- المنظمات الإنسانية والحقوقية تحذر من كارثة إنسانية وصحية، مشيرة إلى أن غالبية سكان رفح يعيشون في ظروف صعبة بمراكز إيواء أو خيام، وتشكل أوامر التهجير خطرًا على حياة أكثر من مليون فلسطيني.
- السلطات والمنظمات الفلسطينية تدين الإجراءات الإسرائيلية كجزء من جريمة الإبادة الجماعية، معتبرة إخلاء رفح أعلى درجات الإبادة ومحذرة من تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية.
لا يعرف الفلسطيني أحمد قشطة مصير عائلته بعد أن طلب الاحتلال الإسرائيلي من سكان المناطق الشرقية في مدينة رفح إخلاءها تحضيراً للهجوم البري على المدينة التي يتكدس فيها المهجرون منذ شهور بفعل عمليات التهجير القسري التي جرت في مختلف مناطق القطاع.
وتتعرض مناطق رفح الشرقية منذ أيام لقصف إسرائيلي مركز، لا سيما مناطق حي السلام والجنينة ومنطقة الشوكة وغيرها، والتي جرى إلقاء مناشير الإخلاء عبر الطائرات عليها من دون توضيح كيفية نقل المدنيين بأمان، أو كيفية تنظيمهم بعد وصولهم.
يقول قشطة إن تهجيره الحالي من حي السلام في شرقي رفح سيكون الثالث بعد تهجيرين سابقين بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع. ويضيف لـ "العربي الجديد"، أن "الأهالي لا يعرفون المناطق التي أصبحوا مضطرين للانتقال إليها، فضلاً عن عدم وجود منازل لإيوائهم فيها، وسيضطرون للبحث عن خيام للعيش فيها بينما هناك نقص كبير في الخيام المتاحة، وارتفاع كلفة شراء المتوفر إلى مبالغ تقترب من 1000 دولار أميركي، فيما تعاني غالبية الأسر من انعدام السيولة المالية".
وتستعد الفلسطينية إيمان عبد السلام لمغادرة المنطقة التي وصلت إليها بعد أربع مرات هُجّرت فيها مع أفراد عائلتها البالغ عددهم 22 شخصاً. وتقول لـ "العربي الجديد"، إن "التهجير صعب للغاية في ظل تكدس الناس في جميع المناطق، وعدم وجود مصادر دخل لعشرات الآلاف من المهجرين. أتمنى أن يتمكن الوسطاء من الوصول إلى اتفاق يوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، ويتيح عودتنا إلى منازلنا في مدينة غزة".
من جانبها، تقول القائم بأعمال مدير الإعلام في وكالة "أونروا" إيناس حمدان إن العمليات العسكرية في رفح تنذر بكارثة. وتوضح لـ "العربي الجديد"، أن "التقديرات تشير إلى أن الغالبية العظمى من سكان رفح يعيشون في مراكز إيواء أو خيام، وهم يعيشون ظروفاً صعبة في ظل محدودية الموارد والأطعمة ومياه الشرب. العملية العسكرية ستفاقم الأزمة الإنسانية، فأغلب العائلات هُجّرت خمس أو ست مرات".
بدوره، يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إن ما يجري في رفح يأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها جيش الاحتلال. مضيفاً لـ "العربي الجديد"، أن "هذه العملية تأتي في إطار استكمال عمليات التهجير، وكل ذلك جزء من جريمة الإبادة الجماعية التي تنخرط فيها الولايات المتحدة الأميركية، وقد كرر مسؤولون في حكومة الاحتلال في بداية هذه الحرب، أن الهدف هو تهجير الشعب الفلسطيني من غزة".
من جانبه، يحذر رئيس المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، من تداعيات أوامر التهجير. ويقول لـ "العربي الجديد"، إن "هذه القرارات تشكل ما يشبه قرار إعدام لأكثر من مليون فلسطيني، وتصعيد لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ بداية العدوان. المناطق التي طاولتها أوامر التهجير تضم أكثر من 200 ألف نسمة، ومستشفى أبو يوسف النجار، وهو المستشفى المركزي في مدينة رفح، وكذلك معبري رفح البري وكرم أبو سالم التجاري".
ويشدد عبده على أن "أوامر تهجير مئات الآلاف من المدنيين لا تعني بالضرورة حمايتهم من الهجمات العسكرية، خاصةً وأن الغالبية العظمى من هؤلاء هُجّروا بالفعل مرات عديدة، ولا يملكون ملاذاً آخر. قبل أوامر التهجير الجديدة في رفح، وضع الجيش الإسرائيلي أكثر من 246 كيلومتراً مربعاً، أي ما يعادل 67 في المائة من مساحة قطاع غزة، تحت أوامر التهجير غير القانونية، بما يشمل جميع المناطق في شمال وادي غزة، والتي صدرت أوامر لسكانها بالإخلاء في أواخر أكتوبر الماضي، إضافة إلى مناطق في جنوبي وادي غزة أمر جيش الاحتلال بإخلائها تباعا منذ الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي".
ويرى نائب المدير العام في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، جميل سرحان، أن إخلاء رفح يعتبر أعلى درجات الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الفلسطينيين، لا سيما وأن الاحتلال صنف المدينة على أنها منطقة آمنة. ويقول لـ "العربي الجديد"، إن "السكان والمهجرين يعانون من انعدام الخدمات، فالبنية التحتية في المدينة الصغيرة لا تستطيع تحمل وجود كل هذا العدد من الأشخاص، ومستشفياتها لا تستطيع استيعاب هذا العدد الكبير من السكان، وفي ظل هذا الاكتظاظ انتشر الأمراض الجلدية والتنفسية. رغم كل هذه المشكلات، قرر الاحتلال إجلاء السكان من هذه المناطق إلى مناطق أخرى لا يوجد بها بنية تحتية قادرة على استيعابهم، ولا مياه صالحة للشرب، ولا مرافق صحية، ما ينذر بوقوع وفيات".