تسبب القصف البري والجوي على قرى وبلدات منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي شمال سورية، في نزوح عدد من السكان إلى مناطق الريف الشمالي للمحافظة، خاصة مع تكثيف القصف خلال الأسبوعين الماضيين.
يوضح عمر المحمد من سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، أن الوضع في جبل الزاوية لم يشهد أي هدوء منذ بداية توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الخامس من مارس/آذار عام 2020 وحتى اليوم، معلقا "من يقول إن المنطقة شهدت هدوءا فليأت ويسكن في جبل الزاوية، كل ما في الأمر أن التصعيد تتراوح شدته بين الخفيف والمتوسط والمرتفع".
وأضاف أن جميع قرى وبلدات جبل الزاوية القريبة من خط التماس تتعرض للقصف المدفعي والصاروخي بشكلٍ يومي، مثل الفطيرة، وسفوهن، والبارة، وكفر عويد، وفليفل، والرويحة، وبينين، وكدورة، بالإضافة إلى استهداف المنطقة بين الفينة والأخرى بالغارات الروسية.
ومضى قائلاً: "نزحت 5 مرات من منطقة جبل الزاوية، ونزوحي أمس كان للمرة السادسة، المنطقة تعرضت للاستهداف بأكثر من 400 قذيفة وصاروخ، بالإضافة إلى أكثر من 10 غارات جوية روسية، كما أن منزلي في بلدة بليون تعرّض للاستهداف لأكثر من 3 مرات منذ اتفاق وقف التصعيد، على الرغم من وجود قاعدة عسكرية تركية على أطراف البلدة، لكن ذلك لم يوقف إجرام النظام وروسيا".
وتابع: "الجميع يعرف أن أهالي وسكان منطقة جبل الزاوية هُم الأشد فقراً في شمال غرب سورية، كون جميع أهالي المنطقة مزارعين ويعتمدون في معيشتهم على مردودهم المادي من المحاصيل الزراعية، و60% من المحاصيل الزراعية لم يستفد منها سكان المنطقة بسبب التصعيد، لاسيما أن غالبية الأراضي مكشوفة لمناطق سيطرة قوات النظام وروسيا تتعرض للاستهداف بين الفينة والأخرى بشكلٍ متعمد".
بدوره، قال الناشط أحمد الحسن، لـ"العربي الجديد"، إن عشرات العوائل من قرى "البارة وكنصفرة وكفرعويد وبليون" تركوا منازلهم واتجهوا شمالاً نتيجة القصف المكثف الذي تتعرض له تلك القرى، حيث تعرضت بلدة بليون وحدها في الليلة الماضية لأكثر من 100 قذيفة مدفعية وصاروخية، كما تعرضت بلدات البارة وكنصفرة لغارات من الطيران الحربي الروسي، الأمر الذي أجبر الأهالي على الخروج منها خوفاً من تفاقم الوضع واشتداد القصف.
وأوضح الحسن أن "القصف لم يتوقف على قرى جبل الزاوية منذ سنتين، لكن غالبية سكان تلك القرى كانوا مجبرين على البقاء فيها، لعجزهم عن استئجار منازل في أماكن أخرى، لكن كثافة القصف وتركيزه على أماكن محددة واستمراره منذ أيام حتى اللحظة كان له وقع أكبر في نفوس الأهالي وأجبرهم على ترك منازلهم والبحث عن أي مكان آمن، سواء عند أقاربهم أو في مخيمات الشمال السوري".
وعن خوف الأهالي من عملية عسكرية، نبه الحسن إلى أن "الأهالي لا تتخوف من هذه الناحية، فالمؤشرات على الأرض لا توحي بذلك لكن الخوف من القصف المستمر"، ثم أضاف: "حركة النزوح لم تقتصر على قرى جبل الزاوية بل طاولت أماكن أخرى مثل قرى جبل الأربعين وآفس، وحتى الوقت الحالي لا إحصائيات دقيقة عن أعداد النازحين كون المنطقة في الأصل غير مستقرة".
من جهته، أوضح مصطفى العبد الله، وهو من سكان المنطقة، أن قرية معربليت شرق أريحا كانت من أوائل القرى التي نزح أهلها نتيجة استمرار القصف المدفعي من قبل قوات النظام المحاذية للقرية، كما تشهد قرية آفس شرق إدلب قصفاً مستمراً منذ أيام، الأمر الذي أجبر المقيمين فيها على النزوح. مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "القصف طاول مناطق أخرى مثل سرمين، الأمر الذي أدى لاستشهاد طفلة وإصابة طفلة أخرى بجروح نتيجة استهداف خيمة بين سرمين وإدلب لمهجرين من قرية آفس نزحوا إليها في اليومين الماضيين".
يذكر أن منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، تمتد على خط التماس بين قوات النظام وروسيا من جهة وفصائل المعارضة السورية من جهة ثانية، وشهدت خلال الأعوام الماضية حركات نزوح متكررة، أكثرها كثافة حركة النزوح خلال العملية العسكرية الموسعة التي شنتها قوات النظام السوري أواخر عام 2019 وسيطرت فيها على منطقة واسعة من ريف حماة الشمالي وصولا لمدينة معرة النعمان جنوب إدلب، لتنتهي الحملة في مارس/آذار بالتوصل إلى وقف إطلاق النار.