يتجه المغرب، للمرة الأولى في تاريخه، إلى إقرار مشروع مرسوم جديد يتعلق بمنح بطاقة خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة، لكن ذلك لا يمنع استمرار جمعيات وهيئات مدنية تعمل في المجال من إبداء قلقها من "غياب الإرادة الفعلية لإرساء نظام لتقييم الإعاقة".
يأتي مشروع المرسوم الذي أعدته وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بعد سبعة أعوام على إصدار قانون الإطار رقم 13 - 97 الذي نصت مادته الـ 23 على منح الأشخاص ذوي الإعاقة بطاقات خاصة، علماً أن الوزارة تكتفي حالياً بمنح شهادة وضع معوق للأشخاص المعنيين بالحالات. ويلحظ المشروع الحكومي تزويد كل شخص ثبتت إعاقته ببطاقة خاصة تسمى "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"، مع إسناد مهمة تسليمها إلى السلطات الحكومية المكلّفة بشؤون الإعاقة.
ومن أجل الحصول على هذه البطاقة الخاصة، يجب أن يخضع المعنيون بحالات الإعاقة لنظام تقييم يستند إلى معايير طبية واجتماعية، ثم تُحدَّد قرارات مشتركة تصدرها السلطات الصحية وتلك الحكومية المكلّفة بالأشخاص ذوي الإعاقة من يحصلون على بطاقات. ويتضمن المرسوم إنشاء منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على بطاقات، وإخضاع الأشخاص المعنيين لنوعين من التقييم، يتعلق أوّلهما بالقدرات التي تحددها لجنة طبية، والثاني المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط الذي تجريه هيئة المساعدة الاجتماعية.
وينصّ المشروع على إنشاء لجنة إقليمية لتقييم الإعاقة ودراسة طلبات الحصول على البطاقة، تمهيداً لإعلان رأي في شأنها ورفعه إلى الأجهزة الحكومية. وتعمل هذه اللجنة التي تضم ممثلين من القطاعات المعنيّة بأوضاع المعوقين برئاسة عامل العمالة أو الإقليم (الوالي)، أو من يمثّله. ويحدّد مدّة صلاحية البطاقة بسبعة أعوام، مع منح الأجهزة الحكومية المكلّفة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، كلّما دعت الضرورة، صلاحية اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ عملية الربط بالمنصة الإلكترونية التي ستوضع قيد الخدمة بموجب المادة 3 من المرسوم، ومنصات أخرى تشرف عليها إدارات أو هيئات عمومية.
وأبدى "التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص المعوقين" الذي يضم شبكات وجمعيات تعمل في المجال، قلقه من "غياب الإرادة الفعلية لإرساء نظام لتقييم الإعاقة، من خلال ربط اعتماد البطاقة الممنوحة لشخص في وضعية إعاقة بإصدار قرارات مشتركة بين 3 وزارات معنية بالحالات، ما يتطلب زمناً إضافياً لتنفيذه".
وينتقد "التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة" عدم تضمين النصوص التطبيقية الواردة في القانون الإطار لحماية الأشخاص المعوقين والمساهمة في النهوض بأوضاعهم الحياتية والاجتماعية في نص تشريعي، ويعتبر التحالف أن "مضمون المادة 23 من مشروع المرسوم التي تتعلق بتعريف الإعاقة، سيفضي إلى إغفال استفادة عدد كبير من الأشخاص في وضعية إعاقة من البطاقة، لأن التعريف لا يشمل كل الإعاقات، لا سيما الذهنية والنفسية". وينتقد التحالف أيضاً المعايير التي يعتمدها المرسوم لتقييم الإعاقة، وتقضي بإخضاع صاحب طلب الحصول على البطاقة لتقييم الإعاقة من خلال قياس درجة القصور الطبي وموانع المشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع. ويبدي قلقه من هذه المعايير التي سبق أن أعلنت وزارة التضامن أنها اختبرتها على عينة من الأشخاص.
ويرى رئيس جمعية "أمل الأحرار" لذوي الاحتياجات الخاصة في شتوكة آيت باها (جنوب) محمد بركيكن لـ"العربي الجديد": "يجب تثمين الخطوة وتقديرها باعتبارها مبادرة تهدف إلى توفير دعم ضروري وملح لفئة متضررة جداً ومنسية في المجتمع تحتاج إلى خدمات محددة في إطار التمييز الإيجابي"، ويشدد على حاجة الأشخاص في وضعية إعاقة، إلى كل المؤسسات والجهات المعنية، كي تتضافر جهودها وتتعاون بينها من أجل تحقيق، ولو قليلا، من الحقوق والمكتسبات لهذه الفئة".
ويقول لـ"العربي الجديد": "لا يمكن إلا أن نثني على المبادرات التي يتضمنها المرسوم ونثمنها، في حين نتمنى تدارك النقائص، وبينها الاكتفاء بالتحدث عن المادة 23 التي تنص على كيفية وشروط الإفادة من البطاقة، ومدة صلاحياتها، في مقابل إهمال المادة 2 التي تتحدث عن أنواع الدعم التي ستقدمها البطاقة لحامليها كي تكون لها قيمة. كما تطرح أسئلة عدة عن موعد تعميم بطاقة شخص في وضع الإعاقة، مع وجود مؤشرات إلى أن هذا التوجه سيحصل في شكل تدريجي، ما قد ينعكس سلباً على حظوظ العديد من المعوقين خلال تنظيم وزارة التضامن مباريات توظيف، وذلك بالتعاون مع عدد من القطاعات الحكومية خلال الأشهر القادمة".
يضيف: "ستسمح البطاقة بتصنيف الأشخاص في وضع الإعاقة، لذا نطالب بتسريع قرار اعتمادها، ومساهمة جميع القطاعات في هذا الأمر، كي لا يتكرر فشل مشروع البطاقة الذي قدمته الوزيرة السابقة بسيمة الحقاوي بسبب عدم التزام باقي شركاء الوزارة بتوفير خدمات لذوي الإعاقة".
وتطالب منظمات عدة بمنح الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب حق الحصول على فرص عمل، واحترام القوانين المتعلقة بدمجهم في الوظائف العامة، ومراعاة المكفوفين في مسابقات التوظيف، إلى جانب ضرورة تفعيل بطاقة ذوي الإعاقة، وإتاحة استخدامهم وسائل النقل العام التي تربط المدن مجاناً، وتزويد القطارات بمقاعد خاصة بهم أو تخصيص قاطرات كاملة لهم، والبحث عن معايير علمية عملية لتفعيل وتوفير واستخدام هذه الوسائل.
وكان البحث الوطني حول الإعاقة الذي صدر في منتصف عام 2014، كشف أنّ نسبة انتشار الإعاقة في المغرب وصلت حينها إلى 6.8 في المائة من مجموع عدد السكان. وبحسب نتائج بحث أعلنته وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في إبريل/ نيسان 2016، تعتبر أسرة واحدة تقريباً من بين كلّ أربع أسر مغربية معنيّة بمشكلة إعاقة، أي بنسبة 24.5 في المائة.