تراجع المساعدات الغذائية إلى غزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

02 أكتوبر 2024
الاحتلال الإسرائيلي يقلص المساعدات الغذائية لغزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تراجع الإمدادات الغذائية إلى غزة: شهدت الأسابيع الماضية تراجعاً حاداً في الإمدادات الغذائية نتيجة فرض إسرائيل قاعدة جمركية جديدة على المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى توقف الشحنات عبر الأردن منذ أسبوعين.

- قيود على الشحنات التجارية والإنسانية: فرضت إسرائيل قيوداً على شحنات الأغذية التجارية إلى غزة، مما أدى إلى تراجع الشحنات إلى أدنى مستوياتها منذ سبعة أشهر، وزيادة مخاوف انعدام الأمن الغذائي.

- فوضى في طرق المساعدات الغذائية: المساعدات تصل عبر طرق مختلفة تتوقف أحياناً، والطريق الرئيسي عبر مصر أصبح خاضعاً للتفتيش الإسرائيلي. تراجع الشحنات التجارية يزيد من مخاوف المجاعة.

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلية قاعدة جمركية جديدة على بعض المساعدات الإنسانية، وقلصت في الوقت نفسه عمليات التسليم التي تنظمها الشركات مما أثر بالمساعدات الغذائية إلى غزة. 

وأوضحت 7 مصادر مطلعة لـ"رويترز" أن القاعدة الجمركية الجديدة تسري على قوافل الشاحنات التي تستأجرها الأمم المتحدة لنقل المساعدات من الأردن إلى غزة عبر إسرائيل. وأضافوا أنه بموجب القاعدة، يتعين على الأفراد من منظمات الإغاثة التي ترسل المساعدات ملء نموذج يتضمن تفاصيل جوازات السفر، وقبول المسؤولية عن أي معلومات كاذبة عن الشحنة.

الصورة
الاحتلال الإسرائيلي يقلص المساعدات الغذائية لغزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
قيّد الاحتلال الإسرائيلي وصول شحنات الأغذية التجارية إلى غزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

وذكروا أن وكالات الإغاثة تعترض على هذه القاعدة التي أُعلن عنها في منتصف أغسطس/ آب خشية تعرض الموظفين لمساءلة قانونية إذا وقعت المساعدات في يد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) أو أي من الفصائل الأخرى التي تتصدى للعدوان الإسرائيلي على القطاع. ونتيجة لهذا، لم تمر الشحنات عبر الأردن وهي طريق رئيسي في إمدادات غزة، منذ أسبوعين. وقالت المصادر إن الحرب لم تؤثر بالشحنات عبر قبرص ومصر.

تراجع المساعدات الغذائية إلى غزة

وفي خطوة موازية، قيد الاحتلال الإسرائيلي شحنات الأغذية التجارية إلى غزة وسط مخاوف من استفادة حماس من هذه التجارة، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر ومصادر في القطاع. وتظهر بيانات الأمم المتحدة وحكومة الاحتلال الإسرائيلية أن شحنات الأغذية والمساعدات تراجعت في سبتمبر/ أيلول إلى أدنى مستوياتها منذ سبعة أشهر.

وأكدت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، التابعة لجيش الاحتلال والتي تشرف على دخول شحنات المساعدات الإنسانية والشحنات التجارية إلى غزة، عدم دخول أي شاحنات مستأجرة من الأمم المتحدة من الأردن إلى القطاع منذ 19 سبتمبر/ أيلول، لكن متحدثاً قال إن إسرائيل لا تمنع دخول البضائع. وأحال المتحدث الأسئلة حول الخلاف المتعلق بالنموذج إلى وزارة الاقتصاد الإسرائيلية. ولم يرد متحدث باسم الوزارة على استفسارات "رويترز".

وأحجم متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن التعليق، كما أحجمت وحدة تنسيق أعمال بحكومة الاحتلال الإسرائيلية في المناطق عن التعليق على استفسارات حول الشحنات التجارية.

الصورة
الاحتلال الإسرائيلي يقلص المساعدات الغذائية لغزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
مخاوف من تردي حالة انعدام الأمن الغذائي لسكان غزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

وأثارت القيود المفاجئة على الشحنات الإنسانية والتجارية مخاوف بين العاملين في مجال الإغاثة من تردي حالة انعدام الأمن الغذائي لسكان القطاع المحاصرين، والبالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وقال نور العمصي، وهو طبيب يعمل في جنوب غزة، لـ"رويترز" في مكالمة هاتفية: "نقص الغذاء هو من أسوأ ما شهدناه خلال الحرب، وخاصة في الأسابيع الماضية"، مضيفاً "كنا نظن أننا تمكّنا من احتوائه، ولكن الأمر اتجه نحو الأسوأ. تعالج عيادتي 50 طفلاً يومياً من أمراض مختلفة وإصابات. وفي المتوسط ​​يعاني 15 منهم من سوء التغذية".

