مضت أكثر من 6 سنوات على استعادة مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، من قبضة "تنظيم داعش" في 10 يوليو/تموز 2017، بعد معارك شرسة خلفت آلاف القتلى، وتدمير شبه كامل لمركز المدينة الذي يعرف باسم "الموصل القديمة"، لكن المدينة لم تطو حتى اليوم صفحة جثث الضحايا. لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المدنيين الذين سقطوا خلال المعارك، لكن مصادر محلية تتحدث عما بين 10 إلى 12 ألف قتيل، وتشهد الموصل عمليات انتشال متكررة للجثث، فمنذ مطلع العام الجاري، انتشلت فرق الدفاع المدني 50 جثة من المدينة القديمة، من بينها 20 جثة انتشلت خلال شهر يونيو/حزيران.
وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة نينوى، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن عدد الجثث التي انتشلت عقب انتهاء العمليات العسكرية في نينوى يتجاوز 5100 جثة، من بينها نحو 2700 جثة مجهولة الهوية، وغالبيتها تعود لسكان مدنيين قضوا خلال المعارك، أو بسبب القصف الجوي والصاروخي، وتعذر انتشال جثثهم خلال فترة الحرب، مؤكداً: "هناك اعتقاد سائد بأن جثثاً كثيرة تحولت إلى رفات، وتبددت تحت عجلات الجرافات خلال عمليات رفع الأنقاض بسبب عشوائية العمل. مئات الجثث لا زالت تحت الأنقاض، خصوصاً في الموصل القديمة التي تضم ما يقارب نصف الأنقاض التي لم ترفع حتى اليوم، وأغلب عمليات الانتشال جرت خلال عامي 2017 و2018".
وبعيد انتهاء العمليات العسكرية، باشرت فرق من الدفاع المدني وبلدية الموصل انتشال الجثث من تحت أنقاض المدينة، ومع بطء الأعمال، شارك فريق تطوعي تشكل من 30 شخصاً في مهام انتشال الجثث، وكان يعمل بقيادة الناشطة سرور الحسيني، التي أكدت لـ"العربي الجديد" أن فريقها انتشل نحو 1000 جثة من المدينة القديمة خلال عام واحد.
تضيف الحسيني أن "عدد الجثث يزيد عن الأعداد التي تتحدث عنها الجهات الرسمية، ومن المؤكد أن العديد من الجثث لا تزال تحت الأنقاض. كانت الغاية من عمل فريقنا التطوعي تجنيب المدينة انتشار الأوبئة والأمراض بسبب هذه الجثث، والفريق توقف عن العمل بقرار من السلطات، بينما تتحمل الجهات الحكومية المسؤولية عن تأخر حسم ملف الجثث ورفع الأنقاض من الموصل القديمة، على الأهالي رفع صوتهم عالياً للمطالبة بحسم الملف بعد كل هذه السنوات".
وتؤكد مديرية الدفاع المدني في نينوى استمرارها في انتشال الجثث من المدينة القديمة. ويقول مسؤول الإعلام بالدفاع المدني العقيد سعد الخطابي، لـ"العربي الجديد"، إن "فرق البحث والإنقاذ لا تزال تتلقى البلاغات حول وجود جثث مجهولة الهوية في الموصل القديمة وبعض المناطق الأخرى في نينوى. عمليات رفع الأنقاض وانتشال الجثث مستمرة منذ تحرير مدينة الموصل، والفرق رفعت كافة الجثث، وما يظهر حالياً نتيجة أعمال رفع أنقاض الدور المهدمة من قبل الأهالي، وكذلك نتيجة أعمال رفع المخلفات الحربية من قبل بعض المنظمات الدولية". ولفت الخطابي إلى حاجة مديرية الدفاع المدني في نينوى إلى آليات وأجهزة تساعد في الوصول إلى الشوارع والأزقة الضيقة في المدينة القديمة لتنفيذ عمليات رفع الجثث والأنقاض، لأن الآليات المتوفرة كبيرة، ولا يمكنها الوصول إلى تلك المناطق. موضحاً: "توجد أعداد قليلة من الجثث في الموصل القديمة، وسوف ينتهي هذا الملف بانتهاء عمليات رفع أنقاض المنازل والمخلفات الحربية".
