أطلقت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" (منظمة مجتمع مدني)، السبت، تقريرًا عن العقاب الجماعي للمعارضين في مصر، متخذة من التنكيل الذي وقع لأسرة المواطن المصري عصام مخيمر نموذجًا لهذه الانتهاكات، باعتبارها الأحدث.
واستعرضت الشبكة المصرية، في تقريرها، بالأسماء والتواريخ كيف قامت السلطات الأمنية المصرية باستخدام العنف والقوة الغاشمة بالمخالفة لمواد الدستور والقانون لسياسة العقاب الجماعي المحرمة محليًا ودوليًا، ونكّلت وعاقبت عائلة مصرية بأكملها وهي عائلة المهندس عصام مخيمر من قرية ميت سهيل، بمركز مينا القمح، في محافظة الشرقية، والتي لم يسلم منها أثاث المنازل وجدرانها.
وأكد التقرير أن العقاب الجماعي والانتهاكات بحق عائلة شمل كل أشكال التنكيل من قتل لأحد أفرادها واعتقال آخرين وسجنهم وإخفاء بعضهم وتعذيبهم، بالإضافة لعشرات الاقتحامات للمنازل وترويع الأطفال وتهديد النساء بالتحرش الجنسي واللفظي وتكسير المنازل والتي لم تسلم منها شقة شهيد فض رابعة رغم خلوها من ساكنيها لسنوات.
وأكدت الشبكة أن ما حدث مع عائلة مخيمر ليس حالة فردية، بل "دأبت أجهزة الأمن المصرية على التنكيل بأسر مصرية بعينها، فيما يشبه الانتقام أو العقاب الجماعي، بسبب نشاط ما أو شبهة معارضة سياسية صدرت عن أحد أفرادها، وهو ما يعتبره الأمن مسوغا لانتهاك جميع الحقوق المدنية التي كفلها الدستور والقانون للمواطنين، لتتحول الشرطة من وظيفتها في حفظ الأمن وتنفيذ القانون، فتضطلع بمهمة ترهيب المواطنين ومصادرة حرياتهم واستباحة ممتلكاتهم، في ظل ضوء أخضر أعطته السلطة الحالية للأجهزة الأمنية من أجل مزيد من البطش دون خوف من رقابة أو حساب".
وقالت الشبكة "في واقعة ليست الأولى من نوعها، وثقت الشبكة المصرية العقاب الجماعي الذي تعرضت له عائلة المهندس عصام مخيمر من قرية ميت سهيل مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، عندما اقتحم عدد كبير من قوات الأمن -بملابس مدنية وبعضهم بملابس شرطية-المدججين بالأسلحة وبأعداد كبيرة من سيارات الشرطة والمدرعات منزل عائلة مخيمر، وذلك في الساعات الأولى من فجر الأربعاء 7 يوليو/ تموز الماضي، لتقلب محتويات 7 شقق سكنية رأسا على عقب، وتروع الأطفال الصغار، مع التعدي البدني واللفظي على جميع المتواجدين خلال الواقعة".
وأضافت الشبكة "تعمدت قوات الأمن تكسير أثاث الشقق السكنية السبع بالكامل، ومحتويات الدور الأرضي يستخدم كجراج للسيارات ومكتبين، واعتقلت ثلاثة من أفراد العائلة، واستولت على أجهزة الهواتف المحمولة، وعدد من المشغولات الذهبية الخاصة بالعائلة، وبطاقات الرقم القومي لجميع المتواجدين، كذلك تم الاستيلاء على معظم الأوراق الثبوتية التي تخص أفراد العائلة، ومبلغ 5000 جنيه كانت في أحد الشقق، وجهاز كمبيوتر محمول (لابتوب) خاص بالعائلة، إضافة إلى جهاز قياس السكر، وجهازي تسجيل كاميرات المراقبة".
تتم معاقبة الأسرة بأكملها لأن أحد أفرادها من المعارضين السياسيين للنظام المصري، أو بسبب كونه عضواً بارزاً في جماعة الإخوان المسلمين
أما عن أشكال الانتهاكات التي تعرضت لها العائلة على مدار السنوات الماضية، فوثقت الشبكة حالة قتل "وجيه مخيمر، رجل أعمال، قتل في مذبحة فض رابعة على يد قوات الأمن المصرية. ورغم مرور قرابة 8 سنوات على وفاته، إلا أن قوات الأمن اقتحمت شقته السكنية يوم 7/7/2021 وحطمت محتوياتها برغم خلوها من السكان منذ سنوات وهو بمثابة انتقام من الموتى".
