استمع إلى الملخص
- يوضح فايز أبو عيد أن هؤلاء الفلسطينيين لا يُعاملون مثل اللاجئين الفلسطينيين الآخرين في سورية، حيث يحصلون فقط على إخراج قيد من السفارة الفلسطينية، وهو مستند لا يمنحهم حقوق السفر أو التوظيف.
- يعاني الفلسطينيون مكتومو القيد من عدم القدرة على استخراج مستندات ثبوتية أو الحصول على مساعدات، مما يضعهم في وضع غير نظامي ويعيشون في فقر مدقع.
يعيش الفلسطينيون مكتومو القيد من أكثر من 300 عائلة أوضاعاً صعبة في محافظة درعا جنوبي سورية، إذ إنّهم محرومون من الدعم الحكومي الذي تمنحه السلطات وكذلك من مساعدات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في سورية. وهذه العائلات بحسب ما تفيد "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" في حاجة إلى أوراق ثبوتية، لتتمكّن من الحصول على مساعدات.
يوضح مدير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" فايز أبو عيد لـ"العربي الجديد" أنّ الفلسطينيين مكتومي القيد هم من اللاجئين الذين هُجّروا من ديارهم في خلال ما يُعرف بـ"نكسة حزيران 1967"، وهم من أبناء قطاع غزة الذين يحملون جواز سفر صادراً عن السلطة الفلسطينية أو وثائق سفر مصرية، وكذلك من أبناء الضفة الغربية المحتلة الذين هُجّروا من الأردن بعد أحداث "أيلول الأسود" (1970-1971)، مشيراً إلى أنْ لا إحصائية رسمية توثّق أعدادهم.
يضيف أبو عيد أنّ "الوجود الفلسطيني في سورية مقسّم إلى أربع شرائح"، شارحاً أنّ "الشريحة الأولى تهجّرت بعد نكبة عام 1948، والثانية بعد عام 1956، وقد سُجّل أفراد هاتَين الشريحتَين بطريقة نظامية لدى وكالة أونروا ولدى السلطات السورية. أمّا الشريحة الثالثة فقد هُجّرت بعد نكسة 1967، والرابعة بعد الصدامات في الأردن (1970-1971) التي دارت ما بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، وهاتان الشريحتان تعانيان حتى اليوم مشكلات كثيرة في أوراق أفرادهما الثبوتية".
ويبيّن أبو عيد أنّ "الفلسطينيين البدون لا يُعامَلون بالطريقة نفسها التي يُعامَل بها الفلسطيني الذي لجأ إلى سورية في 1948 و1956، والذي يُعامَل معاملة المواطن السوري بكلّ حقوقه باستثناء حقّ الانتخاب والترشّح للرئاسة". ويتابع: "أمّا بقيّة اللاجئين الفلسطينيين، فلا يُمنحون بطاقات هوية رسمية مثل الفلسطيني السوري، إنّما وثيقة غير معترف بها، ولا يستفيدون بالتالي من الدعم الحكومي"، من خلال بطاقة "تكامل" الذكية للتموين. ويؤكد أنّ "هؤلاء يواجهون مشكلات خاصة في سورية، إذ كلّ شيء يُسيَّر من خلال البطاقة، وهم خارجها. بالتالي، بدلاً من شراء ربطة الخبز مثلاً لقاء 300 ليرة سورية (0.02 دولار أميركي)، يُضطرون إلى دفع 1500 ليرة (0.11 دولار). ومن لديه خمسة أطفال أو أربعة أطفال أو عائلته تتألّف من خمسة أشخاص، فإنّه سوف يشكو من مشكلة كبيرة".
ويلفت مدير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" إلى أنّ "هؤلاء لا يملكون رقماً وطنياً، ويحصلون على إخراج قيد صادر عن السفارة الفلسطينية لدى دمشق، وهو مستند ثبوتي شخصي لا أكثر، لا يمنحهم حقّ السفر ولا التوظيف، وهم ملزمون بتجديده كلّ ثلاثة أشهر". ويكمل أبو عيد أنّ "العدد الأكبر من هؤلاء يتركّز في درعا"، شارحاً أنّ "ثمّة 50 عائلة في درعا وريفها".
