شنّ أعضاء في مجلس النواب المصري هجوماً حاداً على وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، خلال استعراض طلبات إحاطة وأسئلة عن تردّي المنظومة التعليمية، الثلاثاء، متّهمين الوزير بمخالفة مواد الدستور المتعلقة بمجانية التعليم، جراء ربطه تسليم الكتاب المدرسي للتلاميذ بدفع المصروفات، فضلاً عن إهدار المال العام إثر فشل منظومة "التابلت" في الثانوية العامة، والتعامل مع التعليم كـ"سلعة" تجلب الأموال لخزانة الوزارة.
وقال النائب ضياء الدين داوود: "مصر تواجه عجزاً في أعداد المعلمين يُقدر بنحو 120 ألف معلم، والتعليم الجيد يتطلب وجود مدرسين مدربين"، مستنكراً عدم تأهيل المعلمين على تدريس مناهج الصف الرابع الابتدائي، سيما في مواد الرياضيات والعلوم".
وأضاف داوود: "يجب على الوزير زيارة مدارس مصر المختلفة، وعدم اختزال المسألة في عدد معين من المدارس المختارة بعناية"، متابعاً "المسؤولية السياسية في فشل منظومة التعليم تقع على عاتق الحكومة والبرلمان، ونحن نعاني حالياً من التفكك الأسري نتيجة أن الأسرة مكبلة بأعباء الدروس الخصوصية".
أزمة التعليم قنبلة موقوتة في الشارع المصري"، في ظل أزمات مثل صعوبة مناهج الصف الرابع الابتدائي، وتكدس التلاميذ في الفصول، ونقص المعلمين
فيما قال النائب فريدي البياضي: "طريقة تعامل الوزير مع منظومة التعليم يشوبها الفشل في التخطيط، والعجز الحقيقي في أعداد المعلمين يبلغ نحو 250 ألف معلم"، مضيفاً "تطوير منظومة التعليم هي مسألة داخل عقل الوزير فقط، ولا أحد من مساعديه يعلم شيئاً عن تفاصيلها".
وتابع أن "الوزير يتعامل مع التعليم كسلعة، وهو ما يخالف أحكام الدستور التي تكفل مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية"، مستكملاً: "لا يمكن تطوير مناهج التعليم في ظل أزمة كثافات الفصول، ونقص أعداد المعلمين، وعدم تدريبهم على تدريسها".
وواصل البياضي قائلاً: "فساد الأولويات هو إهدار للمال العام، فالدولة صرفت قرابة 9.4 مليارات جنيه (الدولار يساوي حوالي 16 جنيها) على منظومة التابلت وتطوير الشبكات من دون أي مردود، وفي الوقت نفسه ترفض تعيين 36 ألف معلم بحجة أنهم يحتاجون إلى مليار جنيه كرواتب في العام".
بدوره، قال النائب محمود قاسم: "مشكلات التعليم في مصر لا أحد يختلف عليها، فالتكدس في الفصول يصل إلى 90 طالباً في مدارس الإسكندرية، والبنية التحتية للمدارس الحكومية منهارة تماماً، فضلاً عن المدارس الفنية التي باتت عاجزة عن إخراج الطلاب الذين يحتاجهم سوق العمل، بمعنى أنها أصبحت هي والعدم سواء".
وأضاف قاسم: "الوزير خالف مجانية التعليم المكفولة في الدستور، وأنهك الأسر المصرية والمدرسين والطلبة بسبب صعوبة منهج الصف الرابع الابتدائي، ما دفع التلاميذ للعزوف عن المدارس بسبب عدم توفر الكتاب المدرسي، واشتراط دفع المصروفات كاملة قبل تسليمه".
وحذر النائب بلال النحال من تفاقم أزمة التعليم، قائلاً إنها "قنبلة موقوتة في الشارع المصري"، في ظل أزمات مثل صعوبة مناهج الصف الرابع الابتدائي، وتكدس التلاميذ في الفصول، ونقص المعلمين. وأضاف: "لا توجد مجانية للتعليم الآن، والأسرة المصرية تحولت إلى ضحية لقرارات الوزير".
وتطرق النحال إلى مشكلة التغذية المدرسية، وحالات التسمم التي طاولت المئات من التلاميذ في بعض المحافظات، مطالباً شوقي بتوضيح سياسة الوزارة ورؤيتها المستقبلية بشأن القضاء على المشكلات الحالية.
بدورها، قالت النائبة سناء السعيد: "الوزير يتحدث عن مخطط تطوير المناهج في غياب البنية التحتية، والعجز في أعداد المعلمين"، مضيفة: "سياسات الوزير الحالي تمثل تحدياً صارخاً لإرادة المجتمع المصري، ولا يمكن الحديث عن التطوير في فصل يبلغ تعداد الطلاب فيه 120 طالباً".
