رحّلت السلطات التركية، اليوم الإثنين، القانوني السوري صلاح الدين الدباغ، بعد أن سلّم نفسه للشرطة مقابل الإفراج عن والدته التي اعتُقلت قبل يومَين من منزلها، واحتُجزت في مركز الترحيل الخاص بالأجانب في منطقة أوزلي، وذلك لإجبار ابنها على تسليم نفسه إلى دائرة الهجرة التركية في ولاية غازي عنتاب جنوبي البلاد.
وأفادت مصادر مطّلعة "العربي الجديد" بأنّ السلطات التركية رحّلت، عصر اليوم الإثنين، صلاح الدين الدباغ، عبر بوابة قرقميش الحدودية جنوبي تركيا المقابلة لبوابة جرابلس الحدودية بريف حلب الشرقي، بعد تسليم نفسه إلى الشرطة صباح هذا اليوم، وذلك عقب الإفراج عن والدته الصيدلانية السورية غادة حمدون.
وأضافت المصادر أنّ الشرطة التركية داهمت منزل صلاح الدين، أوّل من أمس السبت، في ولاية غازي عنتاب، بهدف اعتقاله بتهمة "المسّ بهيبة الدولة التركية"، وعندما لم تجده اعتقلت والدته عوضاً عنه إلى حين تسليم نفسه.
من جهته، قال الناشط السوري في قضايا حقوق اللاجئين طه الغازي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "صلاح الدين الدباغ طالب في كلية الحقوق، وما زال تحت بند الحماية المؤقتة وغير مجنّس، وكان له نشاط في الدفاع عن قضايا اللاجئين السوريين مع المحامي (التركي من أصل سوري) مصطفى بايرلي".
وأوضح أنه "خلال الفترات الماضية تعرّض بايرلي والدباغ لهجوم من قبل رئيس بلدية بولو التركية تانجو أوزجان، وكذلك من قبل رئيس حزب الشعب الجمهوري في ولاية غازي عنتاب محمد نشأت أوجار"، مضيفاً أنّ "ثمّة دعوى سابقة بينهما (بايرلي والدباغ) وبين رئيس حزب المستقبل في غازي عنتاب بكير أوزتكين. فالأخير تزوّج امرأة سورية وأنجبا طفلة، لكنّه لم يوافق على تسجيلها بكنيته، فلجأت زوجته إلى مكتب المحاماة، حيث يعمل بايرلي والدباغ، وربحت القضية. ويبدو أنّ هذا السياسي حقد على بايرلي والدباغ وحرّك باقي الأحزاب السياسية ضدّهما".
وأشار الغازي إلى أنّ "المادة 216 من قانون العقوبات العام التركي تنصّ على منع التحريض ونشر مشاعر الكراهية والبغضاء بين أفراد المجتمع. وبناءً على هذه المادة وُجّهت شكوى ضدّ كلّ من الدباغ وبايرلي. ولأن بايرلي مجنّس فهذا أمر لن يؤثّر عليه، في حين أنّ الدباغ للأسف تحت بند الحماية المؤقتة (لاجئ)، وبالتالي تحوّل إلى نقطة التركيز الأساسية".
وأوضح الغازي أنّ "توقيف السلطات الأمنية التركية والدة الدباغ لم يكن أمراً قانونياً، على الرغم من ادّعاء جهات مقرّبة من رئاسة الهجرة، كاللجنة السورية-التركية المشتركة، بأنّ توقيف الوالدة أتى بسبب كود (إشارة) عليها".
وتساءل: "إذا كان عليها كود، لماذا لم تُعتقل في خلال الأيام أو الأسابيع أو الأشهر الماضية؟ ولماذا كان التوقيف متزامناً مع حملة اعتقال نجلها صلاح؟ فهذا الأمر واضح جداً، وإن كان عليها كود، لماذا أُطلق سراحها بعد 24 ساعة، علماً أنّه من يكون عليه كود يُطلَق سراحه بعد أسبوع أو بعد عشرة أيام. وثمّة حالات كثيرة، من بينها امرأة حامل أوقفت لمدّة 26 يوماً في مركز ترحيل سليم باشا"، مشدّداً على أنّ "هذا الأمر غير قانوني".
أضاف الغازي أنّ "الدباغ راجع صباح اليوم دائرة الهجرة بهذا الموضوع، فاعتُقل واقتيد إلى معبر قرقميش الحدودي، ومن ثمّ ترحيله إلى سورية، وهذا الأمر طبعاً أكّدته ولاية غازي عنتاب على صفحتها على موقع تويتر بشكل رسمي".
وتابع الغازي أنّه "خلال الفترة الماضية، رُحّل لاجئون سوريون من تركيا بناءً على ادعاءات كيدية. واليوم نحن مطالبون كناشطين في مجال حقوق اللاجئين وكمنظمات حقوقية سورية وتركية بأن نطالب مؤسسات الحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني السوري ووزارة العدل أن يكون لها دور فاعل في الدفاع عن قضايا اللاجئين السوريين".
ولفت المتحدث ذاته إلى أنّه "حتى الآن، الهيئات والمنظمات الحقوقية السورية ومنظمات المجتمع المدني ووزارة العدل في الحكومة المؤقتة كلها غائبة عن هذه الانتهاكات التي تطاول اللاجئين السوريين". وسأل: "هل اليوم رئاسة الهجرة قادرة على فصل واقع اللاجئين السوريين كحالة قانونية عن قراراتها التعسفية؟ كيف يمكن ترحيل شخص خلال ساعات؟"، شارحاً أنّ "صلاح الدين الصباغ سلّم نفسه إلى دائرة الهجرة صباح اليوم الإثنين، وقانون الحماية المؤقتة التركي ينصّ على ترحيل الشخص السوري بعد سبعة أيام من توقيفه. لكنّ ترحيله تمّ للأسف في ساعات، وهذا بحدّ ذاته انتهاك من بين الانتهاكات التي تعرّض لها الدباغ".
وشدّد الغازي على أنّ "الهيئات الحقوقية السورية والتركية والناشطين ومؤسسات المعارضة السورية ملزمون ومطالبون بالضغط على رئاسة الهجرة تحديداً لإعادة النظر في القوانين الخاصة باللاجئين السوريين، ومن غير المعقول أن يكون أيّ ادعاء كيدي أو كاذب سبباً للترحيل. ولا بدّ من إقرار نصوص وقوانين تجرّم خطاب العنصرية. فكيف يُرحّل اللاجئ صلاح الدين الدباغ بناءً على المادة 216 من القانون التركي بحجّة أنّه حرض على مشاعر الكراهية والبغضاء، في حين أنّ أوميت أوزداغ وإلاي أكسوي وتانجو أوزجان ينشرون منذ سنوات مشاعر الكراهية والعنصرية ضدّ اللاجئين السوريين؟ لماذا هذه المادة تطبّق على اللاجئ السوري ولا تطبّق على الأتراك؟ ثمّة تمييز، ويجب على القانون أن يكافح العنصرية، لكنّه يحوي عنصرية في هذا الموضوع للأسف. لا بدّ من أن تُسَنّ وتُشرَّع قوانين أكثر صرامة تؤمّن حقوق اللاجئ السوري وتصونها".