الفلسطيني سمير سرساوي يستذكر لحظة الحرية: "كل أسير يفكّر في الهروب"

حيفا

ناهد درباس

ناهد درباس
15 ابريل 2022
نجم هوليوود كوبا غودينغ جونيور يعترف بتقبيل نادلة رغماً عنها
+ الخط -

منذ أكثر من ثلاثة أعوام، راح الأسير الفلسطيني المحرّر سمير سرساوي ينعم بالحرية، هو الذي أُطلق سراحه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2018 بعدما قضى 30 عاماً في السجون الإسرائيلية. واليوم، يعمل سرساوي في بقالة بمسقط رأسه؛ بلدة إبطن في قضاء حيفا، وهو متزوّج وقد رُزق وزوجته بابنة سمّياها فاطمة تبلغ من العمر عاماً واحداً، وينتظران مولودهما الثاني بعد شهر ونصف الشهر.

في عام 1988، حكمت السلطات الإسرائيلية بالسجن المؤبّد على سرساوي لمدّة 30 عاماً مدى الحياة، بتهمة زرع عبوات ناسفة في مدينة حيفا أدّت إلى مقتل إسرائيلي وإصابة آخرين، علماً أنّه كان في حينها يترأس خليّة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. يُذكر أنّ سرساوي سافر بعد تلك العملية العسكرية إلى اليونان ثمّ إيطاليا، وعند عودته ألقي القبض عليه في مطار بن غوريون.

وفي خلال مدّة سجنه، حصل سرساوي على شهادة الثانوية العامة ثمّ على شهادتَي بكالوريوس (إجازة) وماجستير في العلوم الاجتماعية. لذا، فقد تلقّى بعد خروجه من السجن دعوات للعمل محاضراً في جامعات فلسطينية بالضفة الغربية، لكنّه رفض العروض وفضّل البقاء في كنف عائلته وفي بلدته والعمل هناك بعد فراق طويل.

وللعام الرابع على التوالي، يحيي سرساوي "يوم الأسير الفلسطيني" الموافق في 17 إبريل/نيسان، خارج الزنزانة. وتجدر الإشارة إلى أنّ 11 أسيراً من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1948 ما زالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية، منذ ما قبل اتفاقية أوسلو في عام 1993. وهؤلاء الأسرى هم كريم يونس، وماهر يونس، ووليد دقة، وإبراهيم أبو مخ، وسعيد توفيق جبارين، وأحمد علي أبو جابر، وبشير عبد الله خطيب، وإبراهيم بيادسة، ومحمد حسن إغبارية، وعبد الله حسن إغبارية، ويحيى مصطفى إغبارية.

وثمّة مكانة خاصة لـ"يوم الأسير الفلسطيني" لدى سرساوي الذي يقول لـ"العربي الجديد" إنّه "يوم تضامني ما بين الأسرى أنفسهم، ويعود في كلّ عام ليمنح شيئاً من اللحمة (الإضافية) في داخل الحركة الأسيرة. ومن الطبيعي جداً لأيّ فعالية تخصّ الأسرى أن يكون هؤلاء في طليعتها، بحسب إمكانياتهم". ويشرح أنّ "إحياء يوم الأسير خلال 30 عاماً في السجن، كان يأتي بمشاركة في أمور تخصّنا نحن الأسرى. وأحياناً كان على شكل إضراب مفتوح عن الطعام لمدّة يوم أو يومَين أو حتى ثلاثة، بحسب القرارات التي كانت تتّخذها الحركة الأسيرة".

