انسداد خطوط الصرف الصحي وتصريف المياه يؤرق السوريين في الشتاء

07 نوفمبر 2024
مياه الأمطار تغمر شوارع مدينة الباب السورية، في 11 إبريل 2023 (الأناضول)
+ الخط -

تتجّدد مشكلة انسداد خطوط الصرف الصحي كل عام في المحافظات السورية، بالتزامن مع فصل الشتاء وبداية التساقطات، إذ تغمر المياه الشوارع في وسط المدن والأحياء، وتكثر الاختناقات المرورية، وتتصاعد المخاوف من حوادث سقوط الأطفال في المصارف (الريكارات) المفتوحة نتيجة التخريب أو الأعطال، بالإضافة إلى خطر انتقال أمراض فيروسية نتيجة تلوث المياه بمخلفات القمامة.

وفي السياق، قال مصدر من وزارة النقل في العاصمة دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "إن من أبرز أسباب ضعف تصريف المياه على الطرقات العامة في المدن والأحياء الانجرافات التي تنجم عن الأتربة وأوراق الأشجار ومخلفات القمامة، والتي تسد المجاري والعبّارات، إضافة إلى التعدّيات التي تشكلها البسطات والأكشاك، والتي غالبا ما تكون فوق خطوط الصرف، ما يؤدي إلى تدهور وضعها البنيوي وتفتتها بسبب ضغط الحمل فوقها"، لافتا إلى أن "مؤسسات الوزارة عجزت عن إيجاد حل، باعتبار ذلك ليس من صلاحياتها، بل من صلاحيات وزارة الإدارة المحلية ومجالسها".

وأوضح المتحدث أن الوزارة تُحذّر منذ ثلاثة أعوام الجهات المعنية من "عواقب الإهمال الحاصل تجاه شبكات التصريف الطرقية، إذ لم تعد المصارف المطرية قادرة على تصريف المياه نتيجة العوامل المذكورة، إضافة للفساد الحاصل في مؤسسات المياه في بعض المحافظات". وكشف عن أنّ عدد حوادث السير التي تتسبب بها الحالات الطرقية السيئة يشكّل 5% من إجمالي الحوادث، ثلثها في فصل الشتاء داخل المدن، وتحدث في أيام العواصف الرعدية والأمطار الغزيرة نتيجة الحالة السيئة لشبكات التصريف المائي. ولفت إلى "تورط مسؤولين كبار في عمليات الفساد في المناقصات التي تجري للأعمال الطرقية بشكل عام".

وشهدت مدينة حلب قبل يومين اختناقات في تصريف مياه الأمطار بعد أول تساقطات، ما تسبب في عرقلة مرورية، فضلاً عن تعذر عبور الشوارع من قبل أطفال المدارس، وهو مشهد يتكرر كل عام في الشتاء. وكان مدير الشركة العامة للصرف الصحي في حلب، محمد بهاء حاج حسين، قد قال في حديث سابق لصحيفة رسمية، إن الشركة نفذت بين عامي 2017 و2022 نحو 169 مشروع صرف صحي طرقيا بطول يقارب 110 كم، بكلفة بحدود 50 مليون ليرة سورية، مشيرا إلى أن "هناك نية للتعاقد على مشاريع جديدة لاستبدال شبكات مهترئة بطول يقارب 10 كم".

وأضاف حاج حسين أن "الشركة العامة للصرف الصحي في حلب تقوم باستمرار بكسح خطوط الصرف الصحي وتعزيلها لضمان استمرارية عمل منظومة الصرف الصحي الطرقي ومنع الاختناقات المطرية"، مشيرا إلى "تمويل تنفيذ برامج تدريب وتأهيل لكوادر الشركة في مختلف الاختصاصات الفنية والإدارية والمالية، فيما قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتقديم 200 غطاء مصفاة، بالإضافة 225 غطاء صرف صحي".

وفي طرطوس التي عانت الوضع ذاته في أول هطول مطري قبل أسابيع، يقول رامي شميط (اسم مستعار)، وهو عامل في أحد المجالس البلدية من مدن المحافظة: "أعدادنا قليلة وواجباتنا أكبر، لذلك لا نستطيع خدمة المصارف المطرية الطرقية بالشكل المنشود، فبعد أن نقوم بتنظيف "الريكارات" في منطقة معينة تكون في منطقة أخرى قد سُدت بفعل الأتربة والنفايات وأوراق الشجر، وعندما نطالب بتوسيع عدد كوادر عمال البلديات، يقال لنا إن الميزانية لا تكفي لتوظيف عمال جدد أو التعاقد مع آخرين، ورغم ذلك نبذل ما في وسعنا لخدمة أهلنا تجنبا لأي أضرار".

ويضيف العامل لـ"العربي الجديد"، أنه أنقذ ورفاقه مطلع العام الجاري طفلة بعد أن غمرت المياه أحد الأرصفة المتهالكة وهي في طريق عودتها إلى البيت مع عدد من رفاقها، مضيفا: "لولا لطف الله بها واستنجاد أحد رفاقها لسقطت في عبّارة صرف تهالك حديدها وسقطت بعض قضبانها نتيجة رداءة الصنع".

أما في السويداء، وهي من أقل المدن من ناحية معدل الهطولات المطرية خلال الأعوام الأخيرة، فإنها تواجه مشكلة الأغطية الصلبة المغلقة بالكامل لتغطية الريكارات، ما يفتح المجال أمام أخطار محتملة في حال حدوث عواصف رعدية شديدة. ويقول أحد سكان قرية الرحى المتصلة بمدينة السويداء، لـ"العربي الجديد: "إن وضع الخدمات الطرقية في الحالة العادية مزرٍ، فالطرق محطمة ومهشمة، وطبقات الإسفلت مشققة ومليئة بالمستنقعات، فكيف إن أمطرت بغزارة في ظل الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها مجلس المحافظة، وتراكم النفايات في الطرق، وتردي حالة شبكات الصرف الصحي.. الناس تتوجس من انتشار الأمراض التي تنقلها مياه الأمطار المتجمعة الملوثة بالنفايات".

المساهمون