حذّر مسؤولون عراقيون من استمرار تسجيل جرائم انتحال صفات حكومية لأجل استغلال المواطنين بأشكال مختلفة والحصول على مبالغ مالية منهم، التي وقع ضحيتها المئات، مؤكدين أن تفشي عمليات التزوير في البلاد سهّل ارتكابها.
وينتحل أشخاص صفات ضباط جيش أو عناصر شرطة أو مستشارين حكوميين أو أطباء أو محامين، وأحياناً موظفين لدى مكاتب مسؤولين حكوميين وغير ذلك، ويوهمون المواطنين ويقدمون لهم وعوداً بقضاء أعمالهم مقابل المال.
تُسجل العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الأخرى، باستمرار، عمليات قبض على منتحلي صفات مسؤولين حكوميين وضباط أمن، التي نشطت أخيراً كصبغة رسمية لتنفيذ جرائم مختلفة وعمليات نصب واحتيال.
وأمس الجمعة، ألقى جهاز الأمن الوطني العراقي القبض على أحد منتحلي الصفات، وأكد في بيان أنه "بناءً على شكوى تقدمت بها إحدى الطالبات في محافظة بابل عن قيام أحد الأشخاص بالنصب عليها بمبلغ مالي قدره 30 مليون دينار عراقي (الدولار يعادل 1660 ديناراً)، لِقاء تغيير درجاتها الامتحانية، مدعياً أنه يعمل في وزارة التربية، وأخرى بانتسابه إلى مجلس النواب، باشرت مفارز الجهاز بالتحري والمتابعة لتفاصيل القضية وتعقب المتهم المذكور"، مبيناً أنه "تم إلقاء القبض عليه ومواجهته بالأدلة الثبوتية".
وأضاف أن "المتهم اعترف صراحة بحصوله على المبلغ المذكور من الضحية على شكل دفعات، وقد أُحيل على الجهات القانونية".
ولا توجد إحصائية رسمية بأعداد منتحلي الصفات الحكومية ممن ألقي القبض عليهم، غير أن ضابطاً في الشرطة أكد أن الجريمة رائجة وتسجل باستمرار، وأن الجرائم المرتكبة من خلالها كبيرة، وأن السبب الرئيس في انتشارها تفشي عمليات التزوير وسهولة الحصول على هويات انتساب إلى أي مؤسسة حكومية.
وقال ضابط برتبة عقيد، في شرطة بغداد، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "جريمة انتحال الصفة تنشط ببغداد، وعموم المحافظات الأخرى، حيث يعمد المجرمون إلى الحصول على هويات مزورة بوظائف حساسة، كأن يكونوا ضباط أمن كباراً، أو مسؤولين بمواقع مهمة أو فصائل مسلحة متنفذة، لينفذوا جرائمهم بصفة رسمية"، مبيناً أن "الأسبوعين الأخيرين قُبض فيهما على 8 أشخاص تورطوا بجريمة انتحال الصفة، في بغداد فقط".
وأوضح أن "أغلب الجرائم المنفذة بهذا الأسلوب تتعلق بالنصب والاحتيال، حيث يعمد هؤلاء إلى تزوير هويات بالوزارات التي يحاولون تنفيذ عمليات نصب فيها، كأن تكون بمؤسسة الشهداء للحصول على حقوق الشهيد، أو الحصول على تعيين بوزارة من الوزارات، أو إطلاق سراح سجين والتخفيف من الأحكام الصادرة بحقه"، مبيناً أن "هؤلاء يخدعون المواطنين ويحصلون على مبالغ كبيرة منهم"، ومؤكداً: "نعمل على متابعة تلك العصابات والإيقاع بها".
وحذر المواطنين من "خطورة التعامل غير الرسمي مع هؤلاء"، مطالباً إياهم بـ"الإبلاغ عن تلك الحالات".
ويؤكد مواطنون أن عمليات انتحال الصفة الرسمية أصبحت رائجة بجميع مؤسسات الدولة حتى الأمنية، وأن عصابات متخصصة تعمل بها، وحمّل علي السلامي، وهو أحد أهالي العاصمة بغداد، الحكومة مسؤولية ذلك، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "التزوير وعدم وضع حد له منح هؤلاء فرصة استغلال المواطنين"، داعياً إلى "ملاحقة شبكات التزوير ومحاسبتهم قانونياً، ووضع حد لتلك الجرائم".
وأدى الوضع العام في البلاد إلى نشاط أنواع الجرائم، حيث تتفنن عصابات الجريمة المنظمة في عموم المحافظات بابتكار طرق مختلفة لتنفيذ جرائمها، مستغلة الظرف الأمني، وضعف المحاسبة الأمنية والقانونية.