حذّر مسؤولون حقوقيون مختصون بشؤون الأسرى الفلسطينيين، من تصعيد إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين في ظلّ إجراءات إدارة الاحتلال بحقهم، وما يتعرضون له من تنكيل، وكذلك مع قرب دخول المعتقلين الإداريين (دون تهمة) خطوة مقاطعة محاكم الاحتلال بكل درجاتها في بداية عام 2022.
جاء ذلك خلال اعتصام نظّمته مؤسسات الأسرى والفصائل الفلسطينية، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، وحضرت العديد من قضايا وهموم الأسرى والحركة الأسيرة، التي هي بحاجة، بحسب المتحدثين من مؤسسات الأسرى، إلى حراك إسنادي.
ويواجه الأسرى في سجن نفحة، وتحديداً القسم 12، إجراءات عقابية، بعدما طعن الأسير يوسف المبحوح سجاناً، رداً على الاعتداء على الأسيرات، فيما يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، في تصريحات له على هامش الاعتصام، أنّ "الأسرى في هذا القسم يواجهون تداعيات الهجوم على الأسيرات، إذ اتخذت بحقهم سلسلة من الإجراءات".
وأكد فارس ضرورة مساندتهم حتى رفع العقوبات وإعادة المعزولين إلى غرفهم، مشدداً على أنّ الأسرى استطاعوا تحطيم قرارات الاحتلال بمحاولة تنفيذ جزء من توصيات لجنة أردان (توصيات لجنة شكلها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان عام 2018 لسلب حقوق الأسرى)، مشيراً إلى أن الاحتلال أراد تنفيذ تلك التوصيات من الحلقة التي اعتقد أنها الأضعف، وهي الأسيرات، لكن الأسرى استطاعوا وقف ذلك بوقوفهم مع الأسيرات.
من جانبه، قال وكيل هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عبد القادر الخطيب، في حديثه على هامش الاعتصام مع "العربي الجديد": "إن الأوضاع في سجون الاحتلال صعبة، في ظل العديد من الإجراءات العقابية بحق الأسرى، ما يستوجب علينا أن نتضامن معهم بشكل أسرع، وأن يكون هناك تدخل من كل المؤسسات الحقوقية والإنسانية والبرلمانية في كل العالم وفي أوروبا للضغط على إسرائيل للكف عن هذه الإجراءات بحق الأسرى".
وفي ما يتعلق بقضية مقاطعة الأسرى الإداريين لمحاكم الاحتلال، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، خلال الاعتصام: "يجب أن يُبنى على هذا القرار الاستراتيجي حالة نضالية كفاحية ترتبط بفكرة المقاطعة، نحو مقاطعة كل مؤسسات الاحتلال لتحويله إلى احتلال خاسر".
وطالب فارس بالتقاط خطوة الأسرى الإداريين، في وقت أكد أنه ستشكل لجان للتواصل مع كل الجهات، بما فيها الحركات الطلابية والنقابية والفصائل بهذا الخصوص.
في الاعتصام بمقر الصليب الأحمر، كانت صور الأسير المضرب عن الطعام هشام أبو هواش منذ 134 يوماً ضد اعتقاله الإداري دون تهمة أو محاكمة، حاضرة بقوة، بعد أن كان لصورته من داخل مستشفى "آساف هاروفيه" الإسرائيلي الوقع الكبير، التي خرجت بعد قرار إسرائيلي بتجميد اعتقاله الإداري، وأظهرت جسده النحيل.
وحول وضع أبو هواش، يقول وكيل هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد القادر الخطيب لـ"العربي الجديد": "إنه خطير ومقلق، ما شاهدناه بالصور الحية أنه يلامس الموت، طبياً هو في عداد الشهداء".
وعن وضعه القانوني، يوضح الخطيب: "إسرائيل تحاول الالتفاف على القانون، وأن تذر الرماد في العيون، فتجميد الاعتقال الإداري لا يعني إنهاءه، وقد يستأنف القرار الإداري إذا طرأ أي تحسن على صحته، أبو هواش لا يزال مستمراً في إضرابه، ويريد حريته بالطريقة التي يراها مناسبة، وهي الإضراب عن الطعام".
بدوره، يعتبر رئيس نادي الأسير قدورة فارس خلال كلمة له، أن ما يتعرض له أبو هواش أحد تعبيرات العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، من خلال التعرض للأسرى بصفتهم رموزاً للكفاح ومصادر لإلهام الأجيال الفلسطينية الصاعدة، بهدف كسر هيبة وصورة ورمزية الأسير، لكن أبو هواش حسب فارس، يدرك تماماً أنه يمثل الفلسطينيين ولا يقبل أن تكسر روحه.
وطالب فارس بالتحرك بعد الصور المؤلمة لأبو هواش، مطالباً الفصائل الفلسطينية والحركات الطلابية والنقابية بأخذ دورها.
وحضر الاعتصام عائلتا الأسير المريض بالسرطان عبد الباسط معطان من مدينة البيرة، والأسير محمد زهران، المعاد اعتقاله بعد مدة قصيرة من الإفراج عنه بعد 19 عاماً من الاعتقال.
وقالت زبيدة معطان، زوجة عبد الباسط لـ"العربي الجديد": "إن زوجها الذي اعتُقل في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يصارع مرض السرطان في سجون عوفر دون أن توجه إليه تهمة، وكل لحظة يواجهها في السجن ستكون فارقة، فوضعه لا يحتمل التأخير، وبحاجة إلى متابعة ورعاية طبية مناسبة وظروف نفسية متزنة، وهو ما تفتقده غرف السجن".
وأكدت معطان أن زوجها سيتجه إلى خطة الإضراب عن الطعام إذا استمرت إدارة السجن بتجاهل ملفه الطبي حتى إعادة العلاج له، "إذ إنه يعاني إهمالاً طبياً، ولم يقدم إليه العلاج اللازم، وقد ظهرت لديه أعراض المرض مرة أخرى، ويعاني من تطور خطير وآلام وأوجاع في منطقة الصدر، وبالتحديد في الرئتين، ما يثير تخوف العائلة وقلقها الشديد".
وطالبت المؤسسات الحقوقية المعنية بالأسرى بضرورة تفعيل قضية الأسرى والعمل العاجل والفوري للإفراج عن الأسرى المرضى، وخاصة مرضى السرطان.
أما الناشط فواز البرغوثي من بلدة دير أبو مشعل غرب رام الله، وهي بلدة الأسير محمد زهران، فأكد لـ"العربي الجديد"، أن ذويه يحاولون إيصال دوائه الذي أقره الأطباء إلى السجن دون جدوى حتى الآن، مؤكداً أن ما يدعو إلى الخوف على زهران، وضعه الصحي المتدهور وحرمانه الدواء.
وأضاف البرغوثي أن زهران قضى في سجون الاحتلال 19 عاماً، وأُفرج عنه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وحاول العودة إلى حياته الطبيعية والاندماج مع أهل قريته، لتأتي إعادة اعتقاله سريعاً في 14 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بحجة تشكيله خطراً على أمن المنطقة دون توجيه أي تهمة إليه حتى الآن.