حذّرت مفوضية حقوق الإنسان في العراق من تزايد خطير بنسب الفقر في البلاد، والتي باتت تشكل تهديداً خطيراً بين الكثير من العوائل، في ظل عجز استراتيجيات التخفيف من تداعياته، مؤكدة رصدها عوائل فقيرة لا تملك حتى قوت يومها.
وكانت وزارة التخطيط العراقية قد أعدت في وقت سابق استراتيجيات لتحسين دخل ومعيشة العوائل الفقيرة في البلاد، وخفض نسب الفقر وتحسين مستوى دخل الفرد، فيما أكدت قرب إطلاق أكبر مسح اقتصادي واجتماعي في البلاد التي تعاني من نسب فقر عالية جداً.
ووفقاً لمدير قسم العلاقات والإعلام في المفوضية سرمد البدري، فإن "المفوضية شاركت بورشة عمل خاصة بالاستراتيجية الثالثة للتخفيف من الفقر في البلاد، والذي يعد من الموضوعات التي ما زالت تشكل معاناة كبيرة لشرائح اجتماعية متعددة"، مؤكدا في تصريح لصحيفة الصباح المحلية الرسمية، اليوم الخميس، أن "المفوضية تتابع موضوع الفقر مع الوزارات والجهات الأخرى للعمل على توسيع الشمول بالإعانات لأكبر عدد ممكن من العائلات الفقيرة".
وأشار إلى أنه "بالرغم من وجود استراتيجيتين سابقتين للتخفيف من الفقر، إلا أن المفوضية أشارت إلى عدم إنتاج أي مخرجات مهمة وفعالة من شأنها معالجة الفقر والحد من الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع"، موضحاً أن "فرق الرصد التابعة للمفوضية تتابع حالات الفقر وتقوم بزيارات دورية لمتابعة واقع تمتع الفئات الاجتماعية بالحقوق المكفولة ضمن معايير حقوق الإنسان، وقد تمت في تلك الزيارات مراعاة التنوع الديموغرافي".
وأكد أنه "تم اكتشاف عوائل لا تملك قوتها اليومي كما ولا نوعا، وهذا ما يؤكد مؤشرات وزارة التخطيط التي أعلنت سابقا أن نسب الفقر في ارتفاع متزايد في البلاد"، مشيرا إلى أن "محافظة المثنى (جنوباً) جاءت في التصنيف الأول في المحافظات الأشد فقرا في البلاد".
وأوضح أن "المفوضية، وهي عضو أساس في اللجان المركزية والفرعية ذات العلاقة، تراقب عمل المؤسسات لمعالجة الفقر، وهي تسعى لأن يكون هناك دور أكبر في الأداء المؤسساتي والإسراع بإقرار التخصيصات اللازمة وتشريع القوانين المطلوبة بما يخفف من درجات الفقر، والإسهام بإيجاد الحلول والمعالجات لتحدي الفقر الذي يهدد المجتمع".
من جهته، حمل الناشط المدني في مجال حقوق الإنسان عمّار الجحيشي الحكومات المتتابعة ووزارة التخطيط نتيجة التداعيات الخطيرة لاتساع نسب الفقر في البلاد، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع نسب الفقر في البلاد أصبح ظاهرة مطردة دون أن تسجل أي تراجع، وهذا ما رصدناه خلال السنوات العشر الأخيرة، ما يعني أنه لا توجد استراتيجيات حقيقية تعالج الفقر وتضع الحلول، أو تطبق الحلول العملية للتخفيف من نسبه".
وأكد أن "الفساد المستشري في البلاد، وما سببه من تفش للبطالة وعدم توافر فرص العمل، والأزمات السياسية، وعدم إقرار الموازنات المالية، والصراع الحزبي على المكاسب، وغير ذلك كلها أسباب ألقت بظلالها على العوائل العراقية، ما تسبب بتضاعف نسب الفقر"، مشددا على أنه "لا يمكن خفض نسب الفقر وإيجاد الحلول لهذا الملف إلا بوضع استراتيجية حقيقية لمحاربة الفساد والفاسدين المسيطرين على مقدرات البلد".
وعلى الرغم من أن العراق يعد من البلدان الغنية بالنفط، إلا أنه يعاني في الوقت ذاته من ارتفاع مستمر بنسب الفقر، وسط وعود حكومية باتخاذ إجراءات للمعالجة، إلا أنها لم تحقق أي نتائج.
وكان تقرير سابق لوزارة التخطيط العراقية قد أكد أنّ تداعيات فيروس كورونا تسببت بإضافة 1.4 مليون عراقي جديد إلى إجمالي عدد الفقراء، والذي بلغ 11 مليونا و400 ألف فرد، بعدما كان قبل الأزمة حوالي 10 ملايين فرد، كما أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 31.7 في المائة، والتي كانت 20 في المائة في عام 2018.