تعرض الكاتبة والصحافية إيما بادينغتون في مقال نشرته بصحيفة "ذي غارديان" البريطانية لنتائج تجارب عدة أجرتها لإنهاء الإرهاق الذي تشعر به، وذلك استناداً إلى أنواع الراحة السبعة التي أوردها كتاب "الراحة المقدسة: استرجع حياتك، جدد طاقتك، استعد عقلك"، للدكتورة سوندرا دالتون سميث، والذي نشر قبل مرحلة جائحة كورونا، وهدف حينها إلى بدء بحث جديد يهدف إلى تعزيز قدرة الناس على تشخيص درجات إراهاقهم.
تكتب بادينغتون في مقدمة المقال: "لست من ذوي المسؤوليات الكبيرة التي لا تتطلب بذلي جهوداً جسدية كبيرة، لكنني محطمة، ودماغي في حال إرباك شديد، وأشعر بخمول كبير أعتقد بأنه لا يشملني وحدي، وربما يكون ظاهرة عالمية".
وتروي أنها استخدمت محرك البحث "غوغل" لطرح سؤال لماذا أنا متعبة طوال الوقت، فوجدت أن مئات من الأشخاص سبقوها في ذلك، وأن عددهم كان قياسياً خلال الفترة بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول من العام الحالي. وتعلّق: "واضح أن الحياة في ظل وباء مرهقة. الوجود في حال تأهب قصوى يستنزف الشخص جسدياً ونفسياً وعقلياً. لم نستطع النوم في شكل جيد، وفقد كُثر منا الإحساس بالأمان الأساسي، ما أثّر على قدرتنا على الاسترخاء. والظروف والضغوط التي نواجهها فردية، ما يعني أن العلاج قد يكون فردياً أيضاً". تضيف: "من هنا قررت تجربة أنواع الراحة السبعة التي أوردها كتاب سميث، والتي تشمل النشاط البدني والعقلي والعاطفي والاجتماعي والحسيّ والإبداعي والروحي". وتشير بادينغتون إلى أن "كتاب سميث انطلق من الحاجة إلى نهج أكثر دقة في تحليل التعب، ونشرته حين كانت عيادتها مليئة بمرضى متعبين، ويشتكون إليها من أنهم لا يملكون طاقة، في وقت كانت تكافح بنفسها للتكيف مع الضغوط المهنية وتلك المرتبطة بتربية الأطفال والحصول على راحة من أجل الحفاظ على وظائف الجسد. وقد انتقدت فيه عدم قدرة المجتمع على اتخاذ نهج للوقاية من ثقافة الإرهاق، في وصف اعتبره محللون اتهاماً ضمنياً من سميث للرأسمالية".
راحة بدنية وقتية
عن الراحة المرتبطة بالنشاط البدني، اتبعت بادينغتون توصيات سميث الخاصة بمرونة الجسم في حركات صغيرة نفذتها كل ساعة مثل رفع الذراعين وشد الرقبة، والاستلقاء لمدة 5 دقائق على أريكة، مع استخدام أضواء خافتة وارتداء ملابس مريحة. وأوضحت أن هذه التمارين ساعدتها في إزالة الشعور بالتيبس والألم، رغم أنها عاملة منزلية كسولة، وتشعر نادراً بتعب جسدي. أما تمارين إطالة النوم، فساعدتها في النوم جيداً في الليلة الأولى، قبل أن تعود لاحقاً إلى تقلباتها المعتادة.
تقسيم الجهد العقلي
على صعيد راحة النشاط العقلي، خففت بادينغتون، في سبيل معالجة شعورها بالارتباك والعصبية وحالة الضباب الدماغي، ونسيان ما كانت تفعله وافتقادها أشياء، القيام بالأنشطة ذات العائد المنخفض، مثل تصفح البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي لفترات طويلة. وكتبت: "في السابق، كنت أفقد جزءاً كبيراً من تركيزي فقط لمراقبة الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا غباء. لذا قررت تقسيم جهدي العقلي. وحققت على سبيل المثال إفادة جيدة من الانتقال من التركيز لمدة 25 دقيقة، إلى الاسترخاء لمدة خمس دقائق، إذ خفف ذلك درجة التعب لدي".
