يحيي الفلسطينيون، غداً الاثنين، بمشاركة الأمم المتحدة للمرة الأولى، الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، وهم أكثر تمسّكاً بحق العودة إلى وطنهم، مؤكدين أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وأن ذاكرة أجيالهم حية، وأنهم لن يتنازلوا مهما طال الزمان أو بلغت التضحيات.
و"النكبة" مصطلح سياسي يشير إلى التهجير القسري الجماعي للشعب الفلسطيني في عام 1948، حين طردت العصابات الصهيونية قرابة 800 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم، ودمرت أكثر من 500 مدينة وقرية، قبل تأسيس دولة الاحتلال على أرض فلسطين التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني.
ويلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، غداً الاثنين، كلمة في الأمم المتحدة التي تحيي ذكرى النكبة لأول مرة، بناء على قرار اعتمدته الجمعية العامة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في سعي لتثبيت الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، وتفنيد رواية الاحتلال. وستعقد الجمعية العامة جلسة صباحية للاستماع إلى كلمات مؤازرة للشعب الفلسطيني من رؤساء مجموعات إقليمية وممثلي دول.
كما سيقام بالأمم المتحدة مهرجان ثقافي يتضمن شهادات حية من اللاجئين، إلى جانب عروض فنية وثقافية ومعارض صور ووثائق، وستحيي الفنانة الفلسطينية سناء موسى، سفيرة التراث الفلسطيني، أمسية بأغان وطنية تراثية تعبر عن التصاق الشعب الفلسطيني بوطنه وأرضه.
وقال رياض منصور، مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، إنه إلى جانب الفعالية التي تتضمن الكلمات الرسمية لعدد من المشاركين في إحياء الذكرى سيكون هناك عرض خاص حول النكبة.
وأضاف منصور، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن العرض يهدف "إلى خلق تجربة غنية حول نكبة الشعب الفلسطيني"، موضحاً أن الفعالية الفنية ستقام في قاعة تتسع لنحو ألفي شخص، وتوقع أن تكون مكتظة بالحضور من السلك الدبلوماسي وموظفي الأمم المتحدة وأبناء الجالية الفلسطينية والأصدقاء من حول العالم وبحضور الرئيس.
ويرى الفلسطينيون قرار الأمم المتحدة بإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة اعترافاً بها، فيما يعارض الاحتلال الإسرائيلي ذلك، ووجه رسائل للعديد من الدول لمقاطعة إحياء الذكرى.
بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى نهاية العام الماضي حوالي 11.540 شهيداً
من جهة أخرى، ستعقد العديد من التجمعات الشعبية والمهرجانات والوقفات والمسيرات في مختلف المناطق الفلسطينية داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وستلقى خلالها كلمات تؤكد تمسّك الفلسطينيين بحق العودة ورفضهم التوطين أو التعويض وجميع التسويات والمشاريع الرامية لتصفية قضيتهم.
وينظم الفلسطينيون مهرجاناً في مدينة رام الله بالضفة الغربية، يتضمن مسيرة شعبية، وإطلاق صفارة إنذار لمدة خمس وسبعين ثانية، هي عدد السنوات التي مرت منذ النكبة، وعادة ما يحمل المشاركون في المسيرة أسماء المدن والقرى التي كان يعيش فيها أجدادهم.
واختار القائمون على إحياء الذكرى شعاراً يلخص ما حدث في النكبة من رحيل للفلسطينيين عن بيوتهم وتمسكهم بالعودة إليها رغم طول صبرهم، الذي يشار إليه بنبات الصبار في الملصق الذي يضم علم الأمم المتحدة وعليه القرار 194 المتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.
100 ألف شهيد منذ النكبة وحتى اليوم
وقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة وحتى اليوم، داخل وخارج فلسطين، نحو مائة ألف شهيد، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى نهاية العام الماضي حوالي 11.540 شهيداً، وكان عام 2014 أكثر الأعوام دموية، حيث سقط 2.240 شهيداً، منهم 2.181 استشهدوا في قطاع غزة.
أما خلال عام 2022، فقد بلغ عدد الشهداء هناك 231 شهيداً منهم 56 شهيداً من الأطفال و17 سيدة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 10 آلاف جريح. أما عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية مارس 2022 فبلغ 4.700 أسير، منهم 150 أسيراً من الأطفال، بالإضافة إلى 29 أسيرة.
وتحل ذكرى النكبة وسط أجواء شديدة التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهجمة عدوانية يقوم بها المستوطنون وجنود الاحتلال ضد الإنسان والأرض والمقدسات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، في محاولة مستمرة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وكسر إرادة الصمود لديهم، وثنيهم عن إقامة دولتهم المستقلة.
(قنا، رويترز)