تعاني المستشفيات في مناطق سيطرة النظام السوري من أزمة حادة تتعلق بنقص أطباء التخدير، وهذه المشكلة تظل تؤرق القطاع الصحي دون أي حلول جذرية حتى اللحظة. يعتمد معظم المستشفيات الخاصة على فنيي التخدير بدلاً من الأطباء، ما يزيد من حدوث الأخطاء الطبية.
رئيسة رابطة أطباء التخدير وتدبير الألم في نقابة الأطباء، زبيدة شموط، أشارت في تصريح صحافي إلى أنّ الأخطاء الطبية تتكرر بشكل متزايد في المستشفيات الخاصة بسبب اعتمادها على فنيي التخدير، ودعت وزارة الصحة إلى مراقبة أكبر لهذه المستشفيات وتقديم الدعم اللازم.
وأوضحت شموط أن مشكلة أعداد أطباء التخدير لا تزال قائمة "خصوصاً أن الداخلين إلى الاختصاص هذا العام قليل جداً، وحتى العديد من الأطباء الجدد في هذا الاختصاص يفكرون في السفر خارج البلاد للبحث عن مورد"، مشيرة إلى أن رفع سنّ التقاعد للأطباء إلى 65 سنة أجّل المشكلة، ولكن لم ينهها بشكل كامل، معتبرة أنّ المشكلة تكمن "بالبحث عن الموارد البشرية ودعمها بالموارد".
وأوضحت أنّ "المشكلة تتفاقم بسبب نقص أعداد أطباء التخدير والعدد القليل جداً من الداخلين إلى هذا الاختصاص، فضلاً عن أن غالبيتهم يفكرون في السفر خارج البلاد للبحث عن مورد".
ولفتت في الشأن إلى أنه "على الرغم من رفع سنّ التقاعد للأطباء إلى 65 سنة، إلا أن المشكلة تستمر في الارتفاع"، مشددة على ضرورة البحث عن مزيد من الموارد البشرية وتقديم الدعم اللازم لحل هذه الأزمة.
من ناحية أخرى، أشار مصدر طبي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ أجور أطباء التخدير وفنيي التخدير ارتفعت كثيراً، وزادت حالات الأخطاء الطبية بسبب النقص.
ولفت المصدر إلى وجود 7 أطباء تخدير في منطقة السويداء (جنوب) فقط، وأن المرضى في المستشفيات العامة يتعين عليهم دفع مبالغ مرتفعة للحصول على خدمات التخدير.
وأردف موضحاً أن "هؤلاء الأطباء يديرون عياداتهم في مجال الطب العام بالإضافة إلى عملهم في التخدير. وعندما يحتاج المريض إلى جراحة، يتعين عليه التنسيق مع طبيب التخدير ودفع مبالغ تراوح بين 50 و100 ألف ليرة سورية (الدولار = 13000 ليرة) في المستشفيات العامة. وفي المستشفيات الخاصة، يلعب الفنيون دوراً كبيراً في العمليات البسيطة ويُستَدعَون في حالة غياب الأطباء.
وفيما أكد المصدر أنّ مشكلة الأخطاء الطبية واردة في أي وقت، سواء كان ذلك بسبب الفنيين أو الأطباء، لفت إلى أن في المستشفيات الخاصة يتعدى الأمر مجرد النقص في الأطباء إلى الوضع المادي الصعب، ما يجبر الأطباء على البحث عن مصادر إضافية للدخل.
ومع النقص الواضح في أطباء التخدير في مناطق سيطرة النظام، يلجأ بعض المرضى إلى إجراء عمليات جراحية في مناطق أخرى مثل إدلب. وتقول سناء أم أمين، إحدى المريضات، لـ"العربي الجديد"، إنها قامت بجراحة في العمود الفقري والفخذ في منطقة شمال سورية، التي تديرها فصائل المعارضة المسلحة. وأشارت إلى أنّ التكلفة كانت أقل بكثير مقارنة بالمناطق الأخرى، وذلك بفضل التفاهم المسبق مع طبيب التخدير.
يشار إلى أن سورية تواجه نقصاً حاداً في عدد أطباء التخدير، حيث فقدت نحو 30% من هذا الكادر. وتحتاج البلاد بشدة إلى جلب أكثر من ألف طبيب تخدير لتعويض هذا العجز الضخم في القطاع الصحي.