"مهنة" الصمود في الأسر

وسرساوي الذي ولد في عام 1967، عاش في الأسر أعواماً أكثر من تلك التي عاشها في الحرية (25 عاماً). يقول إنّ "نقيض الحرية هو السجن والأسلاك والحرمان والابتعاد عن الأهل في المناسبات السعيدة كما الحزينة"، مشدّداً على أنّ "الإنسان وُلد ليكون حراً". ويشير سرساوي إلى أنّه "في إمكان السجن أن يتمكّن من الأسير الفلسطيني كما من أيّ أسير في العالم، حتى لو كانت لديه قضية أو مبدأ واعتقل على أساسهما. فالسجن يبعده عن محيطه، ويؤثّر سلباً عليه وعلى معنوياته، فيخرج منه إلى المجتمع سواء وهو غير قادر على تقديم أيّ شيء أو بوضع نفسي سيّئ. لكن من يفهم كيف يعيش في السجن، خصوصاً من الناحية الاجتماعية، في إمكانه التغلّب على ذلك".

ويحكي سرساوي عن أدوات تمكّن الأسير من الصمود في الأسر، "مثلما لكلّ مهنة أدواتها. ولكي يخرج الأسير بكامل قواه العقلية إلى أهله ومجتمعه، لا بدّ له من أن يصمد من خلال الصبر والإيمان والإرادة. هذه أدوات مهنة الصمود في الأسر". ويؤكد: "أنا خرجت إلى الحرية من دون أن يُغلق الباب عليّ ومن دون أن أتحرّك بأمر من شرطي. في ذلك اليوم، أوصلني السجّان إلى بوابة السجن من دون أصفاد في يدَيّ ورجليّ، وكان هذا أجمل شيء. فعلى مدى 30 عاماً كانت يداي ورجلاي تُكبَّل عندما أخرج من غرفتي إلى خارج القسم أو المستشفى أو العيادة أو لمقابلة المحامي".

تفكير في الهروب.. والعودة

عند سؤاله عن عملية الهروب من سجن جلبوع التي عُرفت بعملية "نفق الحرية" والتي نفّذها ستّة أسرى فلسطينيين في 6 سبتمبر/أيلول 2021، يقول سرساوي إنّ "كلّ أسير يفكّر في الهروب. فالهروب معناه العودة والعيش تحت سماء الحرية. لم يفاجئني ما جرى، لكنّ المفاجأة الكبرى كانت الهروب من جلبوع تحديداً. فأنا قضيت في هذا السجن 15 عاماً، وكلّ الذين هربوا أعرفهم شخصياً". يضيف أنّ السجن مصمّم ومبني على الطريقة الأيرلندية، وهو محصّن بشكل كبير جداً. وكان يُعرف بين السجّانين بأنّه الخزنة، إذ يصعب الخروج منه. بالتالي يمنع تصميمه وتحصينه التفكير في الهروب منه، ومن هنا كانت المفاجأة"، لافتاً إلى أنّ "الأسرى فهموا تفكير السجّان واختاروا نقطة ضعف لديه وكذلك مكاناً من شبه المستحيل أن يفكّر السجّان في إمكانية الحفر فيه والهروب منه".

ويعود سرساوي إلى الحديث عن طفلته البكر التي أسماها فاطمة تيمّناً بوالدته التي رحلت بعد نصف عام من إطلاق سراحه، موضحاً "سمّيتها على اسم والدتي وهو أقلّ ما أمكنني تقديمه لوالدتي". وعن الأبوّة يقول: "فاطمة ابنتي هي كلّ الدنيا بالنسبة إليّ الآن. فأنا رُزقت ببنت حلوة وذكية ومرحة ولها حركات محبّبة جداً". ويلفت إلى أنّه "في الماضي، كنت دائماً أتخيّل نفسي أباً لطفل، وأتخيّل كيف سوف يكون الأمر".

ذات صلة

الصورة
ما تركه المستوطنون من أشجار مقطوعة ومحصول مسروق في قرية قريوت (العربي الجديد)

سياسة

تعرضت الأراضي الزراعية في موقع "بطيشة" غربي قرية قريوت إلى الجنوب من مدينة نابلس لهجوم كبير من المستوطنين الذين قطعوا وسرقوا أشجار الزيتون المعمرة
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
المساهمون