المغرب: دعم للمعوزين في رمضان رغم كورونا
أطلقت جمعيات ومؤسسات خيرية في المغرب حملات للتكافل والتآزر هدفها الأسر المعوزة، مع اقتراب شهر رمضان الذي يُسلّط في خلاله على قيم البذل والعطاء، خصوصاً في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تفرضها جائحة كورونا في العالم وفي البلاد على حدّ سواء.
مؤسسة "عطاء" واحدة من تلك المؤسسات، وقد باشرت في العاصمة الرباط حملة إنسانية وخيرية ترتكز على توزيع بطاقات مصرفية قابلة للتعبئة، تمكّن المستهدفين من التزوّد بالمواد الغذائية المطلوبة في شهر رمضان، بما يضمن كرامتهم ويحفظ سلامتهم. وهذه البطاقة تحوي بداية 700 درهم مغربي (نحو 78 دولاراً أميركياً)، هي قيمة القفة الغذائية، تُستخدَم في المحلات التجارية الكبرى بطريقة آمنة، وفق ما جاء في بيان للمؤسسة. وفي هذا الإطار، يقول سعيد اشتاتو، وهو ناشط في المؤسسة التي تُعنى بمساعدة الأشخاص الذين يُصنّفون بأنّهم في أوضاع صعبة وكذلك بمواكبة المشاريع المحلية للحدّ من الإقصاء والفوارق المجتمعية، إنّ "تطوير المجال التطوعي في المغرب ورفع الحرج عن الأسر المحتاجة ومنحها الحق في اختيار ما يناسبها من احتياجات، إلى جانب احترام القواعد والتدابير الوقائية التي تفرضها الأزمة الصحية، كان من بين أبرز الأهداف التي دفعتنا إلى التفكير في حملة أكثر تطوّراً ونجاعة" من الحملات السابقة. ويشير اشتاتو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ توزيع القفة الرمضانية على الأسر المحتاجة بالطريقة التقليدية في الظروف الصحية الحالية، من شأنه أن يعرّض الناس المستهدفين وكذلك فريق العمل إلى عدوى محتملة بفيروس كورونا الجديد.
ويوضح اشتاتو أنّ "فكرة البطاقة المصرفية جديدة في المغرب في مجال جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، وتمّ التفكير فيها لأكثر من سنتين، لكنّ الظروف سمحت الآن بتنفيذها وبلورتها على أرض الواقع". يضيف أنّ "عدد الأسر التي ستستفيد منها حُصر في إطار تدابير وقائية، علماً أنّ هذه البطاقات تمّت عبر مؤسسة تابعة لبنك المغرب (البنك المركزي)". ويلفت الناشط، الذي قضى أكثر من 10 أعوام في مجال العمل التطوعي، إلى أنّه وبهدف تعميم الاستفادة على نطاق واسع، "سوف يُحتفظ بقفة رمضان في القرى والدواوير النائية التي تنعدم فيها إمكانية استفادة الأسر من البطاقات المصرفية"، مؤكداً أنّه "سوف يتمّ العمل مستقبلاً للاستفادة منها، عبر تنظيم دورات تدريب لأصحاب المحلات والباعة بالتقسيط حول كيفية استخدام أجهزة الدفع بالبطاقة الإلكترونية، وكذلك تدريب السكان عن كيفية استخدامها (في مشترياتهم)". بالنسبة إلى اشتاتو، فإنّ ما ينقص العمل التطوعي في المغرب هو إرادة الابتكار والتجديد وإخراج المساعدات من إطار المناسبات، طارحاً "تحويلها إلى مشاريع خاصة تعود بالنفع على أصحابها بشكل متواصل".
بدورهم، بادر متطوعو فريق جمعية "الأمل" في الدار البيضاء، إلى إطلاق حملة "قفة الأمل" في نسختها التاسعة تحت شعار "بقفّة من خيرك يحلى رمضان غيرك"، وهي تهدف إلى مدّ يد العون إلى المحتاجين والمساهمة في التخفيف عنهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم.
ويقول شوقي لحرش، وهو عضو في جمعية متطوعي الأمل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الحملة تستهدف نحو 1200 أسرة معوزة، من خلال توفير بعض الحاجيات الأساسية والمؤن الضرورية لها طيلة شهر رمضان"، وذلك "في ظل عدم تمكننا للموسم الثاني على التوالي من تنظيم مائدة الأمل، نظراً إلى الظروف التي يفرضها الوضع الوبائي وعملاً بتوصيات منظمة الصحة العالمية التي أوصت بتجنّب موائد الإفطار الجماعية".
ويوضح لحرش أنّ "الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو فعل الخير والعناية بالغير، سواء في الدار البيضاء أو باقي مدن البلاد، وذلك من خلال قاعدة بيانات تُعَدّ مسبقاً بغرض تخفيف وطأة الحاجة والحرمان"، مشيراً إلى أن "أنشطة الجمعية ليست محصورة بشهر رمضان، بل هي تشمل قوافل تضامنية إلى القرى ومبادرات أخرى في مناسبات دينية، كعيد الأضحى، فضلاً عن تنظيم حملات توعية حول فيروس كورونا الجديد وتوزيع أقنعة واقية ومعقّمات للحماية من الوباء".
أمّا جمعية "مغاربة ونفتخر" الشبابية، فأعلنت عن تنظيم "قفة الخير" في نسختها التاسعة لدعم الأيتام والمعوزين في خلال شهر رمضان، على الرغم من التحديات التي يفرضها الوضع الصحي في البلاد. وتقول شيماء ياقوت، وهي عضو في الجمعية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنظيم هذه الحملة والاستعدادات التي تسبقها تأتي في ظروف تفرض احترام الضوابط والشروط الصحية لتجنب انتقال عدوى كورونا للمستفيدين وللمتطوعين على حدّ سواء". وتوضح أنّ "اجتماعات أعضاء الفريق جرت عن بُعد، وجرى من خلالها توزيع المهام والأدوار بيننا، ليباشر كلّ واحد منّا المهام التي أوكلت إليه في جمع المواد الغذائية من المساهمين والمحسنين، ثمّ تعقيمها قبل توزيعها على القفف وإيصالها إلى مستحقيها بشكل آمن".
والجمعية التي تهتم بأنشطة ذات أبعاد اجتماعية وإنسانية لمصلحة فئات مختلفة، توفّر اليوم القفة الرمضانية، بحسب ياقوت، إلى "أكثر من 200 عائلة معوزة في حاجة إلى من يعينها على توفير مؤونة هذا الشهر الفضيل".