استمع إلى الملخص
- **ردود فعل غاضبة تصل إلى البرلمان والأحزاب السياسية**: استنكرت النائبة هند الرطل بناني سلوك العميد واعتبرته "عنفاً نفسياً"، وشنّ رئيس حزب "العدالة والتنمية" هجوماً حاداً عليه، ووصفت النقابة الوطنية للتعليم العالي سلوكه بـ"الأرعن".
- **تضامن أكاديمي ورسمي مع الطالبة وموقف الحكومة**: تضامن أساتذة القانون بارتداء الكوفية الفلسطينية، واعتبر وزير التعليم العالي أن العميد ربما أخطأ، وأكد مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا أن ارتداء الكوفية "سلوك طبيعي" ومنسجم مع الموقف الرسمي للمغرب.
اتسعت دائرة الغضب، خلال الساعات الماضية، في المغرب لتشمل البرلمان وعدداً من الأحزاب على إثر رفض عميد كلية العلوم بن امسيك بالدار البيضاء (وسط غرب)، توشيح طالبة متفوقة في المدرسة العليا للتكنولوجيا، بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية خلال حفل التكريم.
ومنذ السبت الماضي، يشهد المغرب تضامناً واسعاً مع الطالبة خديجة أحتور التي وجدت نفسها في موقف غريب خلال حفل تكريم الطلاب المتفوقين بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، بعدما رفض عميد كلية العلوم بن امسيك، تكريمها، مبرراً ذلك بأنها تعبّر عن موقف سياسي بارتدائها الكوفية الفلسطينية تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
وفي أول تعليق رسمي على الواقعة المثيرة للجدل، حاول وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، إمساك العصا من الوسط، من خلال تأكيده أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) أن الأمر يتعلق برأي شخصي، قبل أن يستدرك، قائلاً إن "العميد ربما أخطأ في ذلك، والجميع معرض للخطأ"، حسب قوله.
وبينما رفض المسؤول الحكومي الخوض في الحديث عن الواقعة التي أثارت جدلاً واسعاً، كان لافتاً تأكيد مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا بمدينة الدار البيضاء، رشيد الصمود، في تصريح صحافي أمس، أن ارتداء الطالبة للكوفية "سلوك طبيعي"، وأن موقف مؤسسته الجامعية منسجم مع الموقف الرسمي للمغرب الداعم للقضية الفلسطينية.
أزمة الكوفية الفلسطينية تصل إلى البرلمان المغربي
وبالتزامن مع موجة التضامن الواسعة داخل البلاد وخارجها، توالت ردود الأفعال الغاضبة، خلال الساعات الأخيرة، ضد عميد كلية العلوم بن امسيك بالدار البيضاء في الشارع والجامعات، وهي الردود التي وصل صداها إلى البرلمان المغربي والأحزاب السياسية.
عميد كلية العلوم بنمسيك يرفض تسليم جائزة لطالبة ترتدي الكوفية الفلسطينية. pic.twitter.com/ORIOl4352D
— الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (@unem__net) July 15, 2024
وفي السياق، استنكرت النائبة البرلمانية هند الرطل بناني، سلوك العميد، معتبرة خلال جلسة مناقشة قانون محاربة العنف ضد النساء بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) أمس الثلاثاء، أن ما تعرضت له الطالبة خديجة أحتور يُعَدّ "عنفاً نفسياً"، لافتةً إلى أن الحديث عن العنف داخل مؤسسة البرلمان يتطلب مواقف واضحة وصريحة تجاه ما يحدث.
بالمقابل، شنّ رئيس المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الله بوانو، خلال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة أول من أمس الاثنين، هجوماً حاداً على عميد كلية العلوم، معتبراً أن سلوكه "سيبقى وصمة عار في جبينه"، و"يعكس انبطاح عدد من المحسوبين على المثقفين والنخبة الأكاديمية، أمام التطبيع مع الكيان الصهيوني". ولفت إلى أن "هؤلاء وغيرهم من المهرولين نحو التطبيع، لم يقرأوا جيداً بلاغ الديوان الملكي الذي صدر عقب التوقيع على الإعلان الثلاثي، الذي حدد مجالات استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وحدد سقفها".
تصريحات قيادات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بالمسيرة الشعبية بطنجة 7 يوليوز 2024. pic.twitter.com/fJvpmuOc3n
— الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (@unem__net) July 9, 2024
وكان موقف العميد قد أثار استياءً واسعاً خلال حفل تكريم الطلاب المتفوقين، قبل أن ينتقل الغضب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالتزامن مع مجزرة مخيم خان يونس بغزة التي أدت إلى سقوط أكثر من 90 شهيداً و300 جريح، نصفهم من الأطفال والنساء. في حين لم تتوانَ النقابة الوطنية للتعليم العالي عن التعبير عن غضبها من عميد كلية العلوم، واصفة سلوكه بـ"الأرعن"، ودعت في بيان لها "إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذا السلوك الشاذ".
وعلى خلاف ما اقترفه العميد، ظهر عدد من أساتذة القانون البارزين، في كل من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، يضعون الكوفية والعلم الفلسطيني إلى جانبهم، خلال مناقشات أطروحات ورسائل جامعية.
