استمع إلى الملخص
- بعد الإفراج عنهما، أُجبرا على محو الصور وخضعا لجلسة "مناصحة" مع رجال دين، وأُجبرت خلود على التوقف عن عرض الأزياء، مما أثار انقسامات حول الحرية الشخصية.
- منظمة "سام" اليمنية للحقوق والحريات انتقدت الاعتقال، معتبرةً إياه انتهاكًا لحرية التعبير والحرية الشخصية، في سياق تزايد القمع ضد النساء في اليمن.
أكثر من أسبوع قضته عارضة الأزياء اليمنية خلود باشراحيل وزوجها يحيى بن الشيخ في أحد سجون محافظة حضرموت على خلفية نشرها صوراً من دون حجاب وعباءة، في قضية أثارت الرأي العام اليمني وأحدثت سجالاً واسعاً حول واقع الحريات في البلاد.
واحتجزت الشرطة الشريكين منذ ثاني أيام عيد الأضحى (17 يونيو/ حزيران)، إثر بلاغات تلقتها بعدما نشرت عارضة الأزياء الصور على حساباتها في فيسبوك وإنستغرام في ذكرى زواجهما، وأخرى توثق نزهة لها على البحر في المدينة الساحلية التي تقع في نطاق سلطة الحكومة المعترف بها دولياً.
إعادة اعتقال باشراحيل وزوجها
وأعادت الشرطة احتجاز باشراحيل وزوجها بُعيد إطلاق سراحهما فوراً وأجبرتهما على محو جميع الصور من الحسابات، باستثناء ما تظهر فيه الشابة وهي ترتدي العباءة والحجاب، واشترطت إخضاعهما لجلسة "مناصحة" مع رجال دين، في واقعة صعّدت من حدة الانتقادات والسجال على مواقع التواصل الاجتماعي.
وظهرت خلود باشراحيل (20 عاماً) في تسجيلات مصورة في حسابها على فيسبوك (حُذفت في وقت لاحق) معلنة خلع الحجاب ورفض الأفكار المتشددة، وناقمة على هجوم المنتقدين وغير عابئة بآرائهم، وواصفة المجتمع بـ"المنافق".
وقال خالد باشراحيل، والد خلود في تسجيل صوتي، إن الشرطة أجبرت ابنته على كتابة تعهد بوقف عملها في مجال عرض الأزياء، وأشرف أحد الضباط على عملية محو الصور والمقاطع المصورة من حساباتها.
ولم تكن الشابة التي التحقت بقسم العلوم السياسية في جامعة حضرموت قد حظيت بمتابعة الكثيرين من قبل، إذ بدا ظهورها حديثاً على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صور توثق الأزياء اليمنية.
وأثارت واقعة اعتقالها انقساماً بين اليمنيين، ويرى منتقدوها أن صورها تتعارض مع قيم الدين وعادات "المجتمع المحافظ"، فيما اعتبر المدافعون عنها أن نشاطها يندرج ضمن الحرية الشخصية وما تعرضت له تأكيد للنهج القمعي بحق النساء في اليمن.
ومنذ اعتقال باشراحيل وزوجها، لم تصدر السلطات الأمنية في محافظة حضرموت أي بيان رسمي عن الواقعة.
وقالت منظمة "سام" اليمنية للحقوق والحريات (غير حكومية) إن اعتقال باشراحيل وزوجها إجراء خطير يقوّض حرية التعبير، وينتهك مبدأ الحرية الشخصية، مشيرةً إلى أن حرية التعبير حق أساسي مكفول بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المادة الـ 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على وجوب أن يكون الأفراد أحراراً في التعبير عن آرائهم وأفكارهم دون خوف من الانتقام أو العقاب.
وقبل أيام من اعتقال الزوجين، شنّت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، معظمها لمستخدمين من محافظة حضرموت، هجوماً على خلود، واتهمتها بـ"نشر الفساد الأخلاقي والتبرج والسفور"، ودعت السلطات إلى اعتقالها واتخاذ إجراءات "رادعة".
وكتبت زينة العولقي في منشور لها أن الحديث عن حرية شخصية يُعَدّ مخالفة للدين الإسلامي، وتابعت: "لك الحرية في طعامك، لبسك، مسكنك، أما الحرية على حساب دين أو مجتمع أو عادات وتقاليد، فلا يسمح بذلك أبداً".
من جانبها، وصفت رشا كافي التهم الموجهة لباشراحيل بـ"السخيفة والمخزية"، وقالت في منشورها على فيسبوك إن اليمن يعيش أبشع مرحلة على الإطلاق. وأضافت: "تخيلوا أن هذه السلطة تفشل في توفير خدمات للمواطنين، ولكن تهزم أمام حجاب فتاة لم تؤذِ أحداً ولم ترتكب أي جريمة ويتم اعتقالها لأنها تنشر صورها من غير حجاب، وعندما يدافع زوجها عنها يُعتقَل معها تحت تهمة نشر السفور، السلطة التي تركت مهامها وتفرغت لملاحقة الفتيات هذه سلطة يجب عليها أن تشعر بالعار".
ودافع الصحافي نشوان العثماني عن موقف الشابة، منتقداً حملة الاعتقال بالقول: "وعي شعبنا مخطوف أيضاً، يثورون على #خلود_باشراحيل، وينسون ما يجب أن يثوروا عليه. يتذكرون الدين والعادات والتقاليد ضد خلود باشراحيل؛ لأنها شابة لا تحمل سلاحاً".
وفي سياق الواقعة، لم تكن خلود باشراحيل اليمنية الأولى التي تتعرض لهذا الهجوم والاعتقال، إذ لا تزال عارضة الأزياء والممثلة اليمنية انتصار الحمادي في سجون جماعة الحوثيين المسلحة، بعد اعتقالها في فبراير/ شباط عام 2021 بصنعاء مع أخريات، وصدر في وقت لاحق حكم قضائي بسجنها خمس سنوات، في حدث أثار غضباً في حينها، لكن مصيرها انقضى بالنسيان والتجاهل.