برنامج الأغذية العالمي يستبعد آلاف الأسر السورية

20 مارس 2023
تكرر تخفيض قيمة المساعدات الأممية للسوريين (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

عبرت آلاف الأسرة السورية المستبعدة من السلال الغذائية والمساعدات الأممية عن استيائها من القرار، مؤكدين أنهم يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأن الغالبية العظمى منهم يعيشون تحت خط الفقر، حسب ما تؤكد تقارير الأمم المتحدة. 
يعمل مأمون، في جمعية حفظ النعمة الخيرية بدمشق، ويقول لـ "العربي الجديد": "تم استبعاد أكثر من 5000 عائلة في دمشق من قوائم المستفيدين الأممية، ومن لم يستبعد سيحصل على سلة غذائية أقل كل شهر، بينما سينتظر المستبعدون عدة أشهر قبل الحصول على معونات، ويستفيد من خدمات تقدمها الجمعيات المحلية. عمل أغلب الجمعيات الخيرية مرتبط ببرنامج الأغذية العالمي، والذي يقيّم الاحتياجات الأسرية سنوياً، ويقلص عدد المستفيدين كل فترة بحجة عدم كفاية الموارد".
ووفق تقييم الأمن الغذائي لعام 2023، خفض برنامج الأغذية العالمي محتويات السلة المقدمة للنازحين في كافة المناطق السورية، لتصبح قيمة السلة 991 سعرة حرارية. وقال البرنامج في بيان: "هذا التخفيض سيطبق اعتباراً من الأول من أبريل/ نيسان القادم"، مبرراً ذلك بسبب عدم كفاية الموارد لتلبية احتياجات جميع الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وقبل نحو أسبوع، أعلن برنامج الأغذية العالمي، أنه يحتاج بشكل عاجل إلى 450 مليون دولار أميركي لمواصلة تقديم المساعدات لأكثر من 5.5 ملايين شخص في جميع أنحاء سورية حتى نهاية العام الجاري.
تفاجأ حسان شوشرة (56 سنة)، وهو من سكان حي دف الشوك بدمشق، باستبعاده من قوائم مستحقي الدعم رغم حاجته للسلة الغذائية. يقول لـ "العربي الجديد": "في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وصلتني رسالة من جمعية (حفظ النعمة)، تتضمن اعتذاراً عن استمرار دعم بعض المستفيدين نتيجة نقص التمويل، والعمل على إتاحة الدعم للناس الأكثر هشاشة. أنا عامل فني في بلدية دمشق، ولم أتوقع أن أكون من بين المستبعدين، فراتبي لا يتجاوز 125 ألف ليرة، والسلة قيمتها 100 ألف ليرة، وكانت المصدر الأساسي لتغطية حاجات أسرتي الغذائية في ظل الارتفاع المستمر لأسعار مختلف السلع".
يعيش حسان مع زوجته وأولاده الخمسة على أمل إعادة تقييم وضعهم من قبل الجمعية بعد تقديمه طلب اعتراض على استبعاده، وتجاوز عدد طلبات الاعتراض في دمشق وحدها 2000 طلب، كما أفاد مسؤول من جمعية حفظ النعمة.

عشرات آلاف الأسر السورية تعتمد على المساعدات الأممية (دليل سليمان/فرانس برس)
عشرات آلاف الأسر السورية تعتمد على المساعدات (دليل سليمان/فرانس برس)

وإلى جانب عائلة حسان، تخشى آلاف العائلات في مناطق النظام من تكرار سيناريو إزالتها من دعم الجمعيات في وقت تعاني فيه آلاف الأسر السورية من تكرار ارتفاع الأسعار المتزامن مع تدهور قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي، وتخلي حكومة النظام عن سياسة الدعم، والتحول إلى سياسة تحرير الأسعار التي أعلنتها وزارة التجارة الداخلية التابعة لها.
ويبلغ متوسط الأجر الشهري في سورية نحو 100 ألف ليرة، وهو يغطي أقل من ربع الاحتياجات الغذائية للأسر، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، ما يعني خلق معاناة إضافية لكل الأسر التي تقرر استبعادها من قوائم الدعم، والتي يدعمها البرنامج الأممي عبر الجمعيات المحلية. 
ولا يختلف ما يحدث في العاصمة دمشق عن الوضع في السويداء، حيث استبعدت 3500 أسرة من قوائم المساعدات، ويقول منسق لجنة الإغاثة والمنظمات في السويداء، علاء أبو عمار، في تصريحات صحافية، إن برنامج الأغذية العالمي اعتمد برنامجا إغاثيا جديدا، تحت مسمى برنامج الاحتياجات الأسرية، ما أدى إلى نقص عدد السلال الغذائية المقدمة ضمن المساعدات.

في المقابل، أبقت بعض الجمعيات على خدماتها المحلية، كالخدمات الطبية، ومنح بعض أدوية الأمراض المزمنة للمسجلين لديها في محاولة لاستمرار دعم الفئات الهشة. يقول مأمون لـ "العربي الجديد": "تخفيض برنامج الغذاء العالمي لقيمة السلة الغذائية تم بناءً على نتائج مسحين ميدانيين قام بهما خلال العام الماضي في دمشق وريفها، الأول في النصف الأول من العام، والثاني كان في نهايته. لكن ليست هناك معايير واضحة من قبل البرنامج لقرار الاستبعاد من الدعم".
هذا ما حصل مع بشير قباني (80 سنة)، وهو موظف متقاعد يعيش في حي نهر عيشة بدمشق، ويقول لـ "العربي الجديد": "أنا رجل مُسن، ولا أستطيع العمل، وأعيش بدخل شهري يبلغ 95 ألف ليرة، وحالتي المعيشية والصحية تتطلب الدعم. لكنهم استبعدوني رغم ذلك، ولا أعرف من هي الفئات الهشة أكثر مني التي تستحق الدعم؟". 
ولا يعرف نحو 12 مليون سوري من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، كما أن 2,9 مليون شخص معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، والذي حذر من بلوغ معدلات الجوع في سورية مستويات قياسية.

المساهمون