استمع إلى الملخص
- **تحذيرات رسمية واستعدادات**: أصدرت الوكالة المغربية للمياه والغابات والمديرية العامة للأرصاد الجوية تحذيرات من خطورة اندلاع حرائق، مشددة على الحذر واستباق الظاهرة بخرائط تنبؤ.
- **إجراءات لمواجهة الحرائق**: رصدت السلطات 153 مليون درهم لتعزيز تجهيزات مكافحة الحرائق، وزيادة دوريات المراقبة، وتنفيذ برامج توعية، وتعزيز الأسطول الجوي بطائرتين جديدتين.
تُسجَّل في المغرب مخاوف أن تؤدّي موجة الحر الجديد، المتوقعة ابتداءً من غدٍ الثلاثاء، إلى اندلاع حرائق غابات في مناطق عديدة في البلاد، في حين أنّ مشاهد عام 2022 ما زالت ماثلة في الأذهان. ففي ذلك العام، اجتاحت حرائق الغابات خمسة أقاليم في شمال البلاد، وأتت على آلاف الهكتارات، وتسبّبت في خسائر في الأرواح. وقد دعت السلطات في المغرب، اليوم الاثنين، سكان المناطق القريبة من الغابات في عشرة أقاليم إلى توخّي الحيطة والحذر ما بين اليوم الاثنين وبعد غدٍ الأربعاء، محذّرةً من اندلاع الحرائق فيها.
وكان المغرب قد تعرّض في عام 2022 لموجة حر شديدة، سُجّلت في خلالها درجات حرارة قياسية هي الأعلى منذ عام 1925، إذ تراوحت ما بين 46 درجة مئوية و49.3 في المنطقتَين الوسطى والجنوبية، الأمر الذي أدّى إلى نشوب حرائق غابات غير مسبوقة. ويشهد المغرب سنوياً حرائق في غاباته التي تغطّي نحو 12% من مساحته الإجمالية، وكذلك في واحات النخيل الواقعة في جنوبه الشرقي. وبحسب معطيات رسمية، فقد التهم 466 حريقاً نحو 6420 هكتاراً من الغطاء النباتي في عام 2023 الماضي، وقد أتت المساحة المحترقة أقلّ من تلك التي تضرّرت في عام 2022 والتي قُدّرت بـ22 ألفاً و800 هكتار، ما يعني انخفاض المساحة المحترقة بنسبة نحو 70%.
تحذير سكان 10 أقاليم من حرائق الغابات
أفادت الوكالة المغربية للمياه والغابات (حكومية) في بيان بأنّ ثمّة "خطورة قصوى"، صُنّفت في المستوى الأحمر، لاندلاع حرائق غابات في أقاليم شفشاون وصفرو وخنيفرة وإفران وبني ملال وأزيلال (شمال)، وتازة وكرسيف (شرق) ووجدة أنكاد (شمال شرق)، وتارودانت (وسط). وشدّدت على وجوب "توخّي الحيطة والحذر" من قبل السكان الذين يقطنون في جوار الغابات والعاملين فيها، وكذلك من قبل المصطافين والزائرين الذين يقصدون تلك المناطق المهدّدة. وطلبت من المواطنين وسواهم إبلاغ السلطات المحلية بسرعة، في حال رصد أيّ دخان أو سلوك مشبوه.
في الإطار نفسه، أشارت الوكالة إلى "خطورة مرتفعة (المستوى البرتقالي) لاندلاع حرائق غابات في أقاليم طنجة أصيلة ووزان وتاونات والحسيمة والدريوش والصويرة". وأضاف أنّ خطورة متوسطة (المستوى الأصفر) حُدّدت في أقاليم تطوان ومضيق فنيدق والعرائش والفحص أنجرة والناظور (شمال)، والرباط والصخيرات تمارة وسلا والقنيطرة (غرب)، وبركان (شمال شرق)، وأكادير إدا أوتانان (وسط). وتابعت الوكالة المغربية للمياه والغابات، في بيانها، أنّه "من أجل استباق ظاهرة حرائق الغابات على الصعيد الوطني، تصدر الوكالة الوطنية للمياه والغابات، انطلاقاً من معطيات علمية، خرائط تنبّؤ تحدّد بدقة المناطق الحساسة والمعرّضة لخطر اندلاع حرائق الغابات".
من جهتها، أصدرت المديرية العامة للأرصاد الجوية التابعة لوزارة التجهيز والماء في المغرب، أمس الأحد، "تحذيراً من موجة حر" تتراوح الحرارة فيها ما بين 42 درجة مئوية و47، ابتداءً من يوم غدٍ الثلاثاء وحتى يوم الجمعة المقبل، في عدد من أقاليم البلاد. وتوقّعت المديرية، في نشرتها التحذيرية، مستوى يقظة برتقالياً، مع تسجيل موجة حر ما بين غدٍ الثلاثاء ويوم الجمعة المقبل، تتراوح حرارتها ما بين 42 درجة مئوية و46، وذلك في عمالات وأقاليم بني ملال، والفقيه بن صالح، وجرسيف وتاونات، وتازة، وسطات، وخريبكة. كذلك توقّعت المديرية تسجيل ما بين 43 درجة مئوية و47، ابتداءً من بعد غدٍ الأربعاء وحتى الجمعة المقبل، وذلك في عمالات وأقاليم مراكش، والرحامنة، وقلعة السراغنة، وأوسرد، وواد الذهب، وبوجدور، وأسا الزاك، والسمارة، وطاطا، وتارودانت.
