يُعد العراق شديد التأثّر بتغير المناخ. وأثّرت الصراعات والعنف والفقر وعدم الاستقرار السياسي في قدرته على التكيف مع تداعيات تغير المناخ، التي تطاول الفئات الضعيفة بشكل كبير، وذلك من خلال إضافة المزيد من الضغوط، مع دفع فئات أخرى إلى مزيد من الهشاشة، بحسب تقرير أعده موقع "ريليف ويب". وعلى الرغم من أن تغير المناخ يؤثر على الجميع، إلا أن آثاره، وخصوصاً الجفاف، أكبر على فئات معينة أكثر من غيرها.
من بين هؤلاء صغار المزارعين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة البعلية أو المطرية (أحد أنواع الزراعة التي تعتمد على مياه الأمطار بشكل أساسي، لتزويد المحاصيل باحتياجاتها المائية، على العكس من الزراعة المروية التي تعتمد على المياه الجوفية أو مياه الأنهار والمسطحات المائية في سقاية المزروعات). ويواجه المزارعون الذين يعيشون بعيداً عن مصادر المياه مثل الأنهار، الحاجة إلى إيجاد بدائل ودفع ثمنها. كما أن السكان الذين يعيشون بعيداً عن الأنهار هم من بين الأكثر تضرراً والأكثر عرضة لخطر التصحر في ظل عدم القدرة على ري المزروعات أو إمكانية الوصول إلى شبكات المياه. إذاً، السكان الذين يعتمدون على سبل العيش القائمة على الزراعة هم الأكثر تضرراً كونهم يفتقرون للوصول إلى مصادر دخل أخرى، ما يجعلهم من بين الفئات الأكثر ضعفاً، وقد غيّر بعضهم مكان عيشهم أو مهنتهم بحثاً عن دخل أفضل.
ولا يساوي تأثير تغير المناخ والجفاف بين مختلف الفئات الاجتماعية في العراق، بل إنه يفاقم ضعف الفئات الضعيفة أصلاً؛ من بينهم المهجرون أو العائدون إلى قراهم التي هُجروا منها. ووجدت دراسة أن الفئة الأخيرة هي الأكثر معاناة بعدما خسرت كل شيء.
من جهة أخرى، فإن للجفاف تأثيراً كبيراً على النساء المعرضات للخطر والمقيدات اجتماعياً على وجه خاص. ويزداد الخطر في حالات النزوح الداخلي من الريف إلى المدينة، مع زيادة الضغط على قدرة المناطق الحضرية على تأمين احتياجات الوافدين الجدد.
وتعد آثار تغير المناخ محسوسة في العديد من القطاعات الحيوية، وهي الزراعة والمياه والاقتصاد والصحة والبيئة، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على حياة العراقيين.
مع ذلك، فإن الاستجابة لتغير المناخ غير كافية، وقد تأثرت بشكل كبير بالنزاعات وأعمال عنف، ونقص الموارد المالية والبشرية، وانعدام التنسيق بين الوزارات. وفي حال تُركت آثار تغير المناخ من دون معالجة، فستكون النتيجة تفاقم الفقر وانعدام الأمن، وصولاً إلى اضطرابات اجتماعية والمزيد من عدم الاستقرار.
(العربي الجديد)