وانخفض عدد الشاحنات التي تحمل الغذاء والسلع الأخرى إلى غزة إلى نحو 130 شاحنة يومياً في المتوسط ​​في سبتمبر/ أيلول، وفقاً لإحصاءات وحدة تنسيق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق. وهذا أقل من نحو 150 شاحنة يومياً منذ بداية الحرب، وأقل كثيراً من 600 شاحنة يومياً تقول الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إنها مطلوبة لمواجهة خطر المجاعة في القطاع خلال الحرب.

وكان انعدام الأمن الغذائي أحد أكثر القضايا إثارة للجدل في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وفي مايو/ أيار، طلب ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلين إنهم يشتبهون في أن السلطات الإسرائيلية استخدمت "تجويع المدنيين أداة في الحرب".‭‭ 

الفوضى تسيطر على طرق المساعدات الغذائية إلى غزة

قال مسؤولون من الأمم المتحدة وإسرائيل إن المساعدات تصل إلى غزة خلال الحرب عبر عدة طرق مختلفة كانت تعمل أحياناً وتتوقف عن العمل أحياناً أخرى. والطريق الرئيسي للوصول إلى جنوب غزة قبل الحرب كان عبر مصر، لكن حدث تحويل في المسار وأصبح الآن خاضعاً للتفتيش الإسرائيلي. وذكرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة أن المساعدات التي تقدمها المنظمة الدولية عبر هذا الطريق تراجعت منذ شن إسرائيل هجوماً عسكرياً على مدينة رفح في مايو/ أيار بسبب انعدام الأمن الذي زاد من صعوبة تنظيم توصيلها.

وأطلقت الولايات المتحدة مبادرة في ذلك الشهر لإنشاء رصيف بحري لتوصيل المساعدات الإنسانية بالسفن، لكن العواصف ألحقت أضراراً بالرصيف وجرى العدول عن استخدامه في يوليو/ تموز. وقال عمال إغاثة إن بعض الشحنات التي كان من المفترض نقلها عبر الرصيف في ذلك الوقت لم تصل إلى غزة حتى بعد إعادة توجيهها عبر ميناء أسدود الإسرائيلي.

الصورة
الاحتلال الإسرائيلي يقلص المساعدات الغذائية لغزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
تقليص المساعدات الغذائية لغزة، مخيم جباليا، 23 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

وفتحت إسرائيل طريق الأردن في ديسمبر/ كانون الأول مما سمح بانتقال الشاحنات من المملكة الهاشمية إلى غزة مباشرة. ويقول عاملون في مجال الإغاثة بالأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إن الاعتماد زاد على ممرّ الأردن حتى تعليق العمل به في الفترة الأخيرة. وجرى تسهيل النقل عبر هذا الطريق بعد أن اتفقت سلطات الاحتلال مع الأردن على تبسيط الإجراءات الجمركية الخاصة بالمساعدات الإنسانية التي تنقلها وكالات الأمم المتحدة. لكن وحدة تنسيق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق أبلغت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في منتصف أغسطس/ آب بوقف تشغيل هذا المسار السريع، حسبما قالت مصادر مطلعة. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى زيادة التكاليف والتأخير. وذكرت المصادر أن النموذج الجمركي الجديد يشكل صداعاً إضافياً، مضيفة أن الأمم المتحدة اقترحت من جانبها بديلاً وتأمل في أن تقبله إسرائيل.

تراجع في الإمدادات التجارية إلى غزة

وبينما تتفاقم المخاوف بشأن حدوث مجاعة في غزة، تكشف مصادر عن تراجع في الإمدادات التجارية مؤخراً. وتشكل الواردات التجارية التي يقوم بها تجار غزة الجزء الأكبر من 500 شاحنة كانت تدخل القطاع يومياً قبل الحرب.

وأفاد أربعة تجار من غزة وأربعة مسؤولين من الأمم المتحدة بأن إسرائيل أوقفت معظم هذه الإمدادات بعد اندلاع الحرب، لكنها سمحت فقط باستئناف استيراد المواد الغذائية من الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مايو/ أيار، وهو ما ساعد في زيادة إمدادات السلع الغذائية الطازجة والصحية التي لا تشملها شحنات المساعدات.

وأشارت وحدة تنسيق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق إلى أن الشحنات التجارية انخفضت من متوسط يومي بلغ 140 شاحنة في يوليو/ تموز إلى 80 في سبتمبر/ أيلول. وفي آخر أسبوعين من سبتمبر، قال تجار من غزة إن المتوسط اليومي انخفض بشكل أكبر إلى 45 شاحنة فقط.

ومنذ مايو/ أيار، تشجع السلطات الإسرائيلية على الاعتماد على الإمدادات التجارية، قائلة في يونيو/ حزيران إنها بديل أكثر فاعلية من المساعدات التي توفرها الأمم المتحدة. لكن مصادر مطّلعة قالت إن إسرائيل غيّرت موقفها بذريعة أن "حركة حماس تفرض ضرائب على بعض الشحنات، وتستولي على بعض المنتجات الغذائية".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون