النزوح غير المنتظم، تلجأ المنظمات حالياً إلى الدعم المباشر في مناطق العمليات العسكرية، فيما تدعم المشاريع المستدامة في المناطق الأكثر استقراراً. بالنسبة لمنظمة أبرار، فقد عملت على افتتاح دار لتحفيظ القرآن في أعزاز، وإنشاء قرية سكنية في دابق، وترميم مبنى تابع لجامعة غازي عينتاب في أعزاز، بالإضافة إلى المشاريع الإغاثية في المناطق القريبة من العمليات العسكرية في ريفي حلب وإدلب".

الصورة
عمل المنظمات متعدد الأشكال (إبراهيم يوسف/ فرانس برس)

من جهته، نزح علي الحسن، قبل عامين، من ريف المعرة الشرقي إلى الريف الشمالي من محافظة إدلب، وعاش ظروفاً صعبة خلال رحلة نزوحه مع عائلته. يقترح حلولاً تضبط عمل المنظمات في الشمال السوري، يعتبرها قابلة للتطبيق. يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ الحلول تكمن في تقسيم النازحين أو المستفيدين إلى فئات، وفق تراتبية معينة لمدّ يد العون لهم، إذ يقول إنّ "على المنظمات أن تحتفظ بقوائم مقسّمة إلى فئات، فالنازحون الذين هجّروا من بيوتهم ولم يحملوا أيّ شيء معهم، يمكن إمدادهم بمستلزمات طارئة فقط. وبعد فترة يمكن تأمين مشاريع تنموية لهم. أما غير القادرين على العمل، فيمكن تأمين عمل لذويهم أو القائمين عليهم. أما الأشخاص ذوو الإعاقة والمرضى، فلا بدّ من توفير حاجاتهم الدائمة. وهناك فئة الطوارئ غير العاجلة، الذين يمكن تقديم مساعدات غير عاجلة لهم تسمح لهم بتجاوز ظروفهم الصعبة".
أما بلال السليمان، المهجّر من ريف حمص الشمالي، المقيم مع عائلته في مخيم الخير، قرب بلدة دير حسان، شمالي إدلب، فيوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ دور المنظمات يقتصر على توفير جزء من الحاجة التي تفوق قدرة النازحين، ومنها المساعدة في توفير وقود التدفئة أو الخيمة لمن لا قدرة له على توفيرها.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

في المقابل، ترى جهات محلية أنّ هناك فئة من النازحين اعتادت على المساعدات التي تقدمها المنظمات سواء المحلية أو الدولية، ما جعل هذه الفئة رهينة للمساعدات، ولم تعد لديها قدرة على الإنتاج أو العثور على عمل معين، وهو ما أدى إلى انعكاسات سلبية عليها بالدرجة الأولى وعلى المنظمات غير القادرة على سدّ الحاجة.