نشرت مؤسسة "كوميتي فور جستس" تقريراً جديداً لها، رصدت من خلاله حالة حقوق الإنسان في مصر خلال الربع الثالث من هذا العام (يوليو/تموز، وسبتمبر/أيلول 2020)، ووثقت 2652 انتهاكاً في 61 سجناً ومقراً للاحتجاز، 11.8 في المائة منها، أيّ 315 انتهاكاً، في 39 مقراً للاحتجاز.
وحسب التقرير، فإنّ السلطات المصرية ضاعفت من التنكيل، ليطاول عدداً أكبر من المواطنين المنتمين لفئات اجتماعية وطبقية وسياسية مختلفة، على خلفية عدد من المستجدات في الساحة السياسية بمصر.
وتزامن التقرير مع تفعيل مقتضيات قانون الطوارئ بسبب جائحة كورونا، والتوسّع في اختصاصاته، والتي تمّ من خلالها تحويل مئات الآلاف من المواطنين إلى المحاكمات الاستثنائية (محاكم أمن الدولة العليا طوارئ)، وكذلك بدء تنفيذ توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإزالة المنازل والمباني المخالفة للقانون، وهو الإجراء الذي أفضى لإزالة أكثر من 36 ألف مبنى مخالف، في الفترة الممتدة من نهاية شهر مارس/آذار إلى مطلع يوليو/ تموز الماضي، ما أدّى إلى ازدياد الزخم الشعبي المعارض.
عن ملف "الاختفاء القسري"، رصدت "كوميتي فور جستس" 557 حالة اختفاء قسري، تمكّنت من توثيق 46 حالة منها، بما يعادل 8.2 بالمائة من إجمالي الانتهاكات ضمن هذا التصنيف. وقد بلغت الانتهاكات المسجّلة على جهتي الرصد والتوثيق ذروتها في شهر سبتمبر/أيلول، بواقع 394 و18 انتهاكاً على الترتيب.
وعن "الحرمان من الحرية التعسفي"، رصدت المؤسسة 1.686 انتهاكاً ضمن الحرمان من الحرية تعسفياً خلال فترة التقرير، توزّعت بين 1.580 انتهاكاً ضمن الاعتقال التعسفي، و76 انتهاكاً ضمن الاعتقال المتجدّد، و30 انتهاكاً ضمن توقيف الأفراد أو تقييد حريتهم في الحركة والتنقل. كما وثّق فريق المؤسسة 50 انتهاكاً ضمن التصنيف نفسه، توزّعوا بين الاعتقال التعسفي (49)، والاعتقال المتجدد (1)، وبلغت الانتهاكات الواقعة في شهر سبتمبر/أيلول 73 بالمائة (1235/1686)، على جهة الرصد، و70 بالمائة (35/50)، على جهة التوثيق.
وفي ملف "التعذيب"، رصدت المؤسسة 20 واقعة تعذيب خلال فترة التقرير، توزّعت بين 9 وقائع تعذيب جسدي و11 واقعة تعذيب نفسي، "ومثّلت الوقائع التي تمكنّا من رصدها في شهر سبتمبر/أيلول فقط، 75 بالمائة (15/20)، من إجمالي الانتهاكات"، وفي الفترة نفسها، نجح فريق المؤسسة في توثيق 38 واقعة تعذيب، توزّعت بين 4 وقائع في شهر يوليو/تموز، 8 وقائع في شهر أغسطس/آب، و26 واقعة في شهر سبتمبر.
وبشأن "الوفاة داخل مقار الاحتجاز"، رصدت "كوميتي فور جستس" 29 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز، توزّعت بين 25 حالة وفاة بسبب الحرمان من الرعاية الصحية، وحالة وفاة نتيجة التعذيب، وحالتي وفاة نتيجة سوء الأوضاع، بالإضافة لحالة انتحار ملتبسة، ويأتي أكبر عدد من الوفيات في شهر يوليو/تموز، من فترة التقرير، بواقع 12 حالة، مقارنة بـ9 و8 حالات في الشهرين التاليين على الترتيب.
وبشأن ملف "سوء أوضاع الاحتجاز"، رصدت "كوميتي فور جستس" 360 انتهاكاً ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، توزّعت بين 148 انتهاكاً ضمن الحرمان من الرعاية الصحية، و3 انتهاكات ضمن التغريب، 209 انتهاكات ضمن سوء معاملة السجناء والمعتقلين.
وعلى جهة التوثيق، وثّق التقرير نحو 48 بالمائة من الانتهاكات المرصودة، بواقع 176 انتهاكاً، توزّعت بين 126 انتهاكاً ضمن سوء المعاملة، و4 انتهاكات ضمن التعذيب، و46 انتهاكاً ضمن الحرمان من الرعاية الصحية.