بينما "ظل المهندس عصام مخيمر، 61 سنة، مطاردا لسنوات، حتى اعتقلته قوات الأمن في 7/7/2021 ،ولا يزال رهن الاختفاء القسري حتى الآن، كما سبق اعتقاله مرات عديدة وقت حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وأخلي سبيله قبيل ثورة يناير 2011 بأشهر قليلة، وهو مريض بالسكر والضغط، ويحتاج إلى تناول جرعات الأنسولين بانتظام، إضافة إلى الرعاية الصحية الدائمة نظرا لمعاناته من مشاكل في الكبد، بما يحتم عليه تناول الأدوية بانتظام"، حسب التقرير.
وتابع التقرير "كما اعتقلت قوات الأمن ابنه عبد الرحمن عصام مخيمر، 24 سنة، خريج كلية حاسبات ومعلومات، تعسفيا في نفس التاريخ ولا يزال رهن الاختفاء القسري"، كما "تم اعتقال بن أخيه أحمد عادل مخيمر، 25 سنة، طالب بمعهد مساحة، ولا يزال رهن الاختفاء القسري أيضا، رغم أنه سبق اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017 لمدة 6 أشهر قبل أن يتم إخلاء سبيله لاحقًا".
وبحسب التقرير "تتخوف الأسرة من تنكيل الأمن المصري بهم وتعذيبهم لانتزاع اعترافات تحت التعذيب وتلفيق اتهامات باطلة لهم وإدراجهم على ذمة قضايا ملفقة".
ووفقًا للتقرير أيضًا "طالبت أسرة المعتقلين، النائب العام المصري، بالتدخل للكشف عن مصيرهم وبإخلاء سبيلهم حيث أنهم غير مدرجين على ذمة قضايا وكما لم يصدر بحقهم أمر ضبط وإحضار من النيابات المختصة".
وفيما يتعلق بانتهاكات نساء العائلة، قالت الشبكة "في واقعة مشينة، هدد أحد ضباط الأمن الذين اقتحموا منزل العائلة زوجة المهندس عصام مخيمر بتجريدها من ملابسها، وسجنها، وسحب الجنسية المصرية منها -كونها فلسطينية الأصل- ولم يكتف بذلك، فاعتدى على جميع المتواجدين من النساء والأطفال لفظيا بوابل من السباب والألفاظ النابية، وروعهم بتهديده المستمر بتغييبهم خلف القضبان".
وخلص التقرير إلى أن "السلطات المصرية تمارس سياسة العقاب الجماعي مع العديد من الأسر المصرية على نطاق واسع، رغم أن الدستور المصري، والقانون المحلي والدولي يجرم سياسة العقاب الجماعي، فتتم معاقبة الأسرة بأكملها لأن أحد أفرادها من المعارضين السياسيين للنظام المصري، أو بسبب كونه عضوا بارزا في جماعة الإخوان المسلمين، كما حدث مع عائلة الشاطر، بعد اعتقال المهندس خيرت الشاطر (الأب)، والابن، والابنة، وأزواج بناته جميعاً".
وتابعت الشبكة "نفس الأمر تكرر مع عائلة الدكتور محمد البلتاجي، بعد قتل ابنته الشابة أسماء البلتاجي بطلق ناري في فض اعتصام رابعة، ثم اعتقاله شخصيا والحكم عليه بالإعدام ومئات السنوات من أحكام الحبس في عشرات القضايا، والتنكيل بابنه الشاب أنس البلتاجي المعتقل للسنة السابعة على التوالي، رغم البراءات العديدة التي حصل عليها، واستمرار اعتقاله خارج نطاق القانون، كما تعرضت زوجته وابنه الآخر للاعتقال لفترة قبل إجبارهما على ترك البلاد والهجرة قسرياً إلى خارج مصر".
ووثقت الشبكة المصرية، العقاب الجماعي بحق عائلة جمال الشويخ، بعدما اعتقلته قوات الأمن وزوجته، وابنته، إلى جانب اعتقال ابنه الأكبر عبد الرحمن الشويخ في سجن المنيا شديد الحراسة، وابنه الأصغر عبد العزيز الشويخ بسجن العقرب شديد الحراسة، إضافة إلى إجبار ابنه عمر الشويخ على الفرار خارج مصر بعد مطاردته لفترة طويلة.