تواصلت لليوم الثالث على التوالي، في مدن مغربية عديدة، الاحتجاجات ضدّ قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة القاضي بخفض سنّ توظيف كوادر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في المغرب إلى 30 عاماً.
ورفع المحتجون في الوقفات الاحتجاجية التي نظّمت، اليوم الاثنين، أمام مقار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شعارات تطالب بمراجعة القرار الذي وصفوه بـ"الإقصائي" وبأنّه "يضرب مبدأ تكافؤ الفرص" للفئات العريضة التي تمّ استبعادها، سواء حاملي شهادات الإجازة أو الماجستير أو الدكتوراه. وكان لافتاً لجوء طلاب جامعات عدّة إلى مقاطعة الدروس في سياق تحرّكاتهم لإسقاط قرار الوزير شكيب بنموسى، الوصي على قطاع التعليم، القاضي بفرض شروط جديدة للتوظيف في القطاع.
وفي مدينة مراكش، نظّم مئات الطلاب والمتخرّجين العاطلين عن العمل مسيرة احتجاجية، رفعوا في خلالها شعارات تندّد بقرار خفض سنّ التوظيف إلى 30 عاماً، من قبيل "الشعب يريد إسقاط الانتقاء" و"الموت ولا المذلة" و"لا صحة لا تعليم.. هذا مغرب الله كريم". وأمضت كليتا الآداب والعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في مدينة مرتيل (شمال) وكلية العلوم في مدينة تطوان (شمال) هذا اليوم، الاثنين، على وقع الاحتجاجات ومقاطعة الطلاب الدراسة احتجاجاً على قرار الوزير. وتكرّر المشهد نفسه في مدينة الرشيدية (جنوب شرق) حيث نظّم عشرات من الطلاب والعاطلين عن العمل مسيرة احتجاجية، كذلك الأمر في مدينة خنيفرة (وسط) حيث نُظمت وقفة احتجاجية أمام المديرية الإقليمية للتعليم.
يُذكر أنّ مساء أمس الأحد، خرج مئات الغاضبين للاحتجاج على القرار الحكومي، فنُظمت وقفات ومسيرات بمدن مثل فاس وطنجة وبني ملال وأكادير وسوق السبت والعيون الشرقية، مع الإشارة إلى أنّ عدداً منها لم يخلُ من تدخّل أمني.
🔴تحديد السن الأقصى لاجتياز المباريات في 30 سنة، بغية جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهن التدريس وبهدف ضمان التزامهم الدائم في خدمة المدرسة العمومية علاوة على الاستثمار الأنجع في التكوين وفي مساراتهم المهنية.
— EducationMaroc (@MarocEducation) November 19, 2021
وكان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى قد أصدر، يوم الجمعة الماضي، قراراً حدّد السنّ الأقصى لاجتياز المباريات (مسابقات التوظيف) بـ30 عاماً، خلافاً لما كانت تشترطه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في السابق، أي ألا تتجاوز سنّ المرشّحين 45 عاماً عند تاريخ التحاقهم بمقارّ عملهم. وربط الوزير قرار خفض سنّ التوظيف في التعليم بالرغبة في "جذب المترشّحات والمترشّحين الشباب نحو مهن التدريس، وضمان التزامهم الدائم في خدمة المدرسة العمومية، علاوة على الاستثمار الأنجع في التكوين وفي مساراتهم المهنية".
كذلك، كشف توضيح للوزارة، صدر في اليوم نفسه، أنّه تمّ "وضع إجراءات للانتقاء القبلي لاجتياز المباريات الكتابية بناء على معايير موضوعية وصارمة، بغية ترسيخ الانتقاء ودعم جاذبية مهن التدريس لفائدة المترشّحات والمترشّحين الأكفاء. وتأخذ هذه المعايير بعين الاعتبار الميزة المحصول عليها في البكالوريا والميزة المحصول عليها في الإجازة (البكالوريوس) وسنة الحصول على هذه الأخيرة". وأوضحت الوزارة أنّ المباريات المبرمجة هذه السنة تندرج في صلب سياسة الارتقاء بالمنظومة التعليمية التي أكّد عليها القانون الإطار 17-51، والتي جعلها النموذج التنموي الجديد في صدارة أولوياته، ومثل ما اعتمدها كذلك البرنامج الحكومي بشكل صريح.
في المقابل، رأى معارضو قرار الوزارة تحديد سنّ الترشّح بـ30 عاماً مخالفاً للقانون والدستور، مشيرين إلى أنّه يهدّد بمفاقمة أزمة البطالة التي زادت نسبتها من جرّاء تداعيات أزمة كورونا في البلاد، إذ زادت من 12.3 في المائة خلال الفصل الثاني من عام 2020 إلى 12.8 في المائة خلال الفصل الثاني من العام الجاري، مع تسجيل ارتفاع حاد في الوسط الحضري، الذي قفزت فيه النسبة من 15.6 في المائة إلى 18.2 في المائة بسبب فقدان شبان أعمالهم بسبب الوباء، بحسب المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط).
وفي سياق متصل، رأت المنظمة الديمقراطية للشغل (تنظيم عمالي محسوب على حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب)، اليوم الاثنين، أنّ قرار الوزير، القاضي بتحديد سنّ 30 عاماً شرطاً لاجتياز مباراة توظيف كوادر التدريس وكوادر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي، هو قرار "إقصائي ومتناقض مع الالتزامات الحكومية ومع انتظارات أبناء الشعب المغربي". وأفادت المنظمة في بيان بأنّ القرار يتنافى كلياً مع مضامين تقرير اللجنة الملكية للنموذج التنموي، التي كان شكيب بنموسى يترأسها وقامت بتحديد وضع البطالة بالمغرب، ووقفت عند مؤشّر بطالة خرّيجي الجامعات والمعاهد العليا وضرورة إدماجهم في الحياة المهنية. ولفتت المنظمة إلى أنّ هذه الفئة الاجتماعية تُعَدّ الأكثر تضرراً في ما يتعلق بالحصول على الشغل اللائق، إذ إنّ 40 في المائة من المشمولين فيها يلتحقون سنوياً بجيش العاطلين عن العمل بعد سنوات من التحصيل والانتظار المزمن.