يعتبر المغرب من بين أكثر البلدان تعرضاً للمخاطر المرتبطة بالظواهر الجيولوجية والمناخية في شمال أفريقيا، بحسب ما أورد تقرير نشره البنك الدولي في 13 أغسطس/ آب الماضي، في حين تشير تقارير هذا البنك إلى أن "الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والزلازل والجفاف، تكبد المغرب خسائر تتجاوز 575 مليون دولار سنوياً".
ويتوقع خبراء البنك الدولي تفاقم الكوارث الطبيعية في المغرب ومنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بسبب تقلبات أحوال الطقس الناجمة عن العمران المتسارع، والتغيّرات المناخية.
ومنذ يوليو/ تموز الماضي عرف المغرب موجة حرائق اندلعت في بؤر عدة في مناطقه الشمالية، وتسببت في مقتل أربعة أشخاص. والتهمت هذه الحرائق التي ترافقت مع موجات حرّ شديد، نحو 10.300 هكتار من مساحات الغابات.
كذلك قضى ثلاثة رجال إطفاء، وأصيب اثنان بجروح بليغة في حادث سقوط آلية استقلوها خلال مشاركتهم في مكافحة حريق اندلع في غابة بوادٍ في محافظة المضيق شمالي المغرب.
وشهدت المملكة في السنوات الأخيرة اندلاع سلسلة حرائق في غابات خلال فصل الصيف، بتأثير ارتفاع درجات الحرارة. وقد تفاقمت حدّة النيران هذا العام بسبب حال الجفاف الاستثنائي الذي خفّض المعدلات الوطنية لمعدلات ملء السدود الكبرى، وهو ما يرجح أن يستمر جراء موجة الجفاف، بحسب ما يفيد تقرير أصدرته وزارة التجهيز والمياه.
وفي ظل هذا الواقع نفّذت الحكومة برنامجاً لتوفير المياه وترشيد استهلاكه، وخصصت مبلغ أكثر من مليار دولار لمساعدة الفلاحين الذين يعانون من مشاكل الجفاف. كما وضعت قيوداً على كميات المياه التي توزع للمستهلكين، وحظرت استخدام مياه الشرب لغسل السيارات وملء برك السباحة، وري ملاعب الغولف والمساحات الخضراء.
وأمرت وزارة الداخلية السلطات المحلية بتحديد حصص المياه التي يجري توزيعها عندما يكون ذلك ضرورياً، ومنع ري المساحات الخضراء وملاعب الغولف بمياه الشرب، والاستغلال غير القانوني للآبار والينابيع ومجاري المياه.
وفي مارس/ آذار الماضي، دق المجلس الأعلى للحسابات، أعلى هيئة رقابية على المالية العامة في المغرب، ناقوس الخطر بشأن ندرة المياه في البلاد، وأكد أن المغرب على عتبة الندرة المزمنة للمياه.
وحذر المجلس من تدهور الوضع المائي للمغرب بحلول عام 2050، وصولاً إلى الندرة المطلقة المتمثلة في تخصيص 500 متر مكعب للفرد سنوياً.
ويعتمد المغرب منذ السبعينيات سياسة تشييد السدود بهدف تحقيق الأمن المائي، إلا أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (مؤسسة حكومية) أقرّ بعجزه عن تزويد 54 مدينة ومركزاً بمياه الشرب.
يرى الخبير في شؤون المناخ محمد بنعبو، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحرائق التي ضربت شمالي المغرب، وحالات الجفاف السائدة في مناطقه، والفيضانات التي سُجلت في السنوات الماضية، تدخل في سياق توقعات البنك الدولي الخاصة بتزايد شدة الظواهر والكوارث الطبيعية. ويدعو إلى تعزيز إجراءات العمل الاستباقي والتنبؤ بالكوارث الطبيعية، ويقول: "إذا ركزت الدولة على الحدّ من مخاطر الكوارث من خلال تدابير استباقية، واستثمرت في التأهب لمواجهة الكوارث، سيمنع ذلك حدوث أضرار اقتصادية جسيمة، ويجنّب البلاد خسائر يمكن أن تستخدم في تعزيز الاستثمار".
ويورد تقرير البنك الدولي أن مشروع "الإدارة المتكاملة لمخاطر الكوارث ومواجهتها" ساعد المغرب في الصمود في وجه الكوارث والتغيّرات المناخية. ويشيد بالاستراتيجية الوطنية لإدارة المخاطر، معتبراً أنها "تتيح تدابير أفضل لمواجهة الآفات الطبيعية الموسمية وغير الموسمية".
ومن الآليات التي يعتمدها المغرب في هذا الشأن، "صندوق التضامن" المخصص للتعامل مع الكوارث، والذي يوفر تعويضات مالية للضحايا، ويتكفل بعلاج ومتابعة حالة المعطوبين والمصابين، حيث يتم تأمين 9 ملايين شخص تقريباً من الإصابات الجسدية في الكوارث التي تحصل.
وفي عام 2020، وضع "صندوق التضامن" ضد الكوارث الطبيعية في الخدمة، بموجب قانون خاص أقرّ لتغطية عواقب الوقائع الكارثية.
ومن أجل تفعيل الصندوق والشروع في تعويض الوفيات والأضرار البشرية والمادية للكوارث الطبيعية، يجب تصنيف الحادث "كارثة طبيعية" تمهيداً لبدء لجنة متخصصة عملية تقييم الوضع، وتحديد المناطق المنكوبة، قبل إدراج الضحايا في قائمة المتضررين للإفادة من التعويضات.
وبين المشاريع التي يدعمها ويمولها البنك الدولي لدعم مواجهة الكوارث، إنشاء المركز الوطني لرصد مخاطر الفيضانات في أربع مناطق تعتبر الأكثر تعرضاً للفيضانات، واتخاذ تدابير وقائية في حالات الطوارئ.