كشف عدد من الباحثين في المملكة المتحدة أنّ لقاح أسترازينيكا-أكسفورد، هو واحد من لقاحات كثيرة تمّ تمويلها من قبل الجمعيات والسلطات المحلية والدولية، على عكس ما تروّج له الشركات المطوّرة، من أنّها موّلت إنتاج اللقاحات من ميزانياتها. وبحسب بحث نشر في موقع Medrxiv (وهو موقع على الإنترنت متخصّص بالعلوم الصحية)، فإنّ تمويل لقاح أسترازينيكا يعود للعام 2000، أي قبل عقدين من انتشار الوباء.
ويرى الباحثون أنّ هذا اللقاح الذي يعمل على تقنية تعتمد على ناقل فيروسات الشمبانزي الغدية (ChAdOx) لتشفير إنتاج بروتين SARS-CoV-2، والذي يحفّز الاستجابة المناعية، ما هو إلاّ نتيجة أبحاث قديمة، تمّ العمل عليها وتطويرها منذ العام 2002.
ويؤكّد الباحثون، أنّه على الرغم من أنّ لقاح أسترازينيكا، قد تمّ تطويره استجابةً لوباء كورونا، إلاّ أنّ تقنية ChAdOx التي تعدّ الركيزة الأساسية للقاح، هي تقنية قديمة، اعتمدها كلّ من البروفيسورة سارة جيلبرت، والبروفيسور أدريان هيل، بتمويل من المؤسسات العامة، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
ووفق الباحثين، فقد أظهرت الدراسات، أنّ التمويل العام، أيّ التمويل الذي تمنحه الدولة، قد لعب دوراً مهماً في نظام الابتكار الطبي لعقود عديدة، لا سيما في أبحاث اللقاحات، خاصة ما بين عامي 2000 و2019، إذ قام المعهد الوطني الأميركي للصحة (NIH) بتمويل الأبحاث المنشورة حول تقنيات اللقاح بأكثر من 17.2 مليار دولار، ما يوفّر الأساس للقاحات كورونا التي تدخل السوق حالياً.
ويرى الباحثون أنّ نحو 97 بالمائة على الأقل، من قيمة تمويل لقاح أكسفورد - أسترازينيكا، قد تمّ تسديدها من قبل دافعي الضرائب أو الصناديق الخيرية. وبحسب الباحثين، فقد تمّ تحديد مصدر مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية من المنح البحثية، والتي كانت قد رصدت من أجل التكنولوجيا الداعمة للأبحاث الفيروسية.
وتعتبر كلّ من الإدارات الحكومية البريطانية، والمعاهد العلمية سواء البريطانية أو الأميركية، إضافة إلى المفوضية الأوروبية والجمعيات الخيرية، من أبرز الداعمين لأبحاث الفيروسات.
وبحسب دراسة إحصائية قام بها الباحثون، وجدوا أنّ نحو 2 بالمائة من إجمالي تمويل لقاح أسترازينيكا، يعود إلى القطاع الخاص أو الشركات المطوّرة، مقابل 97 بالمائة من القيمة الإجمالية لتمويل اللقاح، قد تمّت سابقاً من قبل المؤسسات العامة البريطانية.
وكانت شركات الأدوية، ومطوّرو اللقاحات، قد روّجوا لفكرة عدم التنازل عن براءات اختراع لقاحات فيروس كورونا، متذرّعين بأهمية الحفاظ على حقوق الملكية وجني الأرباح، التي تعدّ الدافع الرئيسي لابتكار اللقاحات، لأنّ الترويج لهذه الأفكار، يرفع أسعار اللقاحات، ويحقّق هامشا أكبر من الربح.
واعتبر فريق من الباحثين أنّ دراستهم تظهر أنّ الاستثمار العام والتعاون الدولي من المؤسسات الأميركية والبريطانية والمفوضية الأوروبية، قد ساهمت في إنتاج لقاحات فيروس كورونا، على عكس ما يتمّ الترويج له، من أنّ الشركات المطوّرة للقاحات قد دفعت من ميزانيتها الخاصة الأموال لتطوير اللقاح.
وأظهرت المعلومات التي تمّ الكشف عنها، أنه حتى 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام 2019، وهو اليوم الذي أعلنت فيه الصين عن اكتشاف "التهاب رئوي مجهول السبب" في مدينة ووهان، كانت الشركات المطوّرة للقاحات قد حصلت على أموال من قبل الحكومات الخارجية والاتحاد الأوروبي.
بمجرد تحديد فيروس كورونا، وبدء انتشاره في يناير/كانون الثاني 2020، تدخّلت حكومة المملكة المتحدة بتمويل يزيد عن 33 مليون جنيه استرليني لإنتاج لقاح فعّال ضدّ الفيروس، بالإضافة إلى منح مبلغ 5 ملايين جنيه استرليني كانت قد قدمتها في وقت سابق، ما يجعل الحكومة البريطانية أكبر مصدر للتمويل.
وطالب الباحثون بعد الكشف عن مصادر تمويل اللقاحات، من الشركات المطوّرة، بضرورة الاعتراف بأنّ تقنية اللقاحات ضدّ فيروس كورونا قد تمّ تطويرها بتمويل حكومي وخيري شبه كامل.