تزايدت حوادث السير الخاصة بحافلات النقل العام في الجزائر خلال الفترة الأخيرة، برغم التشدد الذي تبديه السلطات بشأن الضوابط الفنية والتقنية لعمل هذه الحافلات، والعقوبات الردعية التي تفرضها على المخالفين، وحملات التفتيش التي تقوم بها السلطات والمصالح الأمنية.
وفي غضون الـ24 ساعة الأخيرة، لقي 11 شخصا حتفهم وأصيب 41 آخرون في حوادث سير لحافلات نقل عام في ثلاث ولايات في الجزائر، وتوفي خمسة أشخاص وأصيب 25 بجروح ونقلوا إلى المشفى، في حادث سير هو الأعنف من نوعه في غضون اليوم السابق، عندما إصطدمت حافلة لنقل المسافرين وشاحنة في منطقة الكويف بولاية تبسة شرقي الجزائر، فيما أصيب 11 شخصا في حادث اصطدام حافلة نقل مع سيارة في منطقة المنصورة بولاية برج بوعريريج شرقي الجزائر.
كما أصيب أربعة اشخاص في حادث سير بين حافلة نقل عام وشاحنة ببومرداس قرب العاصمة الجزائرية تم إسعافهم ونقلهم إلى المستشفى، وخلف حادث مماثل وفاة شخص وإصابة عدد من المسافرين في اصطدام سيارة بحافلة بمنطقة قالمة شرقي البلاد.
وكشف تقرير لمصالح الحماية المدنية صدر، الثلاثاء، أن 27 شخصا لقوا حتفهم وجرح 1317 آخرون في 1161 حادث مرور عبر مختلف مناطق الوطن في الفترة الممتدة من 14 الى 20 يناير الجاري.
وفي نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقع حادث سير لحافلة تقل لاعبي نادي مولودية البيض (جنوب غربي البلاد)، تسبب في وفاة حارس المرمى ومساعد المدرب واصابة سبعة لاعبين يجروح، كما تسبب حادث مماثل لحافلة نقل عمومي في جرح 46 شخصا في منطقة سيدي بلعباس غربي الجزائر.
السرعة المفرطة تتسبب في حوادث السير
وتعود أسباب بعض الحوادث الى استخدام السائقين للسرعة المفرطة وتعريض سلامة المسافرين للخطر، وعدم احترام المعايير التقنية للحافلات، وفي بعض الحالات يكون إرهاق السائقين خاصة بالنسبة للحافلات التي تعمل على الخطوط الطويلة، في ظل عدم وجود سائق مساعد.
ودفع تزايد حوادث المرور الخاصة بحافلات النقل العام، مجلس الوزراء وفي وقت سابق إلى اتخاذ تدابير مشددة وردعية للحد من هذه الحوادث التي قد تتسبب في ارتفاع الضحايا، حيث طالب الرئيس عبد المجيد تبون الحكومة حينها بوضع تصور يتضمن حلولا ردعية، تخص إلزام أصحاب حافلات النقل العام لعرضها إلى الفحص والمراقبة التقنية كل ثلاثة أشهر، وتشديد الرقابة على شركات النقل بالحافلات، من خلال تناوب السائقين على محاور المسافات الطويلة، وسحب السجل التجاري لكل الشركات المخالفة، وتشديد أقصى العقوبات ضد المتورطين في تسليم رخص السياقة لغير المؤهلين. وتسليط أقصى العقوبات في حالة ثبوت عدم احترام قانون المرور، بما يصنفها في خانة الجرائم.
وقال عضو المكتب الوطني الأكاديمية الجزائرية للأمن والوقاية عبر الطرقات محسن بلقاسم لـ"العربي الجديد"، إن "الأسباب الرئيسية لحوادث المرور الخاصة بحافلات النقل الجماعي للمسافات الطويلة تعود أساسا إلى انعدام التناوب في السياقة خاصة عندما تتجاوز المسافة 600 كيلومتر، فمن المفروض أن يتناوب سائقان على هذه المسافة، حيث أكدت معظم التحقيقات على أن مشكلات تركيز أو إرهاق السائق بسبب التعب تؤدى إلى كوارث في الطرق".
إضافة إلى طول المسافات، ينتقد بلقاسم انعدام إشارات المرور العمودية التي تسهل مهمة السائقين، مشيرا إلى مسألة أخرى تخص "السرعة المفرطة في بعض الأحيان والتسابق على الوصول إلى محطات الحافلات في أقرب وقت وعدم إجراء مراقبة تقنية دورية للحافلات، أما على المستوى المحلي والمسافات القريبة فمعظم السائقين لا يملكون خبرة في الميدان ويغلب عليهم التهور، ناهيك عن منح رخص سياقة لهؤلاء من طرف مدارس السياقة دون إخضاعهم لتكوين وتعليم محكم".