لا تزال الدراسة متوقّفة في فرع جامعة الفرات بمدينة الحسكة السورية منذ أشهر، عقب هجوم تنظيم "داعش" الأخير على سجن الصناعة، ما يهدّد مستقبل الطلاب، في ظل عدم توصل حكومة النظام إلى حلّ حقيقي مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
ويدرس نحو 30 ألف طالب وطالبة من أبناء الحسكة ومناطق سورية قريبة في فرع جامعة الفرات بالحسكة، ويتوزع هؤلاء الطلاب على 8 كليات و12 معهداً. ويبلغ عدد طلاب كلية الزراعة وحدها 2500 طالب، وفق تصريحات مدير فرع جامعة الفرات جمال العبدالله لوكالة "سانا".
واعتبر مراقبون ورجال تعليم أنّ الاجتماع الذي عقد في 21 إبريل/نيسان الجاري وضمّ محافظ الحسكة غسان حليم خليل وكوادر تعليمية وإدارية في جامعة الفرات، لم يسفر إلا عن حلول هزيلة غير واقعية، أقرب لمحاولة طيّ ملف الجامعة وإلغاء وجودها في الحسكة.
وأشار محافظ الحسكة غسان حليم خليل، إلى أنه "لا بدائل للعودة إلا بعودة الكليات المصممة لتلبية احتياجات الطلبة، بما فيها من مدرجات ومخابر"، وفق صحيفة الوطن الموالية للنظام.
لكن الحلول الهزيلة، وفق متابعين للملف، هي استخدام بعض المدارس كبديل، مع محاولة توسيط الروس للضغط على "قسد" واستعادة الكليات خلال ثلاثة أسابيع في حد أقصى، وفي حال تعثُّر هذه الخطوة، سيُنقَل طلاب كليتي الاقتصاد والهندسة المدنية إلى محافظة دير الزور، وطلاب جامعة قرطبة إلى محافظة حلب.
وقال عميد كلية الآداب في الجامعة سابقاً، فريد سعدون لـ"العربي الجديد"، إنّ حكومة النظام كانت تهدد على الدوام بنقل الجامعة إلى دير الزور، رغم أنّ مجمل عدد الطلاب في الكليات كافة لا يتجاوز هذا العام 12 ألف طالب، العدد نظري في الجامعة، وعدد المداومين يبلغ 6 آلاف تقريباً، وقد حدث دمار في كلية الاقتصاد والمعهد التقني والهندسة المدنية، واستولى "الأسايش" على كلية الزراعة بسبب توقف الدوام فيها، وبعد أحداث سجن الصناعة رفضت "قسد" تسليم الجامعة، بحجة أنها منطقة أمنية".
وتابع: "جرت عدة اجتماعات دون نتيجة، لكون "قسد" أصرت على الاحتفاظ بكليتي الهندسة المدنية والزراعة للضرورة الأمنية، كذلك أصرّت رئاسة الجامعة على تسليم الكليات رغم الخراب، و"قسد" عرضت تسليم كلية الزراعة، وتسليم مدرستين بدلاً من كلية الهندسة المدنية، لكن إدارتها رفضت".
من جهته، يرى المدرس عبد الحي (52 عاماً) الذي يقيم في مدينة القامشلي، أن هناك مشكلة جذرية بخصوص ملف التعليم في المحافظة، وقال لـ"العربي الجديد": "في محافظة الحسكة هناك جامعة قرطبة بالقامشلي، وهي دون مشاكل، ومع ذلك محافظ الحسكة يهدد دوماً بنقلها إلى مدينة حلب، إلى جانب جامعة الفرات التي تضرر فيها مبنيان نتيجة قربها من سجن الصناعة "غويران"، وتمركز مجموعات تابعة لقوات سورية الديمقراطية "قسد"، تحسباً لمرور عناصر من تنظيم "داعش".
وأضاف: "أساساً هناك مشكلة في العملية التربوية، فهي متوقفة في 90% من مدارس الحسكة، وبرضى النظام السوري، الذي يحارب التعليم في المنطقة بشكل واضح".
وبيّن عبد الحي أن من يدرس في جامعة الفرات، من أبناء الفئة الضعيفة والفقيرة، وليس بمقدورهم الدراسة في جامعات أخرى، ويذهبون إلى الحسكة بصعوبة بالغة، ومعظمهم من مناطق الريف البعيدة من المالكية أو القحطانية، وفرع جامعة الفرات الموجود في الحسكة آخر أمل لهم لمتابعة الدراسة الجامعية.
ويهدد تعطّل الدراسة في الجامعة الطلاب الذكور بضبابية وضياع مستقبلهم، وسط تهديدات بإجبارهم على الخدمة العسكرية، سواء من قبل النظام السوري، أو حتى قوات سورية الديمقراطية "قسد"، كذلك يحرم الطالبات حلم التخرج وبناء حياة مستقلة.
وتوضح لجين الخليل لـ"العربي الجديد"، أن توقف الدراسة في الجامعة هذا العام يؤخرها عاماً كاملاً عن التخرج، في حين أن إدارة الجامعة يمكن أن تلجأ إلى حلول، منها متابعة التعليم عن بعد، لكن لا نية لديها. وتضيف: "ليس لدى أهلي القدرة المالية على إرسالي للدراسة في جامعة بمحافظة أخرى، لذلك أتمنى افتتاح الجامعة من جديد".