تونسيون يعارضون ترحيل المهاجرين الأجانب

06 يناير 2023
قرر عدد من المهاجرين الاستقرار في تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش الثلاثينية السنغالية إيلانا في تونس منذ أربع سنوات، وقد وصلت إلى البلاد عبر رحلة بحرية سرية كانت متجهة من ليبيا إلى إيطاليا، حين تسبب دخول القارب إلى المياه الإقليمية التونسية في إحباط مخطط الوصول إلى الضفة الأوروبية، بعد اكتشاف الحرس البحري التونسي له إضافة إلى رحلات مماثلة في نفس الليلة.
تقول إيلانا لـ"العربي الجديد"، إنّها لم تتوقع البقاء في تونس كلّ هذه الفترة. "كنت أخطط للسفر مجدداً في رحلة هجرة سرية إلى أوروبا. لكنني تأقلمت مع المجتمع التونسي، وعملت في صالون حلاقة، ما جعلني أعدل عن فكرة الهجرة، وأقرر العيش في تونس. لكن يظل وضعي مشابهاً لأوضاع آلاف المهاجرين السريين المهددين بالترحيل في أي وقت في حال صدور قرار بترحيل المهاجرين، طالما أنّهم غير مهددين في بلدانهم بنزاعات مسلحة أو حروب".

طرحت قضية ترحيل المهاجرين الأجانب من تونس أكثر من مرّة في السابق، لكن العديد من المنظمات الحقوقية تتصدى لأي قرار يتخذ في هذا الشأن، معتبرة أنّه "غير قانوني، وغير إنساني". لكن حكومة نجلاء بودن أعلنت خلال مجلس وزاري مؤخراً، ضرورة الشروع في ترحيل المهاجرين الذين لا يملكون وضعية قانونية، على أن تبدأ الإجراءات في أقرب وقت.
وأكدت رئاسة الحكومة أن مكوث مجموعة من المهاجرين في مركز شبابي تابع للدولة بمدينة المرسى بضواحي تونس العاصمة منذ أكثر من خمس سنوات تسبب في تعطيل عمل المركز، وذلك بسبب رفضهم مغادرة المكان الذي يعيشون فيه
منذ غلق مخيم الشوشة في الجنوب التونسي سنة 2017، والذي خصصته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإيوائهم، وكان يضم آلاف المهاجرين الفارين من الحرب في ليبيا.
ويدخل المئات من المهاجرين سنوياً إلى الأراضي التونسية عبر الهجرة السرية، ويعيش هؤلاء في مختلف المدن والأحياء، ويعملون في شتى المهن، من أشغال البناء إلى الفلاحة والحرف اليدوية وغيرها من المهن، ويعيش معظمهم بطريقة غير قانونية، ويعملون من دون عقود، أو حقوق تشغيل.
وبات بعضهم يُفضل البقاء في تونس، والبعض الآخر لا يزال يفكر في الهجرة إلى أوروبا. ومع ذلك، لم تطرح الحكومة في السابق ترحيلهم إلى بلدانهم على الرّغم من أنّهم دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، ويُقيمون فيها بشكل غير قانوني، ومن دون أن تخصص الدولة أي مكان لإيوائهم.

يخطط مهاجرون لمغادرة تونس إلى أوروبا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
يخطط مهاجرون لمغادرة تونس إلى أوروبا (فتحي بلعيد/فرانس برس)

لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المهاجرين في تونس، أو جنسياتهم. وكمثال، تقدر إحصاءات غير رسمية عدد من يحملون جنسية ساحل العاج في البلاد بنحو 20 ألفاً، بينما الأرقام الرسمية تدور حول نحو 10 آلاف فقط.
وندد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بقرار رئاسة الحكومة ترحيل المهاجرين من تونس، وقال عضو المنتدى، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إنّه "مثلما نرفض ترحيل التونسيين من إيطاليا وفرنسا وألمانيا، فإننا نرفض أيضاً ترحيل أي مهاجر أجنبي من تونس إلى بلده".
ويؤكد بن عمر أنّ "بعض هؤلاء قادمون من بلدان تشهد نزاعات مسلحة أو مشاكل سياسية، وعودتهم تمثل خطراً على حياتهم، فيما يعيش آلاف آخرون في تونس من دون أوراق ثبوتية، فكيف سيتم ترحيلهم، أو حتى تحديد قائمة بعددهم، وجنسياتهم، والحال أنّ أغلبهم دخلوا إلى البلاد بطرق غير قانونية. تونس لا يجب أن تتبع سياسة الترحيل القسري التي ترفضها المواثيق الدولية، بل يجب إيجاد حلّ غير ترحيل المهاجرين. إذا تمّ ترحيل هؤلاء، فإنّ ذلك سيفتح الباب أمام ترحيل غيرهم من تونس".
ولا يستطيع آلاف المهاجرين تسوية أوضاعهم القانونية في تونس، وهو ما لا يريده أغلبهم في الأصل، لأنّ هدفهم الأساسي هو استكمال الهجرة نحو أوروبا، فيما بعضهم استقروا بالفعل بعد إيجاد عمل، وعدلوا عن فكرة الهجرة على الرّغم من كونهم يعيشون بلا أوراق، ويعملون بطرق لا تضمن لهم أية حقوق.

وكشفت إحصاءات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن قوات خفر السواحل اعترضت أكثر من 25 ألف مهاجر سرّي خلال عام 2021، وهو ضعف العدد الذي تمّ تسجيله في عام 2020، وأن هؤلاء ينتشرون في كل المدن التونسية حالياً، لا سيما الكبيرة التي تتوفر فيها فرص عمل، كما يوجد عدد قليل منهم في المناطق الريفية، وأغلب هؤلاء يعملون في الزراعة.
وطرح الاتحاد التونسي للشغل، أكبر منظمة للعمل في البلاد، حلاً لدعم العمال المهاجرين من خلال ضم عدد كبير منهم إلى صفوفه، ليتولى الدفاع عن حقوقهم المهنية، خاصة من يعملون بعقود قانونية في مؤسسات منظمة.

المساهمون