حيرة عاطفية
وعن الراحة العاطفية، كتبت بادينغتون بعدما خضعت لـ"اختبار تحديد عيوب الراحة" الذي نشرته سميث على الإنترنت: "الراحة العاطفية هي الأسوأ بالنسبة لي". وعلّقت على اقتراح سميث معالجته بتحديد الأشخاص الذين "يستنزفوننا"، بأنها لا تجد أي شخص يفعل ذلك لأنها انطوائية. كما اعتبرت أن نصيحة سميث بـ"التوقف عن المقارنة" ليست عملية بالنسبة لها، لأن هوايتها الرئيسية هي مقارنة نفسها بالآخرين في شكل سلبي. أيضاً، شرحت بادينغتون أنها تكره اقتراح سميث كتابة الشخص ما يزعجه قبل التوجه إلى العلاج، لأنها تشعر بأنها تدفع بكل أفكارها السيئة إلى السطح من دون أي خطة لما ستفعله بها.
لقاءات اجتماعية
اجتماعياً، أيدت بادينغتون فكرة سميث قضاء المرء وقتاً جيداً مع أشخاص يشعرونه بأنه على طبيعته. وقالت: "أتناول وجبات الغداء على مهل مع أعز أصدقائي، من فترة إلى أخرى. وهذا اللقاء هو الأفضل لدي، فنحن نأكل ونمرح. لكن هل يكفي ذلك لإنهاء معاناة. لا أجد إجابات واضحة عن ذلك".
لا يمكن تغيير الضوضاء
وعن الراحة الحسيّة، تؤكد بادينغتون أن الصوت هو المدخل الحسي الذي يرهقها، وينتج من أي ضوضاء صافرة بطارية أو إنذار لحريق في منزل الجيران أو محرك بعيد أو مروحة حمام. وكتبت: "الطنين المستمر لشخص يتحدث في الخلفية يجعلك غاضباَ، وهو أمر قد لا يمكن تغييره"، علماً أن سميث لاحظت في كتابها ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من عجز في الراحة الحسيّة، وأن الأشخاص المحتجزين في المنزل مع أطفال صغار يتعرضون لضوضاء مستمرة.
إجازات للإبداع
وبالانتقال إلى راحة النشاط الإبداعي، أحبت بادينغتون نصيحة سميث ببناء إجازات في الحياة، لاسترجاع القدرة على خلق أفكار إبداعية، فقررت بناء إجازة لنفسها بعيداً عن كل شيء، شملت تناول الغداء في المقهى المفضل لديها، ثم زيارة معرض، لكن الخطة فشلت بسبب ارتكابها خطأ تفقد بريدها في الحافلة، فأصبح الغداء موعداً للعمل.
ولاحقاً، حاولت بادينغتون تجنب الأخطاء، وخلق مساحة صغيرة للتمويه عن نفسها، لكنها لم تستطع إيجاد أفكار إبداعية لكتاباتها.
الصمت الروحي
تعتبر سميث أن "الراحة الروحية في الصميم هي الشعور بأننا نحتاج جميعاً إلى أن يُنظر إلينا حقاً، وأننا ننتمي، وأننا مقبولون، وأن لحياتنا معنى"، وقالت بادينغتون: "ليس لدي إيمان، وإيجاد ما يعطيني هذه المشاعر يبدو مهمة طويلة الأمد. وبدلاً من ذلك أنتقل إلى الشيء الروحي الوحيد الذي أعرفه جيداً وهو مجموعة الكويكرز الدينية التي تتبنى مفهوم أن الله واسع جداً وبسيط للغاية. وأنا أستمتع بالاجتماع الصامت لمدة ساعة تساعدني في فحص أفكاري أحياناً. وهذا أعمق سلام أشعر به طوال الأسبوع". وفي خلاصة تجارب الراحة، تعتبر بادينغتون أنها لم تكن سيئة، وتلفت إلى أنه "من المفيد أيضاً تحليل نوع التعب الذي تشعر به، وأن يكون لديها مجموعة أدوات لمعالجة بعض أنواع التعب على الأقل".