بالرغم من انتقاله إلى لبنان منذ أن كان طفلاً، إلا أنّ فلسطين لم تخرج من ذاكرة موسى عثمان ولا يزال يتحسر عليها
موسى محمد عثمان، من بلدة عمقا بفلسطين، هُجّر من بلده في الخامسة من عمره، ويقيم حالياً في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوب لبنان. لا يزال موسى يتحسّر على تلك الأيام، التي تركها خلفه في فلسطين، علماً أنّ سنواته التي قضاها هناك قصيرة. يقول عثمان لـ "العربي الجديد": "ما زلت أذكر أجمل مرحلة عشتها في طفولتي بفلسطين. من أجمل ذكرياتي، هي حين كان والدي يضعني في صندوق دراجته الهوائية، وكان يتنقل عليها من مكانٍ إلى آخر، ويأخذني معه لزيارة أهل والدتي في بلدة السميرية بفلسطين. كنت أشعر حينها بأنني أسعد طفل". يتابع: "توجهنا نحو لبنان، سيراً على الأقدام، كسائر الذين خرجوا من فلسطين في ذلك الوقت. أول منطقة وصلنا إليها وبتنا فيها أياماً معدودة، هي قرية صربين، جنوب لبنان، ومن هناك انتقلنا إلى بلدة جويا، جنوب لبنان، ومكثنا فيها مدّة غير طويلة عند أشخاص قدموا لنا السكن والمأكل وكل ما نحتاجه. بعد ذلك انتقلنا للعيش في مخيم عين الحلوة، بعد أن علمنا بأنّ معظم الفلسطينيين اللاجئين توجهوا إلى هناك. وعند وصولنا إلى المخيم، قدمت لنا وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الشوادر للسكن، وكانت أياماً صعبة عشناها، ومع ذلك فهي أفضل من أيامنا هذه التي نعيشها اليوم. فقد كانت الألفة والمحبة تجمع الناس".
يضيف: "كان والدي يعمل ضمن الإمكانيات المتاحة له، لكنه لم يكن باستطاعته أن يكفي عائلتنا، فاضطررت للعمل معه. صرت أعمل في أعمال البناء عبر تعبئة الرمال لينقلوها إلى مكان استخدامها في الورش. كان العمل بالنسبة لي قاسياً، لكنني كنت مضطراً. كنت أتقاضى حينها في اليوم الواحد ليرتين لبنانيتين (نحو 20 ألف ليرة لبنانية حالياً، أي نحو 13 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي)، وكنت أصرف على البيت مع والدي. لاحقاً، بعد مرور مدة، عاد أبي إلى عمله الأول الذي كان يعمل به في فلسطين، وصار يذبح الغنم للناس، إلى أن بدأ يعمل لحسابه، فقد كان يشتري الأغنام ويذبحها ونحن كنا ندور على البيوت والشوارع لتوزيعها".
ويلفت إلى أنّه عندما كبر وتزوج، صار يعمل سائق سيارة أجرة، مدة 15 عاماً. وعندما ترك هذا العمل، اشترى سيارة يبيع عليها السمك، إلى أن ترك العمل منذ 5 سنوات، بعد أن تعب. ويشير إلى أنّ أولاده الـ 13 جميعهم تزوجوا، ويقدمون له نفقاته اليومية، قبل أن يختم: "أتمنى العودة إلى فلسطين، لأموت فيها، وأدفن في أرض جدودي".