المحكمة الأميركية العليا تلغي الحق الدستوري في الإجهاض

24 يونيو 2022
مناهضون أميركيون للإجهاض يحتفلون عقب قرار إلغاء الحقّ به (أوليفييه دولييري/فرانس برس)
+ الخط -

أنهت المحكمة الأميركية العليا، اليوم الجمعة، الحقّ الدستوري بالإجهاض، من خلال إصدارها قراراً يقضي على نصف قرن من الحماية الدستورية في واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في المشهد السياسي الأميركي.

جاء ذلك وسط ردود فعل متباينة من قبل مناهضي الإجهاض ومؤيّديه الذي ترقّبوا القرار الجديد أمام مبنى المحكمة. وفي حين راح المناهضون يحتفلون بما عدّوه "نصراً" لقضيّتهم، كانت الصدمة واضحة على المؤيدّين الذين انهار عدد منهم.  

وألغت المحكمة القرار التاريخي الذي صدر في عام 1973 في القضية المعروفة باسم "رو ضد ويد" ليكرّس حقّ المرأة في الإجهاض، وأشارت إلى أنّ في إمكان كلّ ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيّده بحسب ما تراه مناسباً، مثلما كان سائداً قبل سبعينيات القرن الماضي. ومن المتوقّع أن تعمد نحو 26 ولاية إلى حظر الإجهاض.

أضافت المحكمة أنّ "الدستور لا يمنح الحقّ في الإجهاض، ويُنقَض قرار رو ضد ويد، وتُعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثّليهم المنتخبين". وشدّدت على أنّ "الدستور الأميركي لا يشير إلى الإجهاض ولا إلى حماية ضمنية لمثل هذا الحقّ في أيّ من بنوده".

الصورة
صدمة مؤيدي الإجهاض في الولايات المتحدة الأميركية بعد إعلان المحكمة الأميركية العليا إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض (آنا مانيميكر/ Getty)
صدمة بعد إعلان المحكمة الأميركية العليا إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض (آنا مانيميكر/ Getty)

وقد انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن القرار الذي أصدرته المحكمة العليا وقال إنّ صحة وحياة النساء في بلاده صارت الآن في خطر. أضاف في خطاب من البيت الأبيض بعد صدور الحكم: "إنّه يوم حزين للمحكمة وللبلاد"، وتابع أنّه يعيد البلاد 150 عاماً إلى الوراء. وتعهّد بايدن بمواصلة الكفاح من أجل الحقوق الإنجابية، لافتاً إلى أنّ لا أمر تنفيذياً يمكنه ضمان حقّ المرأة في الاختيار. وحثّ بايدن الناخبين على التصويت لصالح النواب الذين سوف يعملون في الكونغرس على تقنين حقوق الإجهاض الأساسية في عموم البلاد. وقال: "هذا الخريف التصويت على رو... الحريات الشخصية هي محلّ التصويت"، في إشارة إلى قضية "رو ضد ويد". وشدّد بايدن على أن تكون الدعوة سلمية إلى أيّ احتجاجات، مشدّداً على أنّ "العنف ليس مقبولاً على الإطلاق".

في سياق متصل، صرّح مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بعيد إبطال المحكمة الأميركية العليا حكماً أساسياً يقنّن الإجهاض، لوكالة رويترز: "أشعر بخيبة أمل بالغة لأنّ حماية حقوق النساء أمر واجب. وكنت أتوقّع أن تحمي الولايات المتحدة الأميركية مثل تلك الحقوق".

من جهتها، أعلنت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، في بيان، أنّ إلغاء الحقّ في الاجهاض الذي قررته المحكمة الأميركية العليا "يشكّل ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء". أضافت أنّ "الحقّ في الاجهاض الآمن والقانوني والفاعل متجذّر بعمق في القانون الإنساني الدولي وهو في صلب استقلالية النساء وقدرتهنّ على القيام بخياراتهنّ بأنفسهنّ"، مبدية أسفها لقرار "يشكّل تراجعاً كبيراً".

أمّا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ستيفان دوجاريك، فقال إنّ "الصحة الجنسية والإنجابية والحقّ فيهما أساس الحياة القائمة على الاختيار والتمكين والمساواة للنساء والفتيات في العالم... وفرض قيود على الإجهاض لا يمنع الناس من السعي إليه، بل يجعله أكثر فتكاً".

في المقابل، أشادت الأكاديمية الباباوية من أجل الحياة بقرار المحكمة الأميركية العليا، ولفتت إلى أنّه "يتحدّى العالم أجمع" في ما يخصّ قضايا الحياة. وشدّدت الأكاديمية في الفاتيكان، في بيان، على أنّ الدفاع عن الحياة البشرية لا يمكن حصره بحقوق فردية.

والقرار الخاص بالقضية المعروفة باسم "رو ضد ويد" الصادر قبل 49 عاماً قد منح النساء الحقّ في البتّ في الشؤون المتعلقة بأجسادهنّ وكفل لهنّ الحماية القانونية في حال الإجهاض. وقد سمح آنذاك للكوادر الطبية بتقديم المساعدة وإجراء عمليات الإجهاض للنساء اللواتي يرغبنَ في ذلك، حتى الأسابيع المتراوحة ما بين 22 و24 من الحمل، أي طالما الجنين غير قادر على البقاء حياً في خارج الرحم، من دون أن يؤدّي ذلك إلى تجريم تلك الكوادر الطبية والصحية، مثلما كان يحدث قبل ذلك. وبحسب القرار نفسه، لم تعد النساء مضطرات إلى تعليل قرارهنّ في السياق.

وكان الرئيس السابق دونالد ترامب قد وعد في حملته الانتخابية في عام 2016 بتعيين قضاة في المحكمة العليا يُبطلون إقرار في قضية "رو ضد ويد"، وقد تمكّن بالفعل من تعيين ثلاثة قضاة محافظين في خلال ولايته التي استمرّت أربع سنوات، الأمر الذي رجّح كفّة اليمينيين في المحكمة وأسّس لأغلبية محافظة من ستّة قضاة في مقابل ثلاثة ليبراليين. من جهته، وصف بايدن احتمال إبطال القرار بـ"الخطوة المتطرفة"، في مايو/أيار الماضي، وطالب الكونغرس الأميركي بإصدار تشريع يحمي حقّ الإجهاض على مستوى البلاد.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)