ضمن الانتهاكات المرصودة لسوء المعاملة داخل مقار الاحتجاز، خلال مدة التقرير، جاء منع/تضييق الزيارات الأسرية، ومنع الوصول للماء والطعام النظيف ومواد النظافة، ومنع/تضييق/عدم انتظام ساعات التريض على رأس الانتهاكات، بواقع 79، 30، و31 انتهاكاً على التوالي، بينما سجّلت انتهاكات التكدّس وعدم نظافة الزنزانة وسوء التهوية أعلى عدداً من حيث الوقائع الموثقة، بواقع 27، و25، و24 انتهاكاً على التوالي.
كما رصدت "كوميتي فور جستس" 148 انتهاكاً ضمن الحرمان من الرعاية الصحية، تصدّرها رفض إجراء الفحوصات الطبية والامتناع عن توفير الدواء، بنسبة 30 بالمائة (45/148)، يليهما انتهاك "رفض العرض على الطبيب المختص"، و"منع دخول الأدوية بشكل رسمي" بنسبة 25 بالمائة لكليهما. كما بلغت نسبة الانتهاكات الموثّقة 31 بالمائة من إجمالي الانتهاكات المرصودة (46/148)، تصدّرتها انتهاكات المنع/التجريد من الدواء وتوقيع الكشف الطبي من طرف أطباء غير متخصّصين بنسبة 50 بالمائة (23/46).
وبين 20 محافظة، سجّل التقرير وقوع الانتهاكات بها خلال مدة التقرير، تصدّرت محافظتا القاهرة والشرقية بنحو 75% من إجمالي الانتهاكات المرصودة (1994/2652)، حيث بلغت نسبة الانتهاكات التي حدثت في قسم شرطة ديرب نجم (الشرقية)، ومنطقة سجون طرة (القاهرة)، وقسم شرطة فاقوس (الشرقية)، حوالي 32% من جملة الانتهاكات المرصودة.
ولاحظ التقرير تصدر الانتهاكات الواقعة بحق الضحايا الذين تنظر قضاياهم النيابة العامة ونيابة أمن الدولة العليا بنسبة 75 بالمائة (1994/2652)، من كافة الانتهاكات التي رصدتها "كوميتي فور جستس" خلال فترة التقرير. كما جاءت نسبة الانتهاكات للضحايا قيد "الحبس الاحتياطي" بنحو 79 بالمئة (2099/2652)، من إجمالي الانتهاكات المرصودة، ونحو 57.7 بالمائة (182/315)، من إجمالي الانتهاكات الموثقة خلال فترة التقرير. واتضح أيضاً بتحليل نوع ضحايا الانتهاكات المرصودة، وقوع 96.6% منها لضحايا ذكور، في مقابل 3.3% لضحايا من الإناث.
واتضح من توزيع البيانات زمنياً، ارتفاع عدد الانتهاكات المرصودة والموثّقة خلال شهر سبتمبر/أيلول مقارنة بشهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، حيث وقعت 65 بالمائة من إجمالي الانتهاكات المرصودة (1727/2652)، و60 بالمائة من إجمالي الانتهاكات الموثقة (192/315)، خلال سبتمبر فقط.
وبحسب المهن والوظائف، توضح الانتهاكات المرصودة التي تمكّنت "كوميتي فور جستس" من تحديد مهن/ وظائف ضحاياها، وقوع العدد الأكبر من الانتهاكات بحق الحرفيين (133 انتهاكاً)، مقابل 64 انتهاكاً بحقوق المدرسين، 58 انتهاكاً بحق الطلاب، 45 انتهاكاً بحق الموظفين، إلى آخره. كما توزّعت الانتهاكات الموثّقة بأنماط أكثر تساوياً بين الطلاب (10 انتهاكات)، والمهندسين (8)، والموظفين (7)، مقارنة بتركز الانتهاكات ضد الطلاب، والصحافيين، والحقوقيين في الفترات السابقة، وهو ما يبرز اتساع دائرة المستهدفين بانتهاكات حقوق الإنسان، خصوصاً أثناء فترة التقرير.
وتوصّلت "كوميتي فور جستس" لمعلومات عن انتشار 111 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، و220 إصابة مشتبه بها، بالإضافة لـ17 حالة وفاة داخل السجون ومقار الاحتجاز بالفيروس، وتحديداً في المقار الكائنة في محافظتي القاهرة والشرقية، اللتين سجلتا 89، و129 إصابة مشتبه بها ومؤكدة فيها، بحلول التاريخ المذكور، بحسب "عداد كورونا" الذي أطلقته "كوميتي فور جستس" لتتبع وتسجيل انتشار وباء كورونا داخل السجون ومقار الاحتجاز.
ورصدت المؤسسة رفع 30 شكوى أممية، تناولت أربع أنماط رئيسية من الانتهاكات: الاعتقال التعسفي، الاختفاء القسري، والحرمان من الرعاية الصحية، والانتقام من الضحايا وذويهم، تم قبول 7 منها. وكذلك 18 شكوى مقدمة من طرف المؤسسة، منها التعرّف إلى أماكن اختفاء 11 ضحية ضمن المختفين قسرياً، وصدور مذكرات أممية بالتواصل مع الحكومة المصرية أو بالرأي القانوني بخصوص الشكاوى التي رفعتها المؤسسة.