قال العالم الصيني هي جيانكوي الذي كان في قلب الفضيحة المتعلقة بأول طفلين معدلين جينياً في العالم إنه تحرك "بسرعة كبيرة" من خلال المضي قدماً في الإجراء، لكنه لم يُبد أي ندمٍ عن تجربته التي هزت الوسط العلمي في عام 2018، بحسب ما قالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية اليوم السبت.
ووفقاً للمصدر نفسه، فقد صدم هي جيانكوي الوسط العلمي بأكمله عندما أعلن عن تعديله جينات التوأم "لولو" و"نانا" قبل ولادتهما، وجرى فصله من جامعته في مدينة شنغن الصينية، قبل الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. بينما أُدين على نطاق واسع لإجرائه عمليةً خطيرة، ومثيرة للجدل الأخلاقي، وغير مبررةٍ طبياً، وبالاعتماد على موافقات غير كافية من العائلات المعنية.
If the scientific community can't explain why "I did it too quickly” is an inadequate apology, then we have real problems https://t.co/8OKF3UsZKO
— Jack Stilgoe (@Jackstilgoe) February 4, 2023
وفي حديثه إلى صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في واحدةٍ من أولى مقابلاته بعد عودته للظهور، قال: "قضيت وقتاً طويلاً وأنا أفكر في ما فعلته في الماضي. ويمكنني تلخيص الأمر في جملةٍ واحدة: لقد تسرّعت كثيراً".
لكنه لم يُعرب عن أي ندمٍ أو أسف، إذ قال: "أحتاج للمزيد من الوقت من أجل التفكير في ذلك، فهذا سؤال معقد".
ورفض جيانكوي توضيح ما يظن أنه كان عليه فعله قبل البدء في تعديل الجينات، لكنه ذكر أنه سيُفصح عن المزيد من التفاصيل خلال لقائه المقرر بجامعة أكسفورد الشهر المقبل.
درس جيانكوي الفيزياء في الصين، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة رايس، ثم أعدّ دراسة ما بعد الدكتوراه في تسلسل الجينوم بجامعة ستانفورد. وعاد جيانكوي إلى الصين عام 2012 لمتابعة أبحاث التعديل الجيني على بروتين كريسبر-كاس 9، وأطلق العديد من المشروعات التجارية في مجال التقانة الحيوية.
ووسط كل ما سبق، صدم هي جيانكوي الجميع خلال مؤتمرٍ دولي في هونغ كونغ قبل أربع سنوات، عندما قال إنه عدّل جينات جنينين قبل وضعهما داخل رحم أمهما. ثم تبيّن أنه عدّل جينات طفلٍ ثالث وُلِدَ لاحقاً أيضاً.
وأوضحت الصحيفة أن التعديل استهدف البروتين متجانس الازدواج CCR5، للتأثير على المسار الذي يستخدمه فيروس العوز المناعي البشري HIV لدخول الخلايا. ويُزعم أن التعديل منح الأطفال مناعةً ضد الفيروس.
دين هي جيانكوي بتهمة ارتكاب "ممارسات طبية غير قانونية"، وحُكِم عليه بالسجن ثلاث سنوات. لكنه رفض الكشف عن مكان قضاء عقوبته أو أي تفاصيل عن تجربته.
ويقول إنه حافظ على اتصال مع عائلة التوأم، لكنه لم يقل ما إذا كان قد شارك في المتابعة السريرية أو متى رآهما آخر مرة. وقال: "تعيش لولو ونانا حياة طبيعية وسلمية ودون عائق ويجب أن نحترمهما". مضيفاً: "نحن نحترم خصوصية المريض، وبالنسبة لي، أضع سعادة الأسرة أولاً واكتشاف العلم في المرتبة الثانية". وعندما سئل عن حال الطفل الثالث، قال إنه "يعيش حياة طبيعية مع والديه".
يبدو هي جيانكوي عازماً على استئناف حياته المهنية، إذ أنشأ مختبراً في بكين للعمل على علاجات جينية ميسورة التكلفة، وذلك لعلاج أمراض نادرة مثل الضمور العضلي الدوشيني. ويزعم أنه حصل على التمويل الكافي من متبرعي الخير لاستئجار مساحة المختبر، ووظّف خمسة علماء لبدء التجارب على الحيوانات. كما يقول إنه سيستخدم ثروته الشخصية من أجل المضيّ قدماً في المشروع إذا دعت الحاجة.
وقال: "عندما يقضي شخص ما عقوبةً بالسجن؛ يمكنه استئناف الحياة بعدها بكامل حقوقه بموجب القانون الصيني. وعند المقارنة بالتجربة السابقة، يمكن القول إن ما نفعله اليوم هو المهم في تحديد ما إذا كنت سأمضي قدماً أم لا".
ومن المقرر أن يلقي العالم الصيني محاضرات في مجموعة من الجامعات والمؤتمرات هذا العام، بما في ذلك ندوة عبر الإنترنت حول أخلاقيات البيولوجيا الأسبوع المقبل في جامعة كنت، ومحاضرة الشهر المقبل في أكسفورد، يستضيفها عالم الأنثروبولوجيا الدكتور إيبن كيركسي. وهو لا ينظر إلى الفضيحة على أنها عائق لا يمكن التغلب عليه أمام إجراء التجارب السريرية مرة أخرى في المستقبل.
ربما يتمكن هي جيانكوي من المضيّ قدماً، لكن الأطفال الثلاثة سيحتفظون بالتغييرات التي أجراها على حمضهم النووي، وسيظلون معرضين للتداعيات الصحية غير المؤكدة.
ويعتبر تعديل الجينات البشرية أمراً محظوراً في بريطانيا وأميركا والكثير من الدول الأخرى حول العالم، لذا اعتبر الباحثون تجربة هي "وحشية ولا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً"، حتى على فرض أنّ مزاعمه صحيحة علمياً.
وأكد العديد من العلماء أن التجارب الوراثية على الأطفال الأصحاء أمر يشبه استخدامهم كفئران تجارب، مع ذلك دافع جورج تشرتش، عالم الوراثة الشهير والأستاذ بجامعة هارفارد، عن محاولة تعزيز مقاومة الإنسان لفيروس نقص المناعة، الذي وصفه بـ"التهديد الخطير والمتزايد للصحة العامة"، وجاء على لسانه آنذاك: "أعتقد أن هدف جيانكوي مبرر، في منح الأزواج المصابين بهذا الفيروس فرصة لإنجاب أطفال محميين من مصير مماثل".