وزادت السعيد: "لا توجد أماكن لجلوس التلاميذ في الفصول، والوزير يحدثنا دوماً عن المضي قدماً في التطوير، وكأنه يخاطب مجتمعاً آخر غير المجتمع المصري".
بينما قالت النائبة آمال عبد الحميد: "مشكلة التعليم هي أزلية في مصر، والوزير بدل المنظومة بخطة لا تصلح للتنفيذ في بنية تحتية متهالكة"، مستشهدة بمشاكل مثل "التابلت"، وضعف شبكة الإنترنت في القرى.
واتهمت عبد الحميد شوقي بإهدار المال العام في منظومة "التابلت"، التي كانت لا بد من تطبيقها أولاً في المرحلة الابتدائية، وليس الثانوية العامة، مبينة أن التلاميذ اكتشفوا أن أجهزة التابلت لا تعمل بعد دخولهم الامتحانات التجريبية.
وقال النائب عن حزب "النور" السلفي، أحمد حمدي خطاب: "تجربة استخدام التابلت في التعليم المصري أثبتت فشلها، لأن الطلاب استخدموا هذه الأجهزة في تصفح المواقع الإباحية" (على حد قوله)، مضيفاً أن "منهج الصف الرابع الابتدائي يخلو تماماً من أي حديث أو آية قرآنية، كما أن المدارس لا توجد بها أماكن مخصصة للصلاة!".
وأوضح النائب ياسر منير أن "ما يحدث هو إهانة لمهنة المعلم، بعد أن فوجئنا بقرار الوزير في شأن المتطوعين، من دون أي رقابة أو مسؤولية قانونية"، مستطرداً بأن "الوزارة تتحايل على مسألة عدم تعيين المعلمين لسد العجز، من خلال فتح باب التطوع للتدريس مقابل 20 جنيهاً فقط عن الحصة".
وبينت النائبة داليا السعدني أنّ "أبرز مشاكل المنظومة التعليمية تتلخص في الكثافة الطلابية، وتطوير المناهج، وعدم تطوير التعليم الفني"، مقترحة إجراء حصر للمحافظات التي تشهد كثافات طلابية في الفصول، والتوسع في إنشاء المدارس فيها، سواء للتعليم العام أو الفني.
وقال النائب طلعت عبد القوي: "الدستور ألزم الدولة بتخصيص ما لا يقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي لقطاع التعليم، ورغم ذلك ضربت الوزارة بهذه النسبة، وبمجانية التعليم أيضاً، عرض الحائط". وأضاف: "الوزارة خالفت كذلك القانون بسبب الاستعانة بالمتطوعين في العملية التعليمية، والذي اشترط حصول المعلم على أجر مادي مناسب مقابل عمله".
في حين طالب النائب أحمد الشيشيني بـ"عودة ضرب التلاميذ في المدارس"، بحجة أنهم تجرأوا على المعلمين بسبب تعليمات وزارة التعليم بشأن منع الضرب، داعياً الوزارة إلى "اتخاذ إجراءات من شأنها حماية المدرسين، وعودة الاحترام لهم، باعتبار أن الوزارة معنية بالتربية قبل التعليم"، حسب تعبيره.
وأكد النائب محمد عبد العليم داوود: "كل بيت في مصر يعاني من سياسات وزير التعليم، وعمال المدارس البسطاء يعانون حالياً من مشكلات تصل إلى حد الجوع"، مضيفاً: "التكدس في الفصول مشكلة كبرى يجب التوصل إلى حلول لها، عن طريق زيادة المخصصات المالية الموجهة لهيئة الأبنية التعليمية".
وكان وزير التعليم قد تجاهل الحضور إلى مجلس النواب طيلة الأشهر الماضية، على الرغم من استدعائه مراراً لمناقشة مشاريع القوانين وطلبات الإحاطة المرتبطة بالتعليم، إذ تجاهل استدعاء لجنة التعليم له أكثر من مرة، للرد على أسئلة وطلبات خاصة بنقص عدد المدارس والمعلمين، وارتفاع كثافة الفصول، وسوء حالة الأبنية التعليمية، علاوة على تسمم مئات التلاميذ في مدارس محافظات قنا وأسيوط والأقصر وكفر الشيخ والقليوبية، نتيجة تناولهم وجبات غذائية فاسدة.
وسبق أن رفض شوقي الحضور أمام مجلس النواب لمناقشة طلبات إحاطة عن صعوبة المناهج التعليمية في الصف الرابع الابتدائي، وعدم توافقها مع أعمار التلاميذ، وقدراتهم على التفكير في هذه المرحلة السنية، إثر استقبال أعضاء المجلس شكاوى عديدة من أولياء الأمور، حول معاناة أبنائهم بسبب عدم تأهيلهم لدراسة هذه المناهج من قبل.