بعد سنوات من لجوء عائلتها الفلسطينية المتحدرة من بلدة سعسع، قضاء صفد، ولدت آمنة محمد لوباني، لم ترَ فلسطين، لكنها تعرف كل شيء عن بلدها، إذ يربطها بفلسطين كل ما يدور في المخيم به، التراث والأغاني الشعبية والفلكلور، وقد اتخذت من الطبخ مهنة حتى تبقي المأكولات الفلسطينية منتشرة.
تقول آمنة لوباني المقيمة في مخيم برج البراجنة، قرب بيروت: "أخبرني أهلي الكثير عن فلسطين، وعن بلدتي، والبيت الذي لم أولد فيه. غادر أهلي بعد المجازر في البلدات والقرى، وقال لي أبي إنه طلب منهم الخروج لفترة وجيزة، ثم يعودون مجدداً، فتوجهوا إلى بلدة رميش القريبة من الحدود، لكن طالت الأيام، ولم نعد إلى فلسطين أبداً". تتابع: "جدي وجدتي لأمي أخبراني أنهما كانا يذهبان إلى فلسطين ليلاً، ويزوران بيتنا في سعسع، ويحضران ما يحتاجان إليه من مؤونة إلى رميش، وظلّا كذلك إلى أن تركا البلدة إلى مكان آخر. تزوج أبي بأمي عندما كانوا يعيشون في رميش، وظلا هناك لمدة طويلة، بعدها انتقلا إلى بعلبك في البقاع اللبناني، إذ قدمت لهما وكالة أونروا مسكناً، ووفرت لهما ما يحتاجان إليه من طعام وفراش، ومن هناك بدآ رحلة البحث عن أقاربهما وأبناء بلدتهما. بعدها انتقل أهلي إلى طرابلس، ثم إلى بيروت، وفي النهاية إلى مخيم برج البراجنة حيث أهلهم وجيرانهم".
تقول لوباني: "ولدت في المخيم، وتعلمت في مدرسة تابعة لوكالة أونروا. تعلمت حتى الصف السادس، ولم أتابع لأنّ والدي زوجني عندما كنت في الثالثة عشرة، وبعد عام من زواجي أنجبت ابني الأول، ثم أنجبت ولداً آخر، وبعدها انفصلت عن زوجي، وكنت حينها في الثامنة عشرة، لكني تزوجته مجدداً حتى لا يحرمني من أولادي، وأنجبت الولد الثالث. وكنت أعمل منذ بداية زواجي طباخة، ثم رحت أعلم نفسي، فصرت أقرأ باللغة الإنكليزية، وزادت معرفتي بها خلال تعليم أولادي، كما كنت حريصة على تعلم أسرار مهنة الطبخ التي احترفتها".
تضيف: "عملت في البداية بمطعم في جنوب لبنان حيث كنت أقيم، ثم عملت في مطاعم عدة لاحقاً، وكنت أعد الوجبات للولائم، وبعد وفاة والدتي التي كانت تعيش معي، ثم سفر أبنائي، فضلت الانتقال إلى مخيم برج البراجنة. وهناك عملت في مطعم، ثم تركته، ثم بدأت أعد الوجبات الجاهزة بالطلب في المنزل".
تعد آمنة كل أنواع الطعام والحلويات، لكنها في أيام الجمعة تفضل إعداد الفلافل، وتبيعها في سوق المخيم. تقول: "السوق يشعرني بالحنين إلى فلسطين، فكل ما فيه فلسطيني، حتى لو كان فيه لبنانيون، فالأكلات فلسطينية، والأغاني فلسطينية، والصور المعلقة على الجدران أيضاً. إنه تراثنا الذي نحنّ إليه، ورائحة بلادنا التي نود العودة إليها، وإذا لم نعد نحن، فأولادنا سيعودون إلى فلسطين".