يعاني كثيرون من اضطرابات في النوم، إما بسبب الإرهاق أو الإفراط في التفكير أو نتيجة مشاكل صحية. لكن الكلام أثناء النوم يعد شائعاً، وخصوصاً لدى الأطفال. وإن كانت الأسباب غير واضحة بالنسبة إلى المجتمع الطبي، وخصوصاً أن النائم لا يدرك أنه يتحدث خلال نومه، إلا أن الأمر بدأ يأخذ حيزاً مهماً لدى متخصصين بعلوم النوم والصحة النفسية.
يقدّر أنّ اثنين من كل ثلاثة أشخاص في العالم إمّا تحدثوا في فترة ما من حياتهم خلال النوم، أو ما زالوا يتحدثون أثناء نومهم، كما تشير "Sleep Foundation" المتخصصة بالنوم في الولايات المتحدة، وتشير مجلة الطب الأميركية "WebMD" إلى أن نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 10 سنوات يتكلمون أثناء النوم، كما أن نحو 5 في المائة من البالغين يتحدثون بعد ذهابهم إلى الفراش، وأظهر استطلاع أن 1 من بين كل 10 أطفال يتحدثون خلال نومهم ليالي عدة في الأسبوع.
وحسب التعريفات الطبية، فإن الحديث أثناء النوم يشير إلى وجود سلوكيات لاإرادية لدى النائم يعجز عن التحكم بها، وتعرف باسم "باراسومنياس"، وتضم المشي أثناء النوم، وصرير الأسنان. ومع ذلك، فإن الحديث أثناء النوم غالباً ما يكون عبارة عن بضع كلمات، أو ضحك، أو تمتمة. وتقول المتخصصة بالطب النفسي تيريز جرجي فرحات، لـ"العربي الجديد": لا يشكل الحديث أثناء النوم حالة خطرة تستدعي العلاج، وخصوصاً إذا لم يكن واسع النطاق، أو يتحدث الشخص بشكل مستمر لفترات طويلة".
وتُميّز فرحات بين نوعين من الحديث أثناء النوم: الأول هو الحديث العابر، أي أن يتحدث الشخص بشكل متقطع أثناء النوم، أو خلال فترة معينة نتيجة الإصابة بأمراض، أو بسبب تأثير الأدوية. أما النوع الثاني، والذي يمكن أن يدخل في إطار حالة مرضية، فيحدث في حال كان الشخص يُكرّر الكلام خلال النوم لفترات طويلة، وقد يرافق ذلك أيضاً بعض التصرفات الأخرى مثل المشي.
وتضيف الطبيبة النفسية، أنه "لم تُحسم مسألة أن الحديث خلال النوم يتطلب تدخلاً طبياً، كما أن الحديث أثناء النوم غير ضار، وليس له تأثير كبير على نوعية النوم، بمعنى أنه لا توجد أي تأثيرات، ولا يعكر فترة الراحة التي يحتاجها النائم". لكنها تنصح الأشخاص الذين ينزعجون من الكلام خلال النوم، أو في حال كانت المشكلة مترافقة مع الأرق، أو السير أثناء النوم، بضرورة اللجوء إلى متخصص في علم النفس، وتشير إلى أنه "ما من سبب واضح لحصول ذلك، وربما يكون متعلقاً باليقظة الذهنية لدى النائم، أي التفاعل بين حالة اليقظة وحالة النوم، ومن ذلك أن النائم يتفاعل مع الأحلام ويبدأ بالحديث".
وحسب المجلة الأميركية للطب، فهناك عوامل عدة تؤدي إلى الحديث أثناء اليوم، من بينها تناول أدوية تساهم في زيادة اليقظة خلال النوم، أو الضغط العاطفي، أو تعاطي مواد مخدرة، أو اضطرابات الصحة النفسية، كما أن هذه الحالة يمكن أن تنتج عن الإصابة بعرض جسدي، كارتفاع درجة الحرارة، ويمكن أن يكون الحديث أثناء النوم وراثياً.
وتورد دراسات أن الأشخاص الذين يتحدثون أثناء النوم غالباً ما يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، أو الاكتئاب، أو القلق، كما يمكن أن يرتبط بالكوابيس، وخصوصاً لدى الأطفال.
وتختلف الآراء حول توقيت الكلام أثناء النوم، وما إذا كان يحدث خلال ساعات النوم الأولى، أو خلال النوم العميق. ويرى أطباء أنه قد يحدث في أي مرحلة.
وتشير دراسات أعدتها مؤسسة "Emma Sleep" البريطانية إلى أن الحديث أثناء النوم يمكن أن يحدث أثناء حركة العين السريعة وقبلها، وقد يكون عبارة عن همهمة أو نقاشات طويلة. أما في المرحلة المتأخرة من نوم حركة العين غير السريعة، فيمكن أن يكون الكلام أشبه بالآهات.
ونادراً ما يؤذي الحديث أثناء النوم، وبالتالي، ما من وسائل أو أدوية للتوقف عنه. مع ذلك، يمكن من خلال اتباع خطوات محددة، التحكم في وتيرة الحديث أثناء النوم، أو الحد منه. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الحفاظ على نوم صحي، ضمن ساعات معينة، بالحد من الحديث أثناء النوم، إذ إن اضطرابات النوم تؤدي إلى زيادة الحديث أثناء النوم.
وحسب موقع "News Medical"، فإن الابتعاد عن الضوضاء والنوم في مكان هادئ خافت الإضاءة يساعد أيضاً بالتحكم في الحديث أثناء النوم.
بالإضافة إلى ما سبق، يجب على الشخص الذي يتكلم أثناء النوم السعي إلى الابتعاد عن الضغوط العاطفية، أو ضغوط العمل، وربما يكون من المفيد ممارسة الرياضة قبل النوم، أو تناول مشروبات ساخنة، أو ممارسة التأمل.