طالبت منظمة العفو الدولية فرع تونس، اليوم الأربعاء، وزير الصحة التونسية فوزي المهدي بسحب الأمر الوزاري الذي ينصّ على معاقبة الأطباء والعاملين الصحيين الذين يدلون بتصريحات حول الوضع الصحي والوبائي في البلاد.
من جهتها، استنكرت النقابة العامة للأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيين الجامعيين تلك المذكرة التي أصدرها مهدي في تاريخ 16 إبريل/ نيسان الجاري والتي يمنع بموجبها كل العاملين في الصحة العمومية من التعامل مع الإعلام والتدوينات على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي إلاّ بإذن مسبق، وذلك تحت طائلة التتبّع الإداري والجزائي، مؤكدين أنها محاولة لتكميم أفواه الخبراء.
في بيان لها، أوضحت منظمة العفو الدولية أنّ وزارة الصحة التونسية أصدرت مذكرة سمحت من خلالها لقائمة محددة من ممثلين عن القطاع الصحي بالإدلاء بتصريحات إلى وسائل الإعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بفيروس كورونا الجديد، مشددة على أنّ عقوبات تأديبية وجزائية سوف تستهدف الأطباء وغيرهم من العاملين في وزارة الصحة الذين لم ترد أسماؤهم في القائمة في حال لم يلتزموا بذلك.
وأشارت نائبة مدير المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة العفو الدولية، آمنة القلالي، إلى أنّ منع الأطباء والعاملين في المجال الصحي من التعبير عن مخاوفهم أو تبادل المعلومات ومطالبتهم بالحصول على إذن مسبق للإدلاء بأيّ تصريح علني هما بمثابة صفعة قاسية لحرية التعبير في تونس. أضافت القلالي في تصريح إعلامي أنّه "من الضروري أن يُسمح للعاملين الصحيين بالتحدث بحرية ومن دون خوف من الانتقام لضمان وصول الجمهور إلى معلومات دقيقة وجديرة بالثقة في الوقت المناسب حول طبيعة ومستوى التهديد الصحي والتدابير التي تتخذها السلطات لحماية الصحة العامة ومواجهة الوباء".
من جهته، أكد كاتب عام المجلس الوطني لعمادة الأطباء، الدكتور نزيه الزغل، لـ"العربي الجديد" أنّ "هذا القرار يمهّد لمنظومة جديدة من الدكتاتورية وتكميم الأفواه، خصوصاً في ما يتعلق بالأطباء"، مشيراً إلى أنّ "توعية المواطن حول حقيقة الوضع الصحي ونقص الأسرّة والمشكلات القائمة هو أمر ضروري للنهوض بالمنظومة الصحية العمومية. وبالتالي يجب إطلاع التونسيين بكل ما هو قائم بشفافية".
أضاف الزغل أنّ "تطرّق الأطباء إلى جائحة كورونا هدفه تثقيف التونسي، لأنّه عندما يطّلع على حقيقة الوضع يحرص على التباعد الجسدي ووضع الكمامات". وتابع أنّه "في حال كانت وزارة الصحة تسعى من خلال هذا القرار إلى عدم قول الحقيقة والاقتصار على اللجان العلمية بدعوى وجوب التحفظ، فإنّ الأمر سوف يزيد الوضع سوءاً وليس العكس، لأنّ المواطن سوف يظنّ حينها أنّ الوضع جيّد ولن يحترم بالتالي أيّ إجراءات". ولفت الزغل إلى أنّ "العمادة لن تصمت على هذه المسألة التي تعدّها مهمّة، فحرية الأطباء في التعبير يكفلها الدستور ومن حقّ المرضى والناس معرفة حقيقة الوضع".
أمّا النقابة العامة للأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيين الجامعيين في تونس، فأشارت في بيان لها إلى أنّ "هذه المذكرة يمكن أن تحيل إلى عدم الثقة في نجاعة القرارات الصحيّة المتّخذة وتفسح المجال الإعلامي لغير ذوي المعرفة"، مشدّدة على أنّ "حرية التعبير والحريات الأكاديمية حقّان دستوريان لا مجال للمساس بهما أو انتهاكهما، وأنّ الرأي العلمي حر وموضوعي ولا يمكن بأيّ حال أن يخضع لترخيص مسبق ولا يضبطه إلا مجال الخبرة للخبير".
وجدّدت النقابة دعوتها سلطة الإشراف إلى إيجاد استراتيجية إعلامية ناجعة في مقاومة الجائحة تُبنى بطريقة تشاركية مع مهنيي الصحة وغيرهم من أهل الاختصاص.