من قلب غزة المدمرة ومن قلب الإبادة وارض البطولات والمقاومة ومن ارض العزة والكرامة شكرا خديجة احتور اي وسام هدا pic.twitter.com/sJzNRXgiQI
— قطرة الندى 🇲🇦🇵🇸 (@QtrtA6492) July 16, 2024
يقول رئيس مركز "شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية"، رشيد لزرق، لـ"العربي الجديد"، إن ردود الفعل حيال حادثة الكوفية تعكس طبيعة المجتمع المغربي وحساسية القضية لكونها تتعلق بمسألة الهوية المغربية، موضحاً أن الكوفية تتجاوز كونها مجرد قطعة ملابس إلى رمز ثقافي، وأحياناً سياسي للنضال الفلسطيني، وأن التضامن المغربي مع القضية يجعلها مسألة جد حساسة، موضحاً أن منع الكوفية قد يفسر بأنه تهديد للهوية الوطنية في ظل وجود دعم شعبي قوي للقضية الفلسطينية، معتبراً أن تدخل مؤسسة كالبرلمان في النقاش راجع لكون واقعة الكوفية تجاوزت كونها حادثة فردية، وتحولت إلى قضية وطنية.
أنا مغربي أنا
— hassan bennajeh - حسن بناجح (@h_bennajeh) July 16, 2024
ضد التطبيع والخيانة
✅ تحت هذا الشعار يواصل الشعب المغربي الآن من أمام مقر البرلمان بالرباط إسناده لفلسطين ورفضه لكل أشكال التطبيع.
📌 الثلاثاء 16 يوليوز 2024 pic.twitter.com/ae1aH1lR0E
ويرى أن الضغط الذي مارسته وسائل التواصل الاجتماعي من خلال انتشار الصور ومقاطع الفيديو بسرعة ساهم في تأجيج الموقف وتوسيع نطاق النقاش، الذي وصل إلى حد المطالبة بمعاقبة العميد، معتبراً أن الردود الغاضبة إزاء ما وقع تشير إلى أن المجتمع المغربي يمر بنقاش عميق حول الهوية، والحريات الشخصية، ودور المؤسسات التعليمية. كذلك تعكس حساسية المجتمع تجاه القضايا المرتبطة بالرموز الثقافية والسياسية بالنسبة إلى المغاربة.
من جانبه، يرى عضو "الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة"، التي تُعَدّ من مكونات "الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع"، حسن بناجح، أنه "حيال فعل شنيع كان من الطبيعي أن تكون هناك ردود فعل قوية جداً، سواء من حيث نبرتها وطبيعتها، أو من حيث عدد المنخرطين فيها من كل الفئات والحيثيات، وأيضاً لدوامها لأيام دون أن تنطفئ جذوتها".
ويرجع بناجح ردود الفعل القوية تلك إلى ثلاثة أسباب رئيسة: "أولها جوهري ناتج من تعلق المغاربة في غالبيتهم المطلقة بفلسطين ورفضهم للتطبيع بكل أشكاله، وهم الذين ظلوا في الشوارع يطالبون منذ توقيع اتفاقية التطبيع المشؤومة في ديسمبر/ كانون الأول 2020 وإلى حدود اليوم، بوقف التطبيع".
برلمانية: حينما نتحدث عن العنف ضد النساء يجب أن تستحضر ما وقع للطالبة صاحبة "الكوفية"
— The voice صوت المغرب (@voiceofmorocco) July 16, 2024
.
.
.#المغرب #TheVoiceofMorocco #صوت_المغرب #صدى_الحقيقة pic.twitter.com/TcK3VLDB3d
ويكمن السبب الثاني، وفق المتحدث عينه، في اقتران الجرم بوقوعه في الجامعة وفي مناسبة أكاديمية، مشيراً إلى أنّ "من غير المعقول أن يرتكب في الحرم الجامعي ما يعارض الحرية، فما بالك أن يرتكب من طرف من يفترض فيه أن يكون مسؤولاً عن إشاعة هذه الحرية".
أما السبب الثالث، فيتمثل بأن المعنيّ بالأمر زاد على رفضه لتوشيح الطالبة بذلك الشكل المستغرب محاولة تطبيقه لـ "شرع اليد"، بعد أن شرع في محاولة رفع الكوفية عن الطالبة، وهو أمر لا يمكن إلا أن يثير الجميع بغضّ النظر عن موضوع الكوفية، لما فيه من تجاوز قانوني وأخلاقي حينما مدّ يده إلى لباس الطالبة، يقول بناجح.
وإجمالاً، يتوقع المتحدث ذاته أن تتصاعد وتستمر معركة مواجهة التطبيع خلال الأيام المقبلة، معتبراً أن ما قام به العميد "يبقى عملاً نشازاً ومعزولاً عن الجو العام، ويذكر بما مارسه قلة ممن كانوا قد أعلنوا شعار "كلنا إسرائيليون"، قبل أن يواجههم المجتمع، ويدركوا في نهاية المطاف حجمهم الحقيقي أمام الطوفان العام للشعب المغربي ضد أي سلوك مشين".
ويتابع: "أحمل الدولة المسؤولية عن هذه النتائج، على أساس أن التطبيع يشكل مسؤولية معنوية ومادية لها في توفير الغطاء لمثل هذه التصرفات التي ما كان لها أن تكون إلا في ظل تطبيع السلطات. لقد كانت هناك مطالبات دائمة وطويلة بتجريم التطبيع، لكن الدولة تتلكأ في تشريع هذا القانون الذي من شأنه أن يوجد كوابح قانونية للتصرفات المعاكسة والمعتدية على الشعور والأمن العامين وعلى الاختيار العام للشعب المغربي وضرب ثوابته. وعلى كل، على الدولة المغربية أن تتحمل مسؤوليتها للوقوف في وجه مثل هذه التصرفات وأول شيء يمكن القيام به هو أن توقف التطبيع".