تتضارب تصريحات المسؤولين العراقيين حول ملف النازحين، ويظل إنهاء الأزمة غير قابل للتنفيذ بسبب قلة المخصصات المالية في موازنة العام الجاري، في حين يشير البعض إلى محاولات لتمييع الملف عبر المماطلة والوعود الكاذبة.
وقبل يومين، أعلنت الحكومة أنها عازمة على إنهاء ملف النزوح، وقالت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان، إن من أولوياتها إنهاء الملف بشكل تام، وإعادة النازحين إلى مناطقهم، مؤكدة أن ذلك يتطلب بذل المزيد من الجهد، وتقديم الدعم، وإنهاء جميع الملفات المتأخرة. "تم توجيه الدوائر ذات العلاقة في مجلس الوزراء لتوفير المستلزمات الإدارية والفنية التي تسهم في الإسراع بإنجاز الملفات".
وتتقاطع وعود الحكومة مع ما تؤكده الجهات التنفيذية في وزارة الهجرة، والتي اعتبرت أن المخصصات المالية في الموازنة "ضعيفة جدا، وغير مشجعة على عودة النازحين".
وقال وكيل وزارة الهجرة، كريم النوري، في إيجاز صحافي، إن "عدد النازحين العراقيين يبلغ قرابة 33 ألف عائلة، والوزارة أغلقت جميع المخيمات، عدا مخيم الجدعة في نينوى، ومخيم عامرية الفلوجة، إضافة الى 26 مخيماً في إقليم كردستان تضم نازحين من سنجار والمناطق المحيطة بمدينة الموصل، وتجري الوزارة تفاهمات مع الإقليم للتنسيق لعودة بقية النازحين بشكل طوعي الى مساكنهم. بعض النازحين لا يرغبون بالعودة بسبب هدم دورهم، وغيرها من الأسباب، وبإمكانهم التوجه إلى مناطق أخرى، لأن الحياة ستكون أفضل لهم من البقاء في المخيمات".
وأضاف النوري أن "موازنة 2021، خصصت 85 مليار دينار للوزارة، منها 13 ملياراً تشغيلية، والمتبقي 72 مليار دينار لا تكفي لعودة 10 في المائة من النازحين إلى مناطقهم، الأمر الذي دفع الوزارة إلى طلب زيادة المخصصات لتفي بالتزاماتها تجاه العائدين، وتشجيع النازحين في المخيمات على العودة الطوعية، كما طالبت المنظمات الدولية بتقديم الدعم للنازحين في حال عودتهم".
وكشفت لجنة الهجرة البرلمانية، عن مساع سياسية لتمييع ملف النزوح، وقال عضو في اللجنة طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "الملف لا يمكن حسمه خلال هذا العام، لعدة أسباب منها سياسية تتعلق بمنع الفصائل المسلحة لكثير من العوائل من العودة، فضلا عن المخصصات المالية الضعيفة"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "أطرافا في الحكومة والبرلمان تريد تمييع الملف عبر الوعود المتناقضة مع الواقع، كما أن هناك عدم جدية من قبل الحكومة في حسم الملف، والبرلمان لم يتخذ أية خطوات حقيقية، لاسيما أن القوى المسيطرة على البرلمان مرتبطة بالفصائل المسلحة التي تسيطر على مناطق للنازحين، وتمنع عودتهم".
وانتقدت منظمة العفو الدولية، في نهاية العام الماضي، الممارسات التي يتعرّض لها النازحون الذين أُخرِجوا من المخيمات، ولا سيما الذين يوصمون بأنهم من عوائل عناصر تنظيم "داعش"، داعية السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان إلى معالجة مسألة العقاب الجماعي للنازحين باعتباره جزءا من أيّ خطة وطنية لإغلاق المخيمات التي تعتبر حالياً الملاذ الوحيد لآلاف الأشخاص.
ورغم جهود إنهاء ملف النازحين، إلّا إنّ عشرات الآلاف من الأسر العراقية ما زالت ممنوعة من العودة إلى منازلها في مناطق وبلدات عدة، أبرزها جرف الصخر، ويثرب، والعوجة، والعويسات، وذراع دجلة، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة مليشيات مسلحة مرتبطة بإيران.