تعرفوا إلى أبرز عادات شهر رمضان في باكستان
يهتم الشعب الباكستاني كغيره من الشعوب الإسلامية بحلول شهر رمضان، وتكون أجواؤه بادية في الشوارع والأماكن العامة، وفي المساجد والمنازل، كما تتغير كل مظاهر الحياة، ورغم أن المجتمع يتكون من عرقيات مختلفة، لكن جلهم مسلمون.
يعد الإفطار الجماعي أبرز العادات الرمضانية في باكستان، ويكون عادة داخل المساجد أو أماكن الضيافة العامة في الأرياف، وتتسم هذه الموائد بالأطعمة التقليدية. تقوم الأسر بإرسال الأطعمة مسبقاً إلى المساجد وأماكن الإفطار العامة، ثم يحضر جميع رجال الأسرة وأطفالها للمشاركة في تلك المائدة الكبيرة.
يقام الإفطار الجماعي في كل الأقاليم الباكستانية بلا استثناء، غير أنه عادة راسخة في مناطق القبائل البشتونية، لا سيما في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان المحاذيين لأفغانستان، ولعل السبب هو النظام القبلي المتجذر بين أبناء تلك المناطق.
وتتكون مائدة الإفطار الباكستانية عادة من "بكوره"، وهي مقالٍ من الخضروات والدقيق، و"تشات الفواكه"، وهي سلطة فواكه يضاف إليها الفلفل الحار والملح والتوابل، والبرياني، وهي عبارة عن وجبة يختلط فيها الأرز باللحم مع التوابل المختلفة والفلفل الحار، كما تعتبر السمبوسة من الأكلات الشائعة على مائدة الإفطار. ويكاد لا يغيب مشروب "روح أفزا"، وهو خليط من مستخلصات نباتية من الفواكه والأعشاب، وكذا مشروب "جام شيرين" الذي يستخلص من عصارة الرمان، فضلاً عن عصير الليمون مع السكر.
وإلى جانب تميز الأطعمة، فإن روح التضامن أهم ما يميز شهر رمضان في باكستان، حيث يتم قبيل الإفطار تبادل أطباق الطعام بين الجيران والأقارب، إضافة إلى الاهتمام بالعبادات، وخصوصاً صلاة التراويح، والاهتمام بزينة المساجد، ولعل الباكستانيين توارثوا هذه العادة من مسلمي الهند، إذ إنها متجذرة في الأقاليم التي تقطن فيها عرقيات ارتبطت بالهند قبل الانفصال، بينما العرقيات البشتونية والبلوشية لا تهتم بتلك العادة رغم تشددها في أداء صلاة التراويح والطقوس الدينية.
ومن أبرز العادات التي ورثها الباكستانيون من الثقافة الهندية الاحتفال بالصغار الذين يؤدون فريضة الصوم لأول مرة، وعادة ما يكون ذلك قبل سن البلوغ، وتسمى تلك الاحتفالية محلياً بـ"روزه كوشاي"، إذ تقيم أسرة الطفل احتفالاً تدعو إليه الأقارب والأصدقاء، رجالا ونساء وأطفالا. ويرتدي الطفل ملابس جديدة، في حين يضع الأقارب والحاضرون الأزهار حول رقبته، وعلى رأسه، ويحملون معهم هدايا للطفل.
ولأن العادة موروثة من الحضارة الهندية، كانت تقتصر على إقليم البنجاب، أكبر أقاليم باكستان، لكن مع مرور الأيام، امتدت إلى كافة الأقاليم، مع اختلاف طفيف في كيفية الاحتفال.
ومن العادات الرمضانية في باكستان إقامة محافل الأناشيد الدينية، وهذه المحافل لا تقتصر على الرجال، بل تحضرها النساء أيضاً، وتبث القنوات التلفزيونية المحلية وقائع تلك المحافل التي يقام بعضها قبيل الإفطار، أو في الفترة بين صلاة التراويح ووقت السحور، وهناك العديد من المنشدين المشهورين في البلاد، من الرجال والنساء، وتستضيفهم القنوات الباكستانية طوال شهر رمضان.
ويُعد انتشار "موائد الرحمن" أحد أبرز ما يميز شهر رمضان في باكستان، إذ يتوافد عليها الآلاف من الفقراء والعمال، فضلاً عن المغتربين، وتقام غالبيتها برعاية مؤسسات خيرية محلية تحرص على تقديم الطعام المجاني للمحتاجين خلال أشهر السنة العادية، لكن عددها يتضاعف خلال شهر رمضان.
يقول الناشط الباكستاني محمد سعيد خان لـ"العربي الجديد"، إن "الطقوس الرمضانية تبدو جلية في كل شوارع البلاد، ورغم المشاكل المعيشية الصعبة، إلا أننا نرى الجميع في الشهر الفضيل لديهم وفرة في ما يخص الأطعمة، كما تتيح الموائد الرمضانية المجانية الطعام للآلاف في كل المدن والقرى، وتمتلئ المساجد بالناس في وقت الإفطار، حيث يقام الإفطار الجماعي عادة داخل المساجد، كما أن هناك تضامنا اجتماعيا على مستوى الأفراد والأسر والقبائل، وحافظ الباكستانيون على كل العادات التقليدية المتعلقة بشهر الصوم، مثل تزيين المساجد والمنازل، وإقامة المحافل الدينية".