- تأثير الانتشار الأمني: الانتشار الأمني المكثف ونقاط المراقبة حالت دون تمكن الشبّان من اختراق الحدود، مما أدى إلى غياب شبه تام للراغبين في الهجرة مقارنة بمحاولات سابقة.
- تحذيرات من تحول الفنيدق إلى قاعدة للهجرة: حذرت جهات محلية من تحول الفنيدق إلى قاعدة للهجرة بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي، داعية الحكومة لتبني مقاربات تنموية حقيقية.
مكّنت التدابير الاستباقية التي اتّخذتها سلطات المغرب من إفشال محاولة هجرة جماعية جديدة نحو مدينة سبتة المحتلة، اليوم الاثنين، وتفادي تكرار ما عاشته المنطقة الحدودية بين مدينة الفنيدق الواقعة شمالي البلاد والمدينة المحتلة، قبل أسبوعين. فقد وقعت مواجهات بين هؤلاء الراغبين في اجتياز الحدود في هجرة غير نظامية نحو الفردوس الأوروبي وقوات الأمن المغربي.
وقد شهدت مدينة الفنيدق المغربية، اليوم، حالة استنفار أمني تحسّباً لما قد ينجم عن دعوة أُطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمشاركة جماعية في "الهجوم" على الحدود ما بينها وبين سبتة، في 30 سبتمبر/ أيلول الجاري. وكان لافتاً، وفقاً لمصادر محلية تحدّثت لـ"العربي الجديد"، حجم التعزيزات الأمنية المغربية على مستوى معبر تارخال وعلى طول الحدود مع مدينة سبتة، بالإضافة إلى تسيير دوريات أمنية في شوارع الفنيدق وأحيائها وعلى الطريق الوطني الرابط ما بين مدينتَي تطوان (شمال) والفنيدق، إلى جانب نصب حواجز حديدية على طول الرصيف المؤدّي إلى الشاطئ المحاذي للمعبر.
يُذكر أنّ مخاوف سادت المغرب، في الأيام الماضية، إزاء دعوة جديدة إلى الهجرة الجماعية في اتجاه مدينة سبتة المحتلة من إسبانيا، أُطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد وجّهت جهات غير معروفة الدعوة إلى مشاركة جماعية في "الهجوم"، في محاولة جديدة للعبور إلى أوروبا، بعد فشل محاولات الاقتحام الجماعي في منتصف الشهر الجاري.
في هذا الإطار، قال رئيس "مرصد الشمال لحقوق الإنسان" (مستقل) محمد بن عيسى لـ"العربي الجديد" إنّ "الدعوات التي أُطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي من أجل الهجرة غير نظامية عن طريق سبتة المحتلة لم تلقَ الزخم والتعبئة اللتَين عرفتهما قبل أسبوعَين". أضاف أنّه "في مقابل إنزال أمني كبير، سُجّل غياب شبه تام للشبّان والقصّر المغاربة أو المهاجرين من دول جنوب الصحراء"، علماً أنّ "السلطات الأمنية عزّزت نقاط المراقبة وسيّرت دوريات مكثّفة على طول الطريق المؤدّي إلى الفنيدق".
وأوضح بن عيسى أنّ "الانتشار الأمني هو سبب فشل تعبئة الراغبين في الهجرة غير النظامية. فإنّ ما عاينه الشبّان والقصّر، الذين قدموا من مختلف أنحاء المغرب إلى المنطقة استجابةً للدعوة الأولى، من استحالة الاختراق الأمني من جهة أفشل التعبئة"، تُضاف إلى ذلك "الأسيجة المحيطة بمدينة سبتة المحتلة، سواء السياج الحدودي الذي أقامته السلطات المغربية بعلوّ مترَين أو الأسيجة التي أقامتها السلطات الإسبانية التي يتجاوز علوّها الستة أمتار".
وإن كانت المقاربة من الجهة الأمنية أو القضائية قد نجحت في منع هؤلاء الشبّان والقصّر من "الهجوم"، فإنّ "من الممكن توقّع تحوّل في محاولات الهجرة من شكلها العلني إلى السري"، بحسب ما أشار بن عيسى. وشرح أنّ ذلك يكون "من خلال مجموعات مغلقة على شبكات التواصل الاجتماعي، وارتفاع الطلب على شبكات الاتّجار بالبشر في الأشهر المقبلة، في ظلّ عدم قدرة الحكومة المغربية على إيجاد حلول جذرية" لهذه المسألة.
وكانت الحكومة المغربية قد اتّهمت "جهات غير معروفة" بالوقوف وراء محاولات الهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة المحتلة، في منتصف الشهر الجاري، معلنةً إحالة 152 شخصاً على القضاء بتهم التحريض على الهجرة غير النظامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقد جرى، بحسب معطيات رسمية، توقيف 4455 شخصاً في أثناء محاولتهم دخول سبتة، وذلك في إطار عملية قادتها قوات الأمن المغربية في مدينة الفنيدق في الفترة الممتدة ما بين 11 سبتمبر الجاري و16 منه، علماً أنّ من بينهم 3795 مغربياً بالغاً و141 قاصراً و519 أجنبياً. كذلك اعتُقل 70 شخصاً حرّضوا على العبور من أفريقيا جنوب الصحراء والجزائر.
يأتي ذلك في وقت حذّر فيه ناشطون وأحزاب، من خلال نداء أطلقوه اليوم الاثنين لإنقاذ مدينة الفنيدق من وضعها الاجتماعي وكذلك الاقتصادي الراهنَين، من تحوّلها إلى "قاعدة دولية للهجرة نحو مدينة سبتة المحتلة". ولفت النداء الذي وقّعه كلّ من حزب التقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي الموحّد بالفنيدق، إلى جانب نقابات وجمعيات محلية، إلى أنّ المدينة "تعيش على وقع خطورة الأوضاع اقتصادياً واجتماعياً، خصوصاً بعد فشل مختلف البدائل التنموية" التي استُحدثت بعد إغلاق معبر باب سبتة. وطالب الموقّعون على النداء الجهات المسؤولة، في مقدّمتها الحكومة المغربية، بـ"تبنّي مقاربات تنموية حقيقية لتأهيل المدينة اقتصادياً واجتماعياً، ومراجعة كلّ المشاريع والقرارات التي لم تكن لها أيّ آثار إيجابية" على وضع السكان.
تجدر الإشارة إلى أنّ محاولات الهجرة الجماعية غير النظامية نحو مدينة سبتة تثير جدالاً في المشهد السياسي المغربي، وصل إلى حدّ تحميل رئيس الحكومة عزيز أخنوش مسؤولية لجوء مئات الشبّان المغاربة، من بينهم قصّر، إلى سلوك طريق الموت للدخول إلى سبتة المحتلة.