الصقيع يفاقم معاناة النازحين السوريين في المخيمات: لم يعد يوجد ما يمكن حرقه
جرفت مياه الأمطار الأكياس البلاستيكية والمواد القابلة للاشتعال التي جمعها حسين الحمود، النازح من مدينة حماة إلى مخيم "المدينة المنورة" في جبل حارم، شمال إدلب، ولم يعد لديه ما هو صالح للاستخدام في التدفئة، في ليالي شتاء منطقة شمال غرب سورية، التي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
ولم يعد لدى الحمود ما يدفع به البرد عن أفراد عائلته، كما يخبر "العربي الجديد". ويقول: "لم يعد هناك شيء صالح للحرق كي نضعه في المدفأة، ودرجات الحرارة ما زالت تنخفض. نحاول تدفئة الأطفال فقط كي لا يتجمدوا من البرد".
ويضيف أنه اشترى بضعة كيلوغرامات من الحطب كي يشعل المدفأة لساعتين كلّ مساء بينما يتناول الأطفال وجبة العشاء، وبعد ذلك يتم إطفاؤها ويلجأ كلّ منهم إلى فراشه، و"من أراد السهر يبقى في الفراش بسبب انخفاض درجات الحرارة، في الخيام التي باتت مبللة أيضاً، وأصبحت مصدراً آخر للبرد بدل أن تقي منه".
مع حلول الشتاء الحالي، انخفض دعم المنظمات الإنسانية لمواد التدفئة في مخيمات النزوح بشكل حاد، على الرغم من التحذيرات الدائمة والمناشدات التي يطلقها النازحون قبل حلول الشتاء، منها ما يتعلق باستبدال الخيام التي لم يعد بالإمكان ترقيعها، أو مواد التدفئة من حطب أو فحم أو بيرين، التي ليس لدى النازحين قدرة على شرائها، كون المنطقة ككلّ تعاني من أزمات البطالة والدخل شبه المعدوم.
وتبرز هذه المشاكل مع حلول كل شتاء، وتتكرّر سلسلة المعاناة المعتادة التي بقيت دون حلول حقيقية، منذ أعوام.
خولة (أم أحمد) تقيم مع أطفالها الأربعة وزوجها في تجمّع للمخيمات قريب من بلدة دير حسّان، إلى الشمال من محافظة إدلب، وهي تحاول التقليل من استهلاك الحطب قدر الإمكان، كما تشير في حديثها لـ"العربي الجديد". وتقول: "كنا قبل دخول مربعانية الشتاء نشعل المدفأة حسب الحاجة، ونتحمّل نوعاً ما البرد. يكون الأطفال في المدرسة خلال النهار، وهذا يخفّف علينا استهلاك الحطب، لكن مع دخول المربعانية، درجة الحرارة تصل لما دون الصفر في الليل، وهذا يجعلنا مجبرين على إشعال المدفأة حتى مع شروق أشعة الشمس".
تضيف أم أحمد: "خلال العاصفة المطرية، تسرّبت المياه بشكل كبير إلى المسكن الذي نقيم فيه ضمن المخيم. بقينا مستيقظين ليلة كاملة تخوفاً مما هو أسوأ. في الوقت الحالي ما يهمّنا هو الحصول على الفحم أو الحطب. لم تقدم لنا في المخيم أي جهة، هذا العام، أي شيء".
وتعتمد الكثير من العوائل للتدفئة ومواجهة الصقيع على ما تمّ جمعه من مواد قابلة للاشتعال في فصل الصيف، من ورق مقوّى وأعواد نباتات، وحتى ألبسة مهترئة، بالإضافة لشراء بعض العوائل للأحذية البالية والملابس التي تستخدم كمواد للتدفئة في الوقت الحالي، ما يعكس الصورة المأساوية والحاجة الماسة لهذه العوائل لمواد التدفئة.
عبد السلام محمد يوسف، مدير مخيم أهل التح، يقول لـ"العربي الجديد": "الأهالي يعتمدون على أنفسهم لمواجهة فترة البرد الشديد والصقيع. هناك من يقوم بجلب إناء حديدي ويشعل النار فيه داخل الخيمة، ويبقي الجمر مشتعلاً طوال الليل، وهناك من يغلق الخيمة بشكل كامل لتجنّب البرد، وهناك من يشتري الملابس المستعملة ويلبس الأطفال الكثير من الملابس للنوم بها خشية من البرد".
ويضيف: "لم يتلقَ الأهالي داخل المخيم أي مساعدات، سواء من مواد التدفئة كالحطب أو البيرين، وحتى المدافئ، أو ملابس الأطفال".
وكان فريق "منسّقو استجابة سورية" قد لفت، في تقرير صدر عنه أمس الخميس، إلى أنّ النازحين في المخيمات يعيشون ضمن ظروف لا تتوفّر فيها أي مواد للتدفئة، بالإضافة إلى قدم الخيم وتدمير العديد منها بسبب العوامل والظروف الجوية، الأمر الذي يزيد من إصابات الأطفال وكبار السن بنزلات البرد، كما يعرّضهم للأمراض الصدرية، مع مخاوف من حدوث وفيات بين النازحين جرّاء انخفاض درجات الحرارة.