استمع إلى الملخص
- تركز الحكومة على تدابير عاجلة لضمان توفير المياه للشرب والزراعة والصناعة، مع التركيز على تحلية مياه البحر واستخدام المياه المعالجة، وفقاً للخبير البيئي مصطفى بنرامل.
- يشدد الخبراء على أهمية تسريع محطات معالجة المياه العادمة ومراقبة المياه الجوفية، حيث يعاني المغرب من شح كبير في مياه الشرب وتراجع الأمطار بنسبة 65%.
يواجه المغرب وضعاً مائياً استثنائياً في ظل حالة التراجع المستمرة في نسبة ملء السدود الناتجة من توالي سنوات الجفاف، الذي تزايد خلال السنوات الست الماضية بالتزامن مع قلة التساقطات المطرية.
وحتى 13 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، استقرت نسبة ملء السدود المغربية عند حدود 28.90%، ما يجعل المنسوب الإجمالي لتلك المنشآت المائية لا يتجاوز حالياً 4 مليارات و867 مليون متر مكعب، وفق بوابة "مغرب السدود" الحكومية التي تديرها المديرية العامة لهندسة المياه بوزارة التجهيز والماء.
ورغم أن المنسوب الحالي لسدود المملكة يتجاوز نسبة الملء المسجلة في التاريخ نفسه من السنة الماضية بحوالى مليار متر مكعب، إلا أن الأرقام المسجلة تظل مقلقة بخصوص الوضعية المائية. ويصل عدد السدود في المغرب إلى 154 سداً كبيراً، وتفوق قدرتها التخزينية 20 مليار متر مكعب.
ومنذ يوليو 2022، يعيش المغرب في ظل حالة "طوارئ مائية"، بعدما أعلنت الحكومة ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة النقص الحادّ في الموارد المائية، الذي قالت إنه يضع الأفراد في وضعية مقلقة تؤثر في قدرتهم على الحصول على الكميات اللازمة للاستعمال اليومي من المياه، وأيضاً في أنشطتهم الاقتصادية، وتضرّ كذلك بجهود التنمية.
يقول الخبير البيئي رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ (أهلية) مصطفى بنرامل، لـ"العربي الجديد"، إن "تراجع نسبة ملء السدود إلى 28.90% نتيجة للظروف المناخية وحالة الطقس التي عاشها المغرب خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقابل طلب كثيف على المياه جعل نسبة ملء عدد من السدود تستقر أو تنخفض تدريجاً في مختلف أنحاء المملكة، على الرغم من التساقطات المطرية الكبيرة التي سجلت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
ويوضح بنرامل أن "زيادة الطلب على استهلاك المياه في المغرب يقتضي بذل جهود مكثفة من أجل ضمان وصول المواطنين إليها، سواء كانت تستعمل للشرب، أو موجهة للفلاحة أو الصناعة أو السياحة، أو لسقي المساحات الخضراء أو الملاعب الرياضية. ورغم الاعتماد على تحلية مياه البحر، واستخدام المياه المعالجة في سقي المساحات الخضراء في المدن الكبرى، إلا أننا ما زلنا في حاجة مستمرة إلى تكثيف الجهود لبناء وتشييد محطات لتحلية مياه البحر في كل المدن والمناطق الساحلية، إضافة إلى توفير إمدادات أكثر من تلك المادة الحيوية".
ويؤكد الخبير البيئي أنه "في ظل التراجع المستمر لنيل ملء السدود في المغرب، هناك حاجة كذلك إلى تسريع إنجاز محطات معالجة المياه العادمة واسترجاعها، ومراقبة المياه الجوفية حتى لا تُستنزَف بشكل كامل وغير عقلاني، فضلاً عن مراقبة استعمال المياه الجارية، والحد من تلويثها، سواء بمياه الصرف الصحي أو بالمياه المحملة بالمواد الكيماوية المستعملة في الأنشطة الزراعية، أو من طريق بعض البؤر السوداء من قبيل مكبات النفايات أو بعض الأنشطة الصناعية".
يتابع بنرامل: "نحن بحاجة إلى تكثيف الجهود، سواء نحن المواطنين أو قطاعات عامة أو خاصة، من أجل تدبير عقلاني للمياه، والمحافظة عليها، وترشيد استعمالها حسب الطلب والحاجة، وذلك من أجل استدامتها، لأننا لا نعرف ما ستحمله الأيام القادمة".
وكشف وزير التجهيز والماء المغربي، نزار بركة، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أن "المغرب لا يزال يعاني من إشكالية ندرة المياه، حيث إن التساقطات المطرية لهذه السنة تراجعت بنحو 65% عما كان عليه الأمر خلال السنوات العادية".
ويُعَدّ المغرب من بين البلدان التي تواجه شحاً كبيراً في كميات مياه الشرب، وهو يقترب بسرعة من الحدّ المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنوياً، بحسب البنك الدولي.
ووفق البنك الأفريقي للتنمية، فإن المغرب "يعاني من أزمة جفاف للعام السادس على التوالي، وهذه حقيقة يجب أن يتكيّف معها البلد في ظل تأثيراتها الكبيرة في كل نواحي النشاط الاقتصادي، سواء تعلّق الأمر بالفلاحة أو الصناعة أو الخدمات أو السياحة".
ولفت البنك الأفريقي للتنمية، في مقال نشره في مارس/ آذار الماضي، بعنوان "الضغط المائي مصدر قلق كبير في المغرب"، إلى أن "الموارد المائية في المغرب تعاني من وضع صعب بسبب انخفاض مستويات المياه الجوفية، وضعف امتلاء السدود، وبات المواطن يستهلك أكثر بقليل من 600 متر مكعب من المياه سنوياً، أي ربع ما كان يستهلكه قبل أقل من 60 سنة".