تتصاعد، بشكل لافت، ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق، التي تمارسها عصابات مختصّة وأفراد لتحقيق مكاسب مالية وغايات أخرى. وبينما تجهد الجهات الأمنية للحدّ من هذه الظاهرة وتحجيمها، فإن ضعف الإمكانات والوسائل الحديثة لديها، يضعف من إمكاناتها في السيطرة عليها.
وأعلنت، أمس الأربعاء، وزارة الداخلية العراقية، إحباط ثلاث محاولات ابتزاز بثلاث محافظات، وقالت الوزارة في بيان: "قوات من الشرطة المجتمعية في دائرة العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية أحبطت 3 محاولات ابتزاز إلكتروني لثلاث فتيات من محافظات بغداد والأنبار والنجف". وأشارت إلى أنّ "الشرطة قامت بحذف محتوى الابتزاز وتأمين حسابات ثلاث فتيات أخريات".
مدير الشرطة المجتمعية، العميد غالب عطية، أكّد أنّ "عدد شكاوى الابتزاز الإلكتروني التي سجّلتها المديرية خلال السبعة أشهر الأخيرة من العام الحالي، بلغت نحو 1000 شكوى"، مضيفاً في تصريح صحافي، أنّ "الشرطة المجتمعية تمكّنت من حلّ أغلب تلك الحالات من خلال التواصل المباشر مع الضحايا".
وأكّد أنّ "الجرائم الإلكترونية ومنها الابتزاز، أصبحت ظاهرة موجودة في كلّ المحافظات العراقية، تعاني منها النساء خصوصاً، وهناك جملة من الأسباب التي ساعدت على تفشي هذه الظاهرة". وأشار إلى أنّ "مديرية الشرطة المجتمعية تعمل على الحدّ من هذه الظاهرة، من خلال مفارزها الميدانية وبرامج التوعية التي نعمل عليها لتقليل حجم الآثار السلبية لتلك الظاهرة وتأثيرها على العائلة العراقية".
وشدّد على أنّ مديريته "لا تمتلك البرامج والتقنيات الحديثة للوصول إلى المبتزّين، لذلك لجأت الى إحالة تلك القضايا إلى مكافحة الجريمة الإلكترونية والأمن الوطني، بعد الاستحصال على الموافقات القضائية الرسمية من أجل اعتقال الجناة".
مختصّون بالشأن الإجتماعي أكّدوا أنّ الظاهرة تحتاج إلى حملات توعية مستمرّة، وأنّ على الحكومة تحمّل هذه المسؤولية.
وقال الباحث في الشأن الإجتماعي، رافع النداوي، إنّ "هناك تقصيرا حكوميا واضحا بملف التوعية بالجرائم الإلكترونية، وأنّ هذا الخلل أسهم بتفشي الظاهرة بشكل واسع". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك عدم وعي من قبل الكثير ممن يقعون ضحايا لجرائم الابتزاز من الفتيات تحديداً، وأنّ الجهل يجعل من الفتاة ضحية سهلة لعصابات الابتزاز".
وأوضح أنّ "الحكومة مسؤولة عن تبني برامج توعوية يومية إلكترونية ومرئية ومسموعة، وأن تفتح مواقع إلكترونية خاصة لتسجيل بلاغات الابتزاز، لتسهيل عملية الإبلاغ لمن يتعرّضن للابتزاز، من دون الحاجة للذهاب إلى مراكز الشرطة، لأجل الحفاظ على سرية الشكوى". وأشار إلى أنّ "العديد من الفتيات يمتنعن من تقديم شكاوى بسبب الخوف من تبعات ذلك، من ناحية كشف الدعوى وما يترتب عليها من مشاكل تتعرّض لها الفتاة من قبل أهلها".
وحمّل الحكومة مسؤولية "متابعة الملف والإشراف عليه والحفاظ على سرية الدعاوى المقامة ضدّ المبتزّين، لتشجيع الضحايا على إقامة الشكاوى"، محذراً من "خطورة إهمال الملف وعدم وضع المعالجات".