ماجد إسماعيل، من الفلسطينيين البدون، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه وأفراد عائلته "غير قادرين على استخراج مستندات ثبوتية، وإنّه لا حقوق توفّرها لنا السفارة الفلسطينية لدى دمشق. كذلك فإنّنا لا نستطيع العمل، ولا نحصل على بطاقة ذكية للتموين ولا على مساعدات ولا على دفتر عائلة"، مؤكداً "ليس لدينا أيّ حقوق". ويتحدّث إسماعيل عن "احتمال أن أكون قد أخطأت بالبقاء وأفراد عائلتي في درعا، بدلاً من الانتقال إلى الشمال السوري في فترة التهجير"، مشيراً إلى أنّ "هناك، كنّا حصلنا (ربما) على مساعدات إنسانية تقدّمها المنظمات من دون تمييز، في حين أنّنا هنا محرومون من أبسط الحقوق المدنية".
ويخبر إسماعيل أنّ "ابن صديق لي يُدعى ماهر، كان يبلغ من العمر 17 عاماً في عام 2008 عندما حاول عبور الحدود في اتجاه الأردن، وقد أراد بعد ذلك تسليم نفسه إلى السلطات الأردنية حتى يحصل على وثائق ثبوتية تمكّنه من الدراسة أو الحصول على جواز سفر. وهو كان يدرك أنّه سوف يُسجَن لأيام عدّة، قبل أن يُمنَح تلك الوثائق الرسمية". يتابع أنّه "للأسف، عندما وصل إلى منطقة حدودية أردنية-سورية، أطلق حرس الحدود الأردني النار عليه، فقُتل في الجانب الأردني من الحدود، ولم يستطع والده تسلّم جثته. ودُفن هناك... في الأردن".
من جهته، يشير عاصم البيطار، فلسطيني من فئة البدون، إلى أنّه يقيم في ريف دمشق. ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّه يملك مع عائلته "أوراقاً ثبوتية، لكنّها غير معترف بها ولا تفيد في شيء". ويقول: "حالياً، ننتظر المجهول، إذ إنّه لا جهة تتبنّى قضيتنا، فلا السلطة الفلسطينية ولا السفارة الفلسطينية لدى دمشق قادرتان على حلّ هذا الموضوع، لأنّه مرتبط بالحكومة السورية". ويؤكد: "لا نستطيع العمل ولا الحصول على مساعدات سواء من قبل وكالة أونروا أو الحكومة السورية، إذ إنّ أوراقنا غير مكتملة ووضعنا غير نظامي". ويتابع البيطار أنّ "السلطات الأخرى، سواء الأردنية أو المصرية، لا تتعامل معنا بطبيعة الحال".
وبحسب ما تفيد وكالة أونروا في بياناتها الرسمية، فإنّ عدد الفلسطينيين المسجّلين لديها في سورية يصل إلى 552 ألف لاجئ، وصلوا إلى سورية منذ عام 1948، وقد توزّعوا على 12 مخيماً في فترات لاحقة. تضيف أنّ عدد الفلسطينيين المتبقّين في سورية، في الوقت الراهن، لا يتجاوز 438 ألف لاجئ، من بينهم 52% من النساء و36% من الأطفال. وتشير وكالة أونروا إلى أنّ 91% من المتبقّين يعيشون في فقر مدقع، و89% من هؤلاء تحت خط الفقر. وتتابع أنّ 41% من اللاجئين الفلسطينيين الذين ما زالوا في سورية مهجّرون داخلياً أو في حالة نزوح مطوّل، نتيجة النزاعات والأضرار والدمار التي طاولت أماكن سكنهم.