استمع إلى الملخص
- النزاعات بين القبائل الشيعية والسنية تزيد من تعقيد الوضع، مما يثير مخاوف من تفجر الأوضاع بشكل أكبر، وتأثرت الأسواق بارتفاع الأسعار في ظل غياب تحرك فعّال من القوات المسلحة.
- امتدت الهجمات إلى مناطق أخرى مثل بلوشستان، مع انتقادات للحكومة لفشلها في اتخاذ إجراءات رادعة، واستغلال العصابات لأوضاع الشباب الصعبة لتجنيدهم.
تشهد باكستان حالات أمنية خطيرة، وتصعيداً في أعمال العنف والهجمات والتفجيرات التي يستهدف بعضها مواطنين عزلاً. ومع ارتفاع وتيرة الهجمات والتصعيد، تتكرر حوادث استهداف مجهولين الأماكن العامة والسيارات التي يقودها مواطنون، ما يؤدي إلى مقتل وجرح عدد منهم. وجعل ذلك الطرقات العامة غير آمنة، الأمر الذي بث الذعر في صفوف المواطنين.
وأغلقت طرقات رئيسية في شمال غربي باكستان في الأيام الأخيرة بعدما تعرض بعضها لهجمات مسلحة. في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أسفر هجوم كبير شن على سيارات مدنية في مقاطعة كرم القبلية المحاذية للحدود مع أفغانستان، عن مقتل 17 شخصاً وجرح آخرين.
وجاء الهجوم إثر اندلاع نزاع شديد أسفر عن مقتل وإصابة عشرات من أفراد قبائل متنازعة من الشيعة والسنة خلال الأشهر الماضية. ولم تكشف السلطات الجهة التي نفذت الهجوم على السيارات العامة، لكن سكاناً في المنطقة رجحوا وقوف مسلحين من الأقلية الشيعية خلفه لكونه شن ضد أشخاص من السُنّة.
وبعد الهجوم الدموي على السيارات المدنية باتت الحياة صعبة في مقاطعة كرم بسبب خطورة التنقل فيها، ما أدى إلى شح في الأدوية والمواد الغذائية والاحتياجات الأولية.
يقول الزعيم القبلي في مقاطعة كرم، ضابط خان، لـ"العربي الجديد": "الأوضاع باتت صعبة جداً بعد الهجوم الدموي الذي أدى إلى مقتل أطفال ونساء، ونخشى أن تتفجر الأوضاع في شكل كبير بين القبائل المتخاصمة ما قد يجعل الجيش عاجزاً عن ضبط الأمور. يواجه السكان حالياً مشاكل إغلاق الطرقات بين كرم ومدن رئيسية أخرى، والذي رفع أسعار الأدوية في الأسواق وجعل أخرى مفقودة من الأسواق، كما رفع أسعار المواد الغذائية. والمقلق أن الأوضاع قد تصبح أكثر سوءاً في الأيام المقبلة، إذ لا مؤشرات إلى أن القبائل التي أغلقت الطرقات الرئيسية ستفتحها قريباً".
ويؤكد خان أن "هذا الهجوم ليس الأول الذي يستهدف سيارات مواطنين في المنطقة، ولم يعرف إذا كانت الجهة التي نفذته تنتمي إلى قبائل متخاصمة، فاللعبة معقدة جداً، وواضح أن جهات تحاول إشعال فتيل حرب بين الشيعة والسنة، لكن الأهم في الوقت الراهن هو قضية إغلاق الطرقات الرئيسية، وما نجم عنه من عقبات في حياة المواطنين".
وكانت نقابة أصحاب الصيدليات أفادت، في بيان أصدرته، بأن "المستشفيات والصيدليات في المنطقة تواجه مشاكل كبيرة بسبب شحّ الأدوية الضرورية التي تحتاج إليها المستشفيات والصيدليات. ونطالب القبائل بأن تفتح الطرقات على الأقل في وجه الشاحنات والسيارات التي تحمل الأدوية والمعدات الطبية، لأن الوضع صعب جداً".
ولم تتأثر الساحة الطبية وحدها بإغلاق الطرقات، بل أيضاً التجار الذين رفعوا الأسعار في ظل شحّ الاحتياجات الأولية والغذاء رفع الأسعار.
ويقول التاجر في مقاطعة كرم، مجيب الله، لـ"العربي الجديد": "لا ندري متى سنخرج من الحالة الأمنية السيئة. يدفع التجار وعامة المواطنين الثمن، والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية لا تحرك ساكناً. تأثرت حياة عامة المواطنين والتجار بشكل كبير بالوضع السائد".
وليست كرم المنطقة الوحيد في شمال غربي باكستان التي استهدفت السيارات والحافلات العامة فيها، ففي 15 أكتوبر تعرّضت حافلة أقلت مواطنين في منطقة لكي مروت لهجوم شهد إطلاق مسلحين النيران في شكل عشوائي بعدما رفض السائق التوقف، ما أسفر عن وقوع 13 جريحاً، وخلّف آثاراَ نفسية على سكان المنطقة.
ويقول عطاء الله أحد سكان لكي مروت، وهو ناشط اجتماعي، لـ"العربي الجديد": "رغم أننا نزعم أن الهجوم نفذته عصابات إجرامية حاولت إيقاف الحافلة للحصول على أموال من الركاب، لكنه مقلق جداً للمواطنين وسكان شمال غربي باكستان".
يضيف: "لا تنحصر الهجمات في شمال غربي باكستان، إذ استهدفت مرات سيارات عامة جنوب غربي البلاد، تحديداً في إقليم بلوشستان، والحكومة عاجزة عن فعل شيء، والغريب أنها لم تتحرك ولم تعلّق أصلاً على الأحداث الأخيرة التي حصلت في كرم ولكي مروت. كأن ما يحدث غير مهم للحكومة رغم أن الهجمات تربك حياة الناس في شكل كبير.
وعموماً كثرت الهجمات وجرائم القتل في باكستان في الأعوام الأخيرة، ما دفع مواطنين ونشطاء إلى اتهام الشرطة بالفشل في اتخاذ إجراءات رادعة مناسبة، وانتقاد تكرار الوزراء بلا جدوى وعود معالجة الظاهرة.
وأكد ناشطون أنّ "عوامل اجتماعية عدة تساهم في سوء الوضع الأمني، من بينها الفقر والبطالة وتفشي المخدرات المتفشية". وتحدثوا عن أن العصابات الإجرامية تستغل أوضاع الشباب الصعبة، وتجنّد كثيرين منهم".