والجثث التي تنتشل بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب ليست الشاهد الوحيد الذي يعكس الحقبة الكارثية التي مرت بها الموصل، فهناك عشرات المقابر الجماعية في نينوى، وبعضها لم تفتح حتى اليوم، من بين 200 مقبرة جماعية خلفها تنظيم داعش في المناطق التي سيطر عليها في العراق.
يقول عضو نقابة الأطباء في نينوى إبراهيم العباسي، لـ"العربي الجديد"، إن "بقاء الجثث تحت الأنقاض في الموصل القديمة يمثل مأساة حقيقية، لأن تلك الجثث تعتبر مصدراً للأمراض والأوبئة. الخطورة تكمن في الأشهر الأولى لتحلل الجثث، ثم تقل مع تحول الجثث إلى هياكل عظمية، والمشكلة الصحية التي تخلفها الجثث في الوقت الحالي تنحصر في الجانب النفسي، والذي يتجاهله كثيرون رغم خطورته، فكثير من الأمراض النفسية سجلت بين سكان المنطقة".
ويربط الناشط الموصلي حسين الحديدي تأخر رفع الأنقاض وانتشال الجثث بالفساد المستشري في الموصل، ويؤكد أن أموالاً كثيرة صرفت في هذا المجال، لكن لم تنته عمليات رفع الأنقاض وانتشال الجثث. مشيراً إلى أن "الفساد وسرقة الأموال وصلت حتى إلى مساكن المنكوبين المدمرة، وإلى جثث الضحايا الذين سقطوا خلال الحرب، وأحد النواب كشف مؤخراً عن صرف مبلغ 40 مليار دينار لرفع الأنقاض، لكن أنقاض المنطقة القديمة لا تزال في مكانها".مضت أكثر من 6 سنوات على استعادة مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، من قبضة "تنظيم داعش" في 10 يوليو/تموز 2017، بعد معارك شرسة خلفت آلاف القتلى، وتدمير شبه كامل لمركز المدينة الذي يعرف باسم "الموصل القديمة"، لكن المدينة لم تطو حتى اليوم صفحة جثث الضحايا. لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المدنيين الذين سقطوا خلال المعارك، لكن مصادر محلية تتحدث عما بين 10 إلى 12 ألف قتيل، وتشهد الموصل عمليات انتشال متكررة للجثث، فمنذ مطلع العام الجاري، انتشلت فرق الدفاع المدني 50 جثة من المدينة القديمة، من بينها 20 جثة انتشلت خلال شهر يونيو/حزيران.
وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة نينوى، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن عدد الجثث التي انتشلت عقب انتهاء العمليات العسكرية في نينوى يتجاوز 5100 جثة، من بينها نحو 2700 جثة مجهولة الهوية، وغالبيتها تعود لسكان مدنيين قضوا خلال المعارك، أو بسبب القصف الجوي والصاروخي، وتعذر انتشال جثثهم خلال فترة الحرب، مؤكداً: "هناك اعتقاد سائد بأن جثثاً كثيرة تحولت إلى رفات، وتبددت تحت عجلات الجرافات خلال عمليات رفع الأنقاض بسبب عشوائية العمل. مئات الجثث لا زالت تحت الأنقاض، خصوصاً في الموصل القديمة التي تضم ما يقارب نصف الأنقاض التي لم ترفع حتى اليوم، وأغلب عمليات الانتشال جرت خلال عامي 2017 و2018".
وبعيد انتهاء العمليات العسكرية، باشرت فرق من الدفاع المدني وبلدية الموصل انتشال الجثث من تحت أنقاض المدينة، ومع بطء الأعمال، شارك فريق تطوعي تشكل من 30 شخصاً في مهام انتشال الجثث، وكان يعمل بقيادة الناشطة سرور الحسيني، التي أكدت لـ"العربي الجديد" أن فريقها انتشل نحو 1000 جثة من المدينة القديمة خلال عام واحد.