حرائق الغابات متوقّعة في الصيف الساخن
يقدّر الخبير البيئي مصطفى بنرامل أن يكون فصل الصيف هذا العام "ساخناً"، الأمر الذي "ينذر بوقوع كوارث لا يمكن التنبّؤ بها". ويوضح لـ"العربي الجديد " أنّ "موجة الحر التي يشهدها المغرب منذ منتصف يوليو/ تموز الجاري، والذي سترافقه في خلال شهر أغسطس/ آب المقبل، كانت متوقّعة ومنتظرة نتيجة رياح مدارية آتية من الجنوب، وظاهرة إل نينيو المناخية التي راحت تُسجَّل منذ الرابع من يونيو/ حزيران الماضي بسبب التيارات الهوائية النفّاثة التي صارت أكثر سخونة ممّا كانت عليه من قبل".
يضيف بنرامل أنّ "الأجواء الحارة التي يعرفها المغرب، في الوقت الراهن، قد تكون لها عواقب على الصحة العامة، ولا سيّما على الأطفال والمسنّين والمصابين بأمراض مزمنة، وكذلك على الكائنات المائية في البحيرات والسدود ومصبّات الأنهر والأودية". ويتابع الخبير البيئي أنّ العواقب قد تطاول كذلك "الغابات التي لا تستبعد خرائط التنبّؤ اندلاع حرائق فيها، خصوصاً تلك التي تعرف أنشطة بشرية في فصل الصيف، سواء في إطار السياحة الإيكولوجية (البيئية) أو المتنزّهات".
واستناداً إلى المخاطر القائمة والعواقب التي تطرحها موجة الحر، يشدّد بنرامل على "ضرورة الحذر، سواء من قبل السلطات أو القطاعات الحكومية أو المجتمع المدني أو السكان المحليين".
تجدر الإشارة إلى أنّ المغرب يواجه، للعام السادس على التوالي، تهديداً حقيقياً من جرّاء الجفاف، في ظلّ تراجع معدّلات سقوط الأمطار في السنوات الماضية، وسط مخاطر تُحدِق بالقطاع الزراعي الذي يمثّل عصب الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
تأهّب لمواجهة حرائق الغابات
وتُعَدّ الغابات في المغرب، بحسب الوكالة الوطنية للمياه والغابات، فضاءً طبيعياً مفتوحاً يتعرّض لضغوط كثيرة تؤثّر سلباً على أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إذ تزيد هذه الضغوط مخاطر اندلاع الحرائق، ولا سيّما أنّ الغابات المغربية تتميّز بقابلية اشتعال مرتفعة في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدّة الرياح الجافة والساخنة.
وقبل حلول فصل الصيف الجاري، كثّفت السلطات المغربية استعداداتها لمواجهة موسم حرائق الغابات المتوقَّع، وقد رصدت الوكالة الوطنية 153 مليون درهم (نحو 15.5 مليون دولار أميركي) لتوفير تجهيزات ومستلزمات مطلوبة للحدّ من اندلاع الحرائق، من شأنها أن تسمح بتعزيز دوريات المراقبة والرصد والإنذار المبكر، وكذلك فتح مسالك الغابات وصيانتها، إلى جانب ما يتعلّق بوسائل إطفاء النيران وتهيئة نقاط المياه وصيانة أبراج المراقبة وتوسيع الأحراج. ويُضاف كلّ ذلك إلى إعادة تأهيل المسالك وشراء مركبات جديدة للتدخل الأولي.
ونظراً إلى أهمية إجراءات التحسيس (التوعية) والتواصل، نفّذت الوكالة الوطنية للمياه والغابات بالتنسيق مع وزارة الداخلية والمديرية العامة للوقاية المدنية في المغرب، بمناسبة اليوم الوطني للتحسيس بمخاطر حرائق الغابات الذي حلّ في 21 مايو/ أيار الماضي، أنشطة وبرامج لتوعية التلاميذ والسكان ومرتادي الغابات بمخاطر وعواقب الحرائق، ونظّمت مبادرات للتوعية والتعريف بمخاطر حرائق الغابات مع عقد لقاءات مباشرة مع مرتاديها الغابات، بالإضافة إلى زيارات إرشادية للغابات الحضرية وشبه الحضرية. وفي الإطار نفسه، عزّز المغرب أسطوله الجوي الخاص بمكافحة حرائق الغابات من خلال اقتناء طائرتَين مروحيّتَين جديدتَين للإطفاء من طراز "كاندير"، الأمر الذي رفع عدد الطائرات من هذا النوع إلى ثمانية في البلاد.