فرضت وزارة الأوقاف في مصر على خطباء المساجد موضوعاً جديداً موحداً للحديث في خطبة الجمعة المقبلة يتمحور حول "حق الاختلاف وقبول الآخر"، في الوقت الذي تسود فيه العالم الإسلامي موجة غضب عارمة، بسبب نشر الرسومات المسيئة للنبي محمد وعرضها على بنايات في مدينتين فرنسيتين، مع نشاط حول العالم يدعو إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.
ونشرت وزارة الأوقاف نص الخطبة التي يجب على الخطباء الالتزام بها على المنابر الجمعة المقبلة، وقالت إن "خلق الله عز وجل الناس مختلفين في ألوانهم وألسنتهم وطباعهم ومعارفهم، وهذا التنوع والاختلاف سنة من سنن الله تعالى في خلقه".
وأضافت خطبة الأوقاف: "لقد دعانا ديننا الحنيف إلى قبول هذا التنوع، وجعله وسيلة للتعارف والتقارب، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الحوار الهادف الذي يقرب وجهات النظر، ويخاطب العقول بالحكمة والموعظة الحسنة، فالأمم التي تؤمن بحق الاختلاف وقبول الآخر هي أكثر الأمم أمناً واستقراراً وتقدماً. والأمم التي وقعت في فخ الاحتراب والاقتتال الطائفي أو المذهبي، دخلت في دوائر فوضى ودمار عصفت بكيانها ومزقت أوصالها".
وقالت إن "المتتبع لسيرة النبي يجد أنه أسس للحوار الذي يحترم كل الناس حتى المخالفين في العقيدة". و"إن أدب الحوار والرقي في مخاطبة الناس أمر قد أسسه القرآن الكريم، وأمر الله به نبيه حتى مع أشد المخالفين".
وتابعت الخطبة المفروضة "لقد ضمن الإسلام لجميع الناس حرية الرأي الهادف الذي يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، ولم يضمن لهم حرية الرأي فحسب، بل ضمن لهم ما هو أبعد من ذلك، فقد ضمن لهم حرية المعتقد. على أننا نؤكد أن حق الإنسان في التعبير عن رأيه مكفول دون المساس بثوابت الأديان وحريات الآخرين ومقدساتهم، بشرط أن يكون هذا الرأي منضبطا بضوابط القيم والأخلاق والإنسانية ويراعي شعور الآخرين وليس فحشا ولا سبابا".
يأتي ذلك في الوقت الذي وجه فيه شيخ الأزهر الشريف لوماً شديداً لفرنسا خلال استقباله وزير خارجيتها جان إيف لودريان في القاهرة قبل يومين.
وقال خلال لقائه الوزير الفرنسي: "إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حرية تعبير، فنحن نرفضها شكلًا ومضمونًا. وسوف نتتبع من يُسيء لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط".
وأضاف الطيب أن "أوروبا مدينة لنبينا محمد ولديننا لما أدخله هذا الدين من نور للبشرية جمعاء". وتابع: "حديثي بعيد عن الدبلوماسية حينما يأتي الحديث عن الإسلام ونبيه، صلوات الله وسلامه عليه".
وكانت مصادر سياسية قد كشفت عن أن حكومة السيسي مارست ضغوطا على الطيب من أجل عدم التصعيد في قضية الإساءة للنبي محمد حفاظا على العلاقات مع فرنسا. وخلال الأعوام القليلة الماضية، تفرض وزارة الأوقاف في مصر موضوعاً موحداً لخطبة الجمعة، بقرار من وزير الأوقاف محمد مختار جمعة.