تضيف الحسيني أن "عدد الجثث يزيد عن الأعداد التي تتحدث عنها الجهات الرسمية، ومن المؤكد أن العديد من الجثث لا تزال تحت الأنقاض. كانت الغاية من عمل فريقنا التطوعي تجنيب المدينة انتشار الأوبئة والأمراض بسبب هذه الجثث، والفريق توقف عن العمل بقرار من السلطات، بينما تتحمل الجهات الحكومية المسؤولية عن تأخر حسم ملف الجثث ورفع الأنقاض من الموصل القديمة، على الأهالي رفع صوتهم عالياً للمطالبة بحسم الملف بعد كل هذه السنوات".
وتؤكد مديرية الدفاع المدني في نينوى استمرارها في انتشال الجثث من المدينة القديمة. ويقول مسؤول الإعلام بالدفاع المدني العقيد سعد الخطابي، لـ"العربي الجديد"، إن "فرق البحث والإنقاذ لا تزال تتلقى البلاغات حول وجود جثث مجهولة الهوية في الموصل القديمة وبعض المناطق الأخرى في نينوى. عمليات رفع الأنقاض وانتشال الجثث مستمرة منذ تحرير مدينة الموصل، والفرق رفعت كافة الجثث، وما يظهر حالياً نتيجة أعمال رفع أنقاض الدور المهدمة من قبل الأهالي، وكذلك نتيجة أعمال رفع المخلفات الحربية من قبل بعض المنظمات الدولية". ولفت الخطابي إلى حاجة مديرية الدفاع المدني في نينوى إلى آليات وأجهزة تساعد في الوصول إلى الشوارع والأزقة الضيقة في المدينة القديمة لتنفيذ عمليات رفع الجثث والأنقاض، لأن الآليات المتوفرة كبيرة، ولا يمكنها الوصول إلى تلك المناطق. موضحاً: "توجد أعداد قليلة من الجثث في الموصل القديمة، وسوف ينتهي هذا الملف بانتهاء عمليات رفع أنقاض المنازل والمخلفات الحربية".
والجثث التي تنتشل بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب ليست الشاهد الوحيد الذي يعكس الحقبة الكارثية التي مرت بها الموصل، فهناك عشرات المقابر الجماعية في نينوى، وبعضها لم تفتح حتى اليوم، من بين 200 مقبرة جماعية خلفها تنظيم داعش في المناطق التي سيطر عليها في العراق.
يقول عضو نقابة الأطباء في نينوى إبراهيم العباسي، لـ"العربي الجديد"، إن "بقاء الجثث تحت الأنقاض في الموصل القديمة يمثل مأساة حقيقية، لأن تلك الجثث تعتبر مصدراً للأمراض والأوبئة. الخطورة تكمن في الأشهر الأولى لتحلل الجثث، ثم تقل مع تحول الجثث إلى هياكل عظمية، والمشكلة الصحية التي تخلفها الجثث في الوقت الحالي تنحصر في الجانب النفسي، والذي يتجاهله كثيرون رغم خطورته، فكثير من الأمراض النفسية سجلت بين سكان المنطقة".
ويربط الناشط الموصلي حسين الحديدي تأخر رفع الأنقاض وانتشال الجثث بالفساد المستشري في الموصل، ويؤكد أن أموالاً كثيرة صرفت في هذا المجال، لكن لم تنته عمليات رفع الأنقاض وانتشال الجثث. مشيراً إلى أن "الفساد وسرقة الأموال وصلت حتى إلى مساكن المنكوبين المدمرة، وإلى جثث الضحايا الذين سقطوا خلال الحرب، وأحد النواب كشف مؤخراً عن صرف مبلغ 40 مليار دينار لرفع الأنقاض، لكن أنقاض المنطقة القديمة لا